الآيات 12-21

رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿12﴾ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ﴿13﴾ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴿14﴾ إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ﴿15﴾ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴿16﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴿17﴾ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿18﴾ وَأَنْ لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴿19﴾ وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ ﴿20﴾ وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ﴿21﴾

الإعراب:

﴿يوم نبطش﴾ منصوب بقوله ﴿إنا كاشفوا العذاب قليلا﴾ ويجوز أن ينتصب بمضمر دل عليه منتقمون ولا ينتصب بقوله ﴿منتقمون﴾ لأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبله.

المعنى:

ثم لما أخبر سبحانه أن الدخان يغشى الناس عذابا لهم وأنهم قالوا ويقولون على ما فيه من الخلاف هذا عذاب أليم حكى عنهم أيضا قولهم ﴿ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون﴾ بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والقرآن قال سبحانه ﴿أنى لهم الذكرى﴾ أي من أين لهم التذكر والاتعاظ وكيف يتذكرون ويتعظون ﴿وقد جاءهم رسول مبين﴾ أي وحالهم أنهم قد جاءهم رسول ظاهر الصدق والدلالة ﴿ثم تولوا عنه﴾ أي أعرضوا عنه ولم يقبلوا قوله ﴿وقالوا معلم مجنون﴾ أي هو معلم يعلمه بشر مجنون بادعاء النبوة ثم قال سبحانه ﴿إنا كاشفوا العذاب﴾ أي عذاب الجوع والدخان ﴿قليلا﴾ أي زمانا قليلا يسيرا إلى يوم بدر عن مقاتل ﴿إنكم عائدون﴾ في كفركم وتكذيبكم فلما كشف الله سبحانه ذلك عنهم بدعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واستسقائه لهم عادوا إلى تكذيبه هذا على تأويل من قال إن ذلك الدخان كان وقت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأما على القول الآخر فمعناه أنكم عائدون إلى العذاب الأكبر وهو عذاب جهنم والقليل مدة ما بين العذابين ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى﴾ أي واذكر لهم ذلك اليوم يعني يوم بدر على القول الأول قالوا لما كشف عنهم الجوع عادوا إلى التكذيب فانتقم الله منهم يوم بدر وعلى القول الآخر البطشة الكبرى تكون يوم القيامة والبطش هو الأخذ بشدة وقع الألم ﴿إنا منتقمون﴾ منهم ذلك اليوم ثم قال سبحانه ﴿ولقد فتنا قبلهم﴾ أقسم سبحانه أنه فتن قبل كفار قوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿قوم فرعون﴾ أي اختبرهم وشدد عليهم التكليف لأن الفتنة شدة التعبد وأصلها الإحراق بالنار لخلاص الذهب من الغش وقيل إن الفتنة معاملة المختبر ليجازي بما يظهر دون ما يعلم مما لا يظهر ﴿وجاءهم رسول كريم﴾ أي كريم الأخلاق والأفعال بالتجاوز والصفح والدعاء إلى الصلاح والرشد وقيل كريم عند الله بما استحق بطاعته من الإكرام والإعظام وقيل كريم شريف في قومه من بني إسرائيل ﴿أن أدوا إلي عباد الله﴾ هذا من قول موسى (عليه السلام) لفرعون وقومه والمعنى أطلقوا بني إسرائيل من العذاب والتسخير فإنهم أحرار فهو كقوله ﴿فأرسل معي بني إسرائيل﴾ فيكون عباد الله مفعول أدوا وقال الفراء معناه أدوا إلي ما أمركم به يا عباد الله ﴿إني لكم رسول أمين﴾ على ما أؤديه وأدعوكم إليه ﴿وأن لا تعلوا على الله﴾ أي لا تتجبروا على الله بترك طاعته عن الحسن وقيل لا تتكبروا على أولياء الله بالبغي عليهم وقيل: لا تبغوا عليه بكفران نعمه وافتراء الكذب عليه عن ابن عباس وقتادة ﴿إني آتيكم بسلطان مبين﴾ أي بحجة واضحة يظهر الحق معها وقيل بمعجز ظاهر يبين صحة نبوتي وصدق مقالتي فلما قال ذلك توعدوه بالقتل والرجم فقال ﴿وإني عذت بربي وربكم﴾ أي لذت بمالكي ومالككم والتجأت إليه ﴿أن ترجمون﴾ أي من أن ترموني بالحجارة عن قتادة وقيل إن الرجم الذي استعاذ منه موسى هو الشتم كقولهم هو ساحر كذاب ونحوه عن ابن عباس وأبي صالح ﴿وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون﴾ أي إن لم تصدقوني فاتركوني لا معي ولا علي وقيل معناه فاعتزلوا أذاي عن ابن عباس.