الآيات 36-38

إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ﴿36﴾ إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ ﴿37﴾ هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴿38﴾

القراءة:

في بعض الروايات عن أبي عمرو ويخرج بالرفع والمشهور عنه وعن الجميع ﴿ويخرج﴾ بالجزم.

الحجة:

وهذا يكون على استئناف الكلام أي وهو يخرج أضغانكم على كل حال.

اللغة:

الإحفاء الإلحاح في السؤال حتى ينتهي إلى مثل الحفاء والمشي بغير حذاء يقال أحفاه بالمسالة يحفيه إحفاء وقيل الإحفاء بالمسالة الألطاف فيها عن أبي مسلم والبخل هو منع الواجب وقيل هو منع النفع الذي هو أولى في العقل عن علي بن عيسى.

الإعراب:

إن يسألكموها فيحفكم إنما قدم المخاطب على الغائب لأن الابتداء بالأقرب مع أنه المفعول الأول أولى وتقول أن يسألها جماعتكم لأنه غائب مع غائب فالمتصل أولى بأن يلي الفعل من المنفصل وقال ﴿ها أنتم هؤلاء﴾ كرر التنبيه في الموضعين للتأكيد وأنتم مبتدأ وهؤلاء بدل منه وتدعون خبر المبتدأ.

المعنى:

ثم حض الله سبحانه على طلب الآخرة فقال ﴿إنما الحياة الدنيا لعب ولهو﴾ أي سريعة الفناء والانقضاء ومن اختار الفاني على الباقي كان جاهلا ومنقوصا قال الحسن الذي خلقها هو أعلم بها ﴿وإن تؤمنوا﴾ بالله ورسوله ﴿وتتقوا﴾ معاصيه ﴿يؤتكم أجوركم﴾ أي جزاء أعمالكم في الآخرة ﴿ولا يسألكم أموالكم﴾ كلها في الصدقة وأن أوجب عليكم الزكاة في بعض أموالكم عن سفيان بن عيينة والجبائي وقيل لا يسألكم أموالكم لأن الأموال كلها لله فهو أملك لها وهو المنعم بإعطائها وقيل لا يسألكم الرسول على أداء الرسالة أموالكم أن تدفعوها إليه ﴿إن يسئلكموها فيحفكم﴾ أي يجهدكم بمسألة جميعها ﴿تبخلوا﴾ بها فلا تعطوها أي إن يسئلكم جميع ما في أيديكم تبخلوا وقيل فيحفكم أي فليلطف في السؤال بأن يعد عليه الثواب الجزيل عن أبي مسلم ﴿ويخرج أضغانكم﴾ أي ويظهر بغضكم وعداوتكم لله ورسوله ولكنه فرض عليكم ربع العشر قال قتادة علم الله أن في مسألة الأموال خروج الأضغان وهي الأحقاد التي في القلوب والعداوات الباطنة ﴿ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله﴾ يعني ما فرض عليهم في أموالهم أي إنما تؤمرون بإخراج ذلك وإنفاقه في طاعة الله ﴿فمنكم من يبخل﴾ بما فرض عليه من الزكاة ﴿ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه﴾ لأنه يحرمها مثوبة جسيمة ويلزمها عقوبة عظيمة وهذه إشارة إلى أن معطي المال أحوج إليه من الفقير الآخذ فبخله بخل على نفسه وذلك أشد البخل قال مقاتل إنما يبخل بالخير والفضل في الآخرة عن نفسه وقيل معناه فإنما يبخل بداع عن نفسه يدعوه إلى البخل فإن الله تعالى نهى عن البخل وذمه فلا يكون البخل بداع من جهته ﴿والله الغني﴾ عما عندكم من الأموال ﴿وأنتم الفقراء﴾ إلى ما عند الله من الخير والرحمة أي لا يأمركم بالإنفاق لحاجته ولكن لتنتفعوا به في الآخرة ﴿وإن تتولوا﴾ أي تعرضوا عن طاعته وعن أمر رسوله ﴿يستبدل قوما غيركم﴾ أمثل وأطوع لله منكم ﴿ثم لا يكونوا أمثالكم﴾ بل يكونوا خيرا منكم وأطوع لله وروى أبو هريرة أن ناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله في كتابه وكان سلمان إلى جنب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فضرب يده على فخذ سلمان فقال هذا وقومه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس وروى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن تتولوا يا معشر العرب يستبدل قوما غيركم يعني الموالي وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قد والله أبدل بهم خيرا منهم الموالي.