الآيات 61-68

وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ﴿61﴾ قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿62﴾ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ﴿63﴾ وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ﴿64﴾ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ﴿65﴾ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴿66﴾ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿67﴾ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ ﴿68﴾

القراءة:

قرأ أهل المدينة غير إسماعيل والكسائي والبرجمي والشموني عن أبي بكر عن عاصم ومن خزي يومئذ بفتح الميم هاهنا وعذاب يومئذ في المعارج والباقون بكسر الميم على الإضافة وقرأ حمزة وحفص عن عاصم ويعقوب ﴿ألا إن ثمودا﴾ غير منون في جميع القرآن وقرأ الباقون ثمودا بالتنوين هاهنا وفي الفرقان والعنكبوت والنجم لأنه مكتوب بالألف في هذه المواضع وأبو بكر عن عاصم يقرأ وثمود في والنجم بغير تنوين وينون الباقي وروى عنه البرجمي ومحمد بن غالب عن الأعشى في والنجم بالتنوين أيضا وقرأ الكسائي وحده ألا بعدا لثمود بالجر والتنوين والباقون ﴿لثمود﴾ بفتح الدال.

الحجة:

قال أبو علي قوله ومن خزي يومئذ يوم في قوله يومئذ ظرف فتحت أو كسرت في المعنى إلا أنه اتسع فيه فجعل اسما كما اتسع في قوله ﴿بل مكر الليل والنهار﴾ فأضيف المكر إليهما وإنما هو فيهما فكذلك العذاب والخزي والفزع في قوله من فزع يومئذ أضفن إلى اليوم والمعنى على أن ذلك كله في اليوم كما أن المكر في الليل والنهار يدلك على ذلك قوله ﴿ولعذاب الآخرة أخزى﴾ وقوله ﴿لا يحزنهم الفزع الأكبر﴾ وقوله ﴿ففزع من في السموات ومن في الأرض﴾ وقوله ﴿ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته﴾ وأما من كسر الميم من يومئذ فلأن يوما اسم معرب فأضيف إليه ما أضيف من العذاب والخزي والفزع فانجر بالإضافة ولم يفتح اليوم فتبنيه لإضافته إلى المبني لأن المضاف منفصل من المضاف إليه ولا يلزمه الإضافة فلما لم يلزم الإضافة المضاف لم يلزم فيه البناء يدلك على ذلك أنك تقول ثوب خز ودار زيد فلا يجوز فيه إلا الإعراب وإن كان الاسمان جعلا بمعنى الحرف فلم يلزمها البناء كما يلزم ما لا ينفك منه معنى الحرف نحو أين وكيف ومتى فلما لم يبن المضاف للإضافة وإن كان قد عمل عمل الحرف من حيث كان غير لازم كذلك لم يبن يوم للإضافة إلى إذ لأن إضافته لم تلزم كما لم يبن المضاف وإن كان قد عمل في المضاف إليه بمعنى اللام أو بمعنى من لما لم تلزم الإضافة وأما من فتح فقال من عذاب يومئذ ومن خزي يومئذ ففتح مع أنه في موضع جر فلأن المضاف يكتسي من المضاف إليه التعريف والتنكير ومعنى الاستفهام والجزاء في نحو غلام من تضرب وغلام من تضرب أضربه والنفي في نحو قولهم ما أخذت باب دار أحد فلما كان يكتسي من المضاف إليه هذه الأشياء اكتسى منه الإعراب والبناء أيضا إذا كان المضاف من الأسماء الشائعة نحو يوم وحين ومثل ويشبه بهذا الشياع الأسماء الشائعة المبنية نحو أين وكيف ولو كان المضاف مخصوصا نحو رجل وغلام لم يكتس منه البناء كما اكتسى منه الأسماء الشائعة فمما جاء من ذلك قوله:

على حين عاتبت المشيب على الصبا

وقلت ألما أصح والشيب وازع

ومن ذلك قوله ﴿إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون﴾ فمثل في موضع رفع في قول سيبويه وقد جرى وصفا على النكرة إلا أنه فتح للإضافة إلى ما ومن ذلك قول الشاعر:

