الآيات 40-45

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴿40﴾ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴿41﴾ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴿42﴾ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ﴿43﴾ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴿44﴾ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴿45﴾

الإعراب:

﴿واستمع يوم يناد المناد﴾ تقديره واستمع حديث يوم ينادي المنادي فحذف المضاف وهو مفعول به وليس بالظرف و﴿يوم يسمعون﴾ بدل من يوم يناد المناد وكذلك ﴿يوم تشقق الأرض﴾ ويجوز أن ينتصب ﴿يوم تشقق﴾ بقوله وإلينا المصير أي يصيرون إلينا في ذلك اليوم.

المعنى:

ثم قال سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) والمراد به جميع المكلفين ﴿واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب﴾ أي أصغ إلى النداء وتوقعه يعني صيحة القيامة والبعث والنشور ينادي بها المنادي وهي النفخة الثانية ويجوز أن يكون المراد واستمع ذكر حالهم يوم ينادي المنادي وقيل أنه ينادي مناد من صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المنقطعة واللحوم المتمزقة قومي لفصل القضاء وما أعد الله لكم من الجزاء عن قتادة وقيل أن المنادي هو إسرافيل يقول يا معشر الخلائق قوموا للحساب عن مقاتل وإنما قال من مكان قريب لأنه يسمعه الخلائق كلهم على حد واحد فلا يخفى على أحد قريب ولا بعيد فكأنهم نودوا من مكان يقرب منهم ﴿يوم يسمعون الصيحة بالحق﴾ والصيحة المرة الواحدة من الصوت الشديد وهذه الصيحة هي النفخة الثانية وقوله ﴿بالحق﴾ أي بالبعث عن الكلبي وقيل يعني إنها كائنة حقا عن مقاتل ﴿ذلك يوم الخروج﴾ من القبور إلى أرض الموقف وقيل هو اسم من أسماء القيامة عن أبي عبيدة واستشهد بقول الشاعر:

أليس يوم سمي الخروجا

أعظم يوم رجة رجوجا

﴿إنا نحن نحيي ونميت﴾ أخبر سبحانه عن نفسه أنه هو الذي يحيي الخلق بعد أن كانوا جمادا أمواتا ثم يميتهم بعد أن كانوا أحياء ثم يحييهم يوم القيامة وهو قوله ﴿وإلينا المصير يوم تشقق﴾ أي تتشقق ﴿الأرض عنهم﴾ تتصدع فيخرجون منها ﴿سراعا﴾ يسرعون إلى الداعي بلا تأخير ﴿ذلك حشر﴾ والحشر الجمع بالسوق من كل جهة ﴿علينا يسير﴾ أي سهل علينا غير شاق هين غير متعذر مع تباعد ديارهم وقبورهم ثم عزى سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ﴿نحن أعلم بما يقولون﴾ أي بما يقوله هؤلاء الكفار في تكذيبك وجحود نبوتك وإنكار البعث لا يخفى علينا من أمرهم شيء ﴿وما أنت عليهم بجبار﴾ أي بمسلط قادر على قلوبهم فتجبرهم على الإيمان وإنما بعثت منذرا داعيا مرغبا وهذا معنى قول ابن عباس وقال تغلب جاءت أحرف على فعال بمعنى مفعل مثل دراك بمعنى مدرك وسراع بمعنى مسرع وسيف سقاط بمعنى مسقط وبكاء بمعنى مبكى قال علي بن عيسى لم يسمع من ذلك الإدراك من أدركت وقيل جبار من جبرته على الأمر بمعنى أجبرته وهي لغة كنانة وقيل معناه ما أنت عليهم بفظ غليظ لا تحلم عنهم فاحتمل أذاهم ﴿فذكر بالقرآن من يخاف وعيد﴾ إنما خص بالذكر من يخاف وعيد الله لأنه الذي ينتفع به.