الآيات 66-70

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿66﴾ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿67﴾ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿68﴾ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ﴿69﴾ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴿70﴾

المعنى:

ثم خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ﴿قل﴾ يا محمد لكفار قومك ﴿إني نهيت﴾ أي نهاني الله ﴿أن أعبد الذين تدعون من دون الله﴾ أي أوجه العبادة إلى من تدعونه من دون الله من الأصنام التي تجعلونها آلهة ﴿لما جاءني البينات من ربي﴾ أي حين أتاني الحجج والبراهين من جهة الله تعالى دلتني على ذلك ﴿و أمرت﴾ مع ذلك ﴿أن أسلم لرب العالمين﴾ أي استسلم لأمر رب العالمين الذي يملك تدبير الخلائق أجمعين ثم عاد إلى ذكر الأدلة فقال ﴿هو الذي خلقكم﴾ معاشر البشر ﴿من تراب﴾ أي خلق أباكم آدم من تراب وأنتم نسله وإليه تنتمون ﴿ثم من نطفة﴾ أي ثم أنشأ من ذلك الأصل الذي خلقه من تراب النطفة وهي ماء الرجل والمرأة ﴿ثم من علقة﴾ وهي قطعة من الدم ﴿ثم يخرجكم طفلا﴾ أي أطفالا واحدا واحدا فلذلك ذكره بالتوحيد قال يونس العرب تجعل الطفل للواحد والجماعة قال الله تعالى ﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء﴾ والمعنى ثم يقلبكم أطوارا إلى أن يخرجكم من أرحام الأمهات أطفالا صغارا ﴿ثم لتبلغوا أشدكم﴾ وهو حال استكمال القوة وهذا يحتمل أن يكون معطوفا على معنى قوله ﴿ثم يخرجكم طفلا﴾ لتنشاوا وتشبوا ﴿ثم لتبلغوا أشدكم﴾ ويحتمل أن يكون معطوفا على معنى قوله ﴿يخرجكم طفلا﴾ والتقدير لطفوليتكم ثم لتبلغوا أشدكم ﴿ثم لتكونوا شيوخا﴾ بعد ذلك ﴿ومنكم من يتوفى من قبل﴾ أي من قبل أن يصير شيخا ومن قبل أن يبلغ أشده ﴿ولتبلغوا أجلا مسمى﴾ أي وليبلغ كل واحد منكم ما سمي له من الأجل الذي يموت عنده وقيل هذا للقرن الذي تقوم عليهم القيامة والأجل المسمى هو القيامة عن الحسن ﴿ولعلكم تعقلون﴾ أي خلقكم لهذه الأغراض التي ذكرها ولكي تتفكروا في ذلك فتعقلوا ما أنعم الله به عليكم من أنواع النعم وأراده منكم من إخلاص العبادة ثم قال ﴿هو الذي يحيي ويميت﴾ أي من خلقكم من تراب على هذه الأوصاف التي ذكرها هو الذي يحييكم وهو الذي يميتكم فأولكم من تراب وآخركم إلى تراب ﴿فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون﴾ ومعناه أنه يفعل ذلك من غير أن يتعذر ويمتنع عليه فهو بمنزلة ما يقال له كن فيكون لأنه سبحانه يخاطب المعدوم بالتكون ﴿ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله﴾ يعني المشركين الذين يخاصمون في إبطال حجج الله ودفعها ﴿أنى يصرفون﴾ أي كيف ومن أين يقلبون عن الطريق المستقيم إلى الضلال ولو كانوا يخاصمون في آيات الله بالنظر في صحتها والفكر فيها لما ذمهم الله تعالى ثم وصفهم سبحانه فقال ﴿الذين كذبوا بالكتاب﴾ أي بالقرآن وجحدوه ﴿وبما أرسلنا به رسلنا﴾ أي وكذبوا بما أرسلنا به من الكتب والشرائع رسلنا قبلك ﴿فسوف يعلمون﴾ عاقبة أمرهم إذ حل بهم وبال ما جحدوه ونزل بهم عقاب ما ارتكبوه فيعرفون إن ما دعوتهم إليه حق وما ارتكبوه ضلال وفساد.