وتداعى مدخراه بدم

مثل ما أثمر حماض الجبل

لما أضاف مثل إلى المبني وكان اسما شائعا بناه ولم يعربه وذهب أبو عثمان إلى أنه جعل مثلا مع ما بمنزلة اسم واحد فبني مثلا على الفتح ولا دلالة قاطعة على هذا القول في هذا البيت وإن كان ما ذهب إليه مستقيما فأما الكسرة في إذ فلالتقاء الساكنين وذلك إن إذ من حكمها أن تضاف إلى الجملة من الابتداء والخبر فلما اقتطعت عنها الإضافة نونت ليدل التنوين على أن المضاف إليه قد حذف فكسرت الذال لسكونها وسكون التنوين وقال في صرف ثمود وترك صرفه أن هذه الأسماء التي تجري على القبائل والأحياء على ضروب (أحدها) أن يكون اسما للحي والأب (والآخر) أن يكون اسما للقبيلة (والثالث) أن يكون الغالب عليه الأب والحي والقبيلة (والرابع) أن يستوي ذلك في الاسم فيجري على الوجهين ولا يكون لأحد الوجهين مزية على الآخر في الكثرة فمما جاء على أنه اسم الحي قولهم ثقيف وقريش وكل ما لا يقال فيه بنو فلان وأما ما جاء اسما للقبيلة فنحو تميم قالوا تميم بنت مر قال سيبويه سمعناهم يقولون قيس ابنة غيلان وتميم صاحبة ذلك وقالوا تغلب ابنة وائل قال:

لو لا فوارس تغلب ابنة وائل

نزل العدو عليك كل مكان

وأما ما غلب عليه اسم الحي أو القبيلة فقد قالوا بأهلة بن أعصر وقالوا يعصر وبأهلة اسم امرأة قال سيبويه ولكنه جعل اسم الحي ومجوس لم يجعل إلا اسم القبيلة وتميم أكثرهم يجعله اسم القبيلة ومنهم من يجعله اسم الأب فأما ما استوى فيه أن يكون اسما للقبيلة وأن يكون اسما للحي فقال سيبويه هو ثمود وسبأ فهما مرة للقبيلتين ومرة للحيين وكثرتهما سواء قال وعادا وثمودا وقال ﴿ألا إن ثمودا كفروا ربهم﴾ وقال ﴿وآتينا ثمود الناقة﴾ فإذا استوى في ثمود أن يكون مرة للقبيلة ومرة للحي فلم يكن لحمله على أحد الوجهين مزية في الكثرة فمن صرف في جميع المواضع كان حسنا ومن لم يصرف في جميع المواضع كان حسنا وكذلك أن صرف في موضع ولم يصرف في موضع آخر إلا أنه لا ينبغي أن يخرج عما قرأت به القراء فإن القراءة سنة متبعة ومن ذلك قول الشاعر:

كسا الله حي تغلب ابنة وائل

من اللؤم أظفارا بطيء نصولها فقال حي ثم قال ابنة وائل فجمع بين الحي والقبيلة وأما قوله:

أولئك أولى من يهود لمدحه

إذا أنت يوما قلتها لم تؤنب فقد قامت الدلالة على أن يهود استعملت على أنها للقبيلة وليس للحي في قوله أولئك أولى من يهود لأن يهود لو كان للحي لصرف وأنشد أبو الحسن:

فرت يهود وأسلمت جيرانها

صمي لما فعلت يهود صمام وكذلك جاء في الحديث تقسم يهود ومثل يهود في هذا مجوس في قول الشاعر:

كنار مجوس تستعر استعارا أ لا ترى أنه لو كان للحي دون القبيلة لأنصرف.

اللغة:

الإنشاء إيجاد ابتداء من غير استعانة بشيء من الأسباب وأنشأ فلان حديثا أو شعرا والاستعمار جعل القادر يعمر الأرض كعمارة الدار ومنه العمرى في الفقه وهو أن يقول أعطيتك هذه الدار عمري أو عمرك والمس واللمس بمعنى وفرق علي بن عيسى بينهما بأن المس قد يكون بين جمادين واللمس لا يكون إلا بين حيين لما فيه من الإدراك والجثوم السقوط على الوجه وقيل هو القعود على الركبة وغني بالمكان إذا أقام به والمغنى المنزل قال النابغة:

غنيت بذلك إذ هم لك جيرة

منها بعطف رسالة وتودد وأصل الغنى الاكتفاء ومنه الغنى بالمال والغناء بالمد الصوت الذي يكتفي به والغناء الاكتفاء بحال الشيء ومنه غني بالمكان لاكتفائه بالإقامة فيه.

الإعراب:

أرأيتم لا مفعول له هاهنا لأنه معلق كما يعلق إذا دخل الجملة لام الابتداء في مثل قوله قد رأيت لزيد خير منك فكذلك الجزاء وجواب أن الأولى الفاء وجواب أن الثانية محذوف وتقديره إن عصيته فمن ينصرني إلا أنه استغني بالأول فلم يظهر ومن ينصرني صورته صورة الاستفهام ومعناه النفي فكأنه قال فلا ناصر لي من الله إن عصيته وإنما جاز إلغاء رأيت هنا لأنها دخلت على جملة قائمة بنفسها من جهة أنها تفيد لو انفردت عن غيرها وهو يتعلق بمعناها دون تفصيل لفظها وقوله ﴿فيأخذكم﴾ جواب النهي بالفاء ولذلك نصبه وتقديره لا يقع منكم مسها بسوء فأن يأخذكم عذاب قريب أي فأخذ عذاب عاجل إياكم وأيام أصله أيوام قلبت الواو ياء وأدغمت الياء الأولى فيها.

المعنى:

ثم عطف سبحانه على ذلك قصة صالح فقال ﴿وإلى ثمود أخاهم صالحا﴾ وكان ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام وكان عاد باليمن عن الجبائي ف ﴿قال﴾ لهم صالح ﴿يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره﴾ مضى تفسيره ﴿هو أنشأكم من الأرض﴾ أي ابتدأ خلقكم من الأرض لأنه خلق آدم من الأرض ومرجع نسبكم إليه ﴿واستعمركم فيها﴾ أي جعلكم عمار الأرض بأن مكنكم من عمارتها وأحوجكم إلى السكنى فيها وقيل معناه وأعمرها لكم مدة إعماركم من العمرى عن مجاهد وقيل معناه وأطال فيها أعماركم عن الضحاك قال وكانت أعمارهم من ألف سنة إلى ثلاثمائة سنة وقيل معناه أمركم من عمارتها بما تحتاجون إليه من المساكن والزراعات وغرس الأشجار وفي هذا دلالة على فساد قول من حرم المكاسب لأنه سبحانه امتن على عباده بأن مكنهم من عمارة الأرض ولو كان ذلك محرما لم يكن لذلك وجه ﴿فاستغفروه ثم توبوا إليه﴾ أي فاستغفروه من الشرك والذنوب ثم دوموا على التوبة ﴿إن ربي قريب﴾ برحمته لمن وحده ﴿مجيب﴾ لمن دعاه ﴿قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا﴾ أي كنا نرجو منك الخير لما كنت عليه من الأحوال الجميلة قبل هذا القول فالآن يئسنا منك ومن خيرك بإبداعك ما أبدعت وقيل معناه كنا نرجوك ونظنك عونا لنا على ديننا ﴿أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا﴾ استفهام معناه الإنكار كأنهم أنكروا أن ينهى الإنسان عن عبادة ما عبده آباؤه ﴿وإننا لفي شك مما تدعونا إليه﴾ من الدين ﴿مريب﴾ موجب للريبة والتهمة إذ لم يكن آباؤنا في جهالة وضلالة ﴿قال﴾ صالح لهم ﴿يا قوم أ رأيتم إن كنت على بينة من ربي﴾ مر بيانه فيما قبل ﴿وآتاني منه رحمة﴾ أي وأعطاني الله منه نعمة وهي النبوة ﴿فمن ينصرني من الله إن عصيته﴾ أي فمن يمنع عذاب الله عني إن عصيته مع نعمته علي ﴿فما تزيدونني غير تخسير﴾ أي ما تزيدونني بقولكم ﴿أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا﴾ غير نسبتي إياكم إلى الخسارة والتخسير مثل التفسيق والتفجير قال ابن الأعرابي يريد غير تخسير لكم لا لي وقال ابن عباس ما تزيدونني إلا بصيرة في خسارتكم وقيل معناه إن أجبتكم إلى ما تدعونني إليه كنت بمنزلة من يزداد الخسران ﴿ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية﴾ أشار إلى ناقته التي جعلها الله معجزته لأنه سبحانه أخرجها لهم من جوف صخرة يشاهدونها على تلك الصفة وخرجت كما طلبوه وهي حامل وكانت تشرب يوما جميع الماء فتنفرد به ولا ترد الماء معها دابة فإذا كان يوم لا ترد فيه وردت الواردة كلها الماء وهذا أعظم آية ومعجزة وانتصب آية على الحال من ناقة الله فكأنه قال انتبهوا إليها في هذه الحال والمعنى إن شككتم في نبوتي فهذه الناقة معجزة لي وأضافها إلى الله تشريفا لها كما يقال بيت الله ﴿فذروها تأكل في أرض الله﴾ أي فاتركوها في حال أكلها فتكون ﴿تأكل في أرض الله﴾ جملة منصوبة الموضع على الحال ويجوز أن يكون مرفوعا على الاستئناف والمعنى فإنها تأكل في أرض الله من العشب والنبات ﴿ولا تمسوها﴾ أي لا تصيبوها ﴿بسوء﴾ قتل أو جرح أو غيره ﴿فيأخذكم﴾ إن فعلتم ذلك ﴿عذاب قريب﴾ أي عاجل فيهلككم ﴿فعقروها﴾ أي عقرها بعضهم ورضي به البعض وإنما عقرها أحمر ثمود وضربت به العرب المثل في الشؤم ﴿فقال﴾ صالح ﴿تمتعوا في داركم ثلاثة أيام﴾ أي تلذذوا بما تريدون من المدركات الحسنة من المناظر والأصوات وغيرها مما يدرك بالحواس في بلادكم ثلاثة أيام ثم يحل بكم العذاب بعد ذلك ويقال للبلاد دار لأنها تجمع أهلها كما تجمع الدار أهلها ومنه قولهم ديار ربيعة وديار مضر وقيل ﴿في داركم﴾ يعني دار الدنيا وقيل معنى قوله ﴿تمتعوا في داركم﴾ عيشوا في بلدكم وعبر عن الحياة بالتمتع لأن الحي يكون متمتعا بالحواس قالوا لما عقرت الناقة صعد فصيلها الجبل ورغا ثلاث مرات فقال صالح لكل رغوة أجل يوم فاصفرت ألوانهم أول يوم ثم احمرت في الغد ثم اسودت اليوم الثالث فهو قوله ﴿ذلك وعد غير مكذوب﴾ أي إن ما وعدتكم به من العذاب ونزوله بعد ثلاثة أيام وعد صدق لا كذب فيه وروى جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما نزل الحجر في غزوة تبوك قام فخطب الناس وقال يا أيها الناس لا تسألوا نبيكم الآيات فهؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث لهم الناقة وكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم ورودها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يشربون من مائها يوم غبها فعتوا عن أمر ربهم ﴿فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام﴾ وكان وعدا من الله غير مكذوب ثم جاءتهم الصيحة فأهلك الله من كان في مشارق الأرض ومغاربها منهم إلا رجلا كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله تعالى يقال له أبو رغال قيل له يا رسول الله من أبو رغال قال أبو ثقيف ﴿فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا﴾ مر تفسيره في قصة عاد ﴿ومن خزي يومئذ﴾ قال ابن الأنباري هذا معطوف على محذوف تقديره نجيناهم من العذاب و﴿من خزي يومئذ﴾ أي من الخزي الذي لزمهم ذلك اليوم والخزي العيب الذي تظهر فضيحته ويستحي من مثله ﴿إن ربك هو القوي﴾ أي القادر على ما يشاء ﴿العزيز﴾ الذي لا يمتنع عليه شيء ولا يمنع عما أراده ﴿وأخذ الذين ظلموا الصيحة﴾ قيل إن الله سبحانه أمر جبرائيل فصاح بهم صيحة ماتوا عندها ويجوز أن يكون الله تعالى خلق تلك الصيحة التي ماتوا عندها ﴿فأصبحوا في ديارهم﴾ أي منازلهم ﴿جاثمين﴾ أي ميتين واقعين على وجوههم ويقال جاثمين أي قاعدين على ركبهم وإنما قال ﴿فأصبحوا﴾ لأن العذاب أخذهم عند الصباح وقيل أتتهم الصيحة ليلا فأصبحوا على هذه الصفة والعرب تقول عند الأمر العظيم وا سوء صباحاه ﴿كأن لم يغنوا فيها﴾ أي كأن لم يكونوا في منازلهم قط لانقطاع آثارهم بالهلاك إلا ما بقي من أجسادهم الدالة على الخزي الذي نزل بهم ﴿ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود﴾ قد سبق تفسيره.