الآيات 58-59

وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴿58﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ ﴿59﴾

القراءة:

قرأ يعقوب يلمزك بضم الميم وهي قراءة الحسن والأعرج والباقون بكسر الميم.

اللغة:

يقال لمزت الرجل لمزة وألمزه إذا عبته وكذلك همزته قال الشاعر:

إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة

وإن تغيبت كنت الهامز اللمزة

وقيل الهمز العيب بكسر العين وغمزها أي يكسر عينه إذا غاب واللمز العيب على وجه المسارة وقيل لأعرابي أ تهمز الفأرة قال الهر يهمزها فأوقع الهمز على الأكل والهمز كاللمز.

النزول:

عن أبي سعيد الخدري قال بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقسم قسما وقال ابن عباس كانت غنائم هوازن يوم حنين إذ جاءه ابن أبي ذي الخويصرة التميمي وهو حرقوص بن زهير أصل الخوارج فقال اعدل يا رسول الله فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) دعه فإن له أصحابا يحتقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود في إحدى ثدييه أو قال في إحدى يديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر يخرجون على فترة من الناس وفي حديث آخر فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم فنزلت ﴿ومنهم من يلمزك﴾ الآية قال أبو سعيد الخدري أشهد أني سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأشهد أن عليا (عليه السلام) حين قتلهم وأنا معه جيء بالرجل على النعت الذي نعته رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) رواه الثعلبي بإسناده في تفسيره وقال الكلبي نزلت في المؤلفة قلوبهم وهم المنافقون قال رجل منهم يقال له ابن الجواظ لم يقسم بالسوية فأنزل الله الآية وقال الحسن أتاه رجل وهو يقسم فقال ألست تزعم أن الله تعالى أمرك أن تضع الصدقات في الفقراء والمساكين قال بلى قال فما لك تضعها في رعاة الغنم قال أن نبي الله موسى (عليه السلام) كان راعي غنم فلما ولى الرجل قال (عليه السلام) احذروا هذا وقال ابن زيد قال المنافقون ما يعطيها محمد إلا من أحب ولا يؤثر بها إلا هواه فنزلت الآية.

المعنى:

ثم أخبر سبحانه عنهم فقال ﴿ومنهم﴾ أي ومن هؤلاء المنافقين ﴿من يلمزك في الصدقات﴾ أي يعيبك ويطعن عليك في أمر الصدقات ﴿فإن أعطوا منها﴾ أي من تلك الصدقات ﴿رضوا﴾ وأقروا بالعدل ﴿وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون﴾ أي يغضبون ويعيبون وقال أبو عبد الله (عليه السلام) أهل هذه الآية أكثر من ثلثي الناس ﴿ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله﴾ معناه ولو أن هؤلاء المنافقين الذين طلبوا منك الصدقات وعابوك بها رضوا بما أعطاهم الله ورسوله ﴿وقالوا﴾ مع ذلك ﴿حسبنا الله﴾ أي كفانا الله أو كافينا الله ﴿سيؤتينا الله من فضله ورسوله﴾ أي سيعطينا الله من فضله وإنعامه ويعطينا رسