الآيات 61-65

وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿61﴾ وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿62﴾ وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿63﴾ إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿64﴾ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴿65﴾

القراءة:

في الشواذ قراءة ابن عباس وقتادة والضحاك وأنه لعلم بفتح العين واللام أي أمارة وعلامة.

المعنى:

ثم رجع سبحانه إلى ذكر عيسى (عليه السلام) فقال ﴿وإنه لعلم للساعة﴾ يعني أن نزول عيسى (عليه السلام) من أشراط الساعة يعلم بها قربها ﴿فلا تمترن بها﴾ أي بالساعة فلا تكذبوا بها ولا تشكوا فيها عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك والسدي وقال ابن جريح أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم تعال صل بنا فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأمة أورده مسلم في الصحيح وفي حديث آخر كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم وقيل إن الهاء في قوله ﴿وإنه﴾ يعود إلى القرآن ومعناه أن القرآن لدلالة على قيام الساعة والبعث يعلم به ذلك عن الحسن وقيل معناه أن القرآن لدليل الساعة لأنه آخر الكتب أنزل على آخر الأنبياء عن أبي مسلم وقوله ﴿واتبعون هذا صراط مستقيم﴾ معناه واتبعوني فيما أمركم به هذا الذي أنا عليه طريق واضح قيم ﴿ولا يصدنكم الشيطان﴾ أي ولا يصرفنكم الشيطان بوساوسه عن دين الله ﴿إنه لكم عدو مبين﴾ بين العداوة يدعوكم إلى الضلال الذي هو سبب هلاككم ثم أخبر سبحانه عن حال عيسى (عليه السلام) حين بعثه الله نبيا فقال ﴿ولما جاء عيسى بالبينات﴾ أي بالمعجزات الدالة على نبوته وقيل بالإنجيل عن قتادة ﴿قال﴾ لهم ﴿قد جئتكم بالحكمة﴾ أي بالنبوة عن عطاء وقيل بالعلم بالتوحيد والعدل والشرائع ﴿ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه﴾ قيل إن المعنى كل الذي تختلفون فيه كقول لبيد:

أو يخترم بعض النفوس حمامها

أي كل النفوس وكقول القطامي:

قد يدرك المتأني بعض حاجته

وقد يكون من المستعجل الزلل

أي كل حاجته عن أبي عبيدة قال الزجاج والصحيح أن البعض لا يكون في معنى الكل والذي جاء به عيسى في الإنجيل إنما هو بعض الذي اختلفوا فيه وبين لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه وقول الشاعر:

أو يخترم بعض النفوس حمامها

إنما يعني نفسه وقيل معناه لأبين لكم ما تختلفون فيه من أمور الدين دون أمور الدنيا ﴿فاتقوا الله﴾ بأن تجتنبوا معاصيه وتعملوا بالطاعات ﴿وأطيعون﴾ فيما أدعوكم إليه ﴿إن الله هو ربي وربكم﴾ الذي تحق له العبادة ﴿فاعبدوه﴾ خالصا ولا تشركوا به شيئا ﴿هذا صراط مستقيم﴾ يفضي بكم إلى الجنة وثواب الله ﴿فاختلف الأحزاب من بينهم﴾ يعني اليهود والنصارى اختلفوا في أمر عيسى ﴿فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم﴾ قد مر تفسير الآية في سورة مريم.