الآية- 23

وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿23﴾

القراءة:

قرأ أهل المدينة والشام هيت لك بكسر الهاء وفتح التاء وقرأ ابن كثير هيت لك بفتح الهاء وضم التاء وقرأ الباقون ﴿هيت لك﴾ بفتح الهاء والتاء وروي عن علي (عليه السلام) وأبي رجاء وأبي وائل ويحيى بن وثاب هئت لك بالهمزة وضم التاء وروي ذلك على خلاف فيه عن ابن عباس وعن عكرمة ومجاهد وقتادة وروي عن ابن عباس أيضا هيت لك بفتح الهاء وكسر التاء وروي ذلك عن أبي الأسود وابن أبي إسحاق وابن محيصن وعيسى الثقفي وروي أيضا عن ابن عباس هيئت لك أيضا.

الحجة:

قال الزجاج في هيت لك لغات أجودها هيت لك بفتح الهاء والتاء قال الشاعر:

أبلغ أمير المؤمنين

أخا العراق إذا أتيتا

إن العراق وأهله

عنق إليك فهيت هيتا أي فأقبل وتعال وحكى قطرب أنه أنشده بعض أهل الحجاز لطرفة:

ليس قومي بالأبعدين إذا ما

قال داع من العشيرة هيت

هم يجيبون ذا هلم سراعا

كالأبابيل لا تغادر بيتا فهذا شاهد لابن كثير وكلها أسماء سمي بها الفعل بمنزلة صه ومه وأيه والحركات في أواخرها لالتقاء الساكنين وأما الفتح فلأن قبل التاء ياء فهو كما قيل أين وكيف والكسر لأن الأصل في التقاء الساكنين حركة الكسر وأما الضم فلأنها في معنى الغايات كأنها قالت دعائي لك فلما حذفت الإضافة وتضمنت هيت معناها بنيت على الضم كما بنيت حيث ومنذ وأما هئت بالهمزة وضم التاء ففعل تقول هئت أهيء هيئة أي تهيأت وقالوا أيضا هئت أهاء كخفت أخاف وأما هيئت لك ففعل صريح كقولك أصلحت لك واللام تتعلق بنفس هيت وهيت وهيت وهئت كما يتعلق بنفس هلم في قولك هلم لك.

اللغة:

المراودة المطالبة بأمر بالرفق واللين ليعمل به ومنه المرود لأنه يعمل به ولا يقال في المطالبة بدين راوده وأصله من راد يرود إذا طلب المرعى وفي المثل الرائد لا يكذب أهله وهو في الآية كناية عما تريده النساء من الرجال والتغليق إطباق الباب بما يعسر فتحه وإنما شدد ذلك لتكثير الأغلاق أو للمبالغة في الإيثاق.

الإعراب:

﴿معاذ الله﴾ نصب على المصدر على تقدير أعوذ بالله معاذا تقول عذت بالله عوذا ومعاذا وعياذا ومعاذة.

المعنى:

ثم أخبر سبحانه عن امرأة العزيز وما همت به فقال ﴿وراودته التي هو في بيتها عن نفسه﴾ أي وطالبت يوسف المرأة التي كان يوسف في بيتها عن نفسه وهي زليخا والمعنى طلبت منه أن يواقعها ﴿وغلقت الأبواب﴾ على نفسها وعليه بابا بعد باب قالوا وكانت سبعة أبواب وقيل أراد باب الدار وباب البيت ﴿وقالت هيت لك﴾ أي هلم لك عن ابن عباس والحسن ومعناه أقبل وبادر إلى ما هو مهيا لك ﴿قال﴾ يوسف ﴿معاذ الله﴾ أي أعتصم بالله وأستجير به مما دعوتني إليه وتقديره عياذا بالله أن أجيب إلى هذا فكان (عليه السلام) أظهر الآباء وسأل الله سبحانه أن يعيذه ويعصمه من فعل ما دعته إليه ﴿إنه ربي أحسن مثواي﴾ الهاء عائدة إلى زوجها عند أكثر المفسرين ومعناه أن العزيز زوجك مالكي أحسن تربيتي وإكرامي وبسط يدي ورفع منزلتي فلا أخونه وإنما سماه ربا لما كان ثبت له عليه من الرق في الظاهر وقيل أن الهاء عائد إلى الله سبحانه والمعنى أن الله ربي رفع من محلي وأحسن إلى وجعلني نبيا فلا أعصيه أبدا ﴿إنه لا يفلح الظالمون﴾ دل بهذا على أنه لو فعل ما دعته إليه لكان ظالما وفي هذه الآية دلالة على أن يوسف لم يهم بالفاحشة ولم يردها بقبيح لأن من هم بالقبيح لا يقول مثل ذلك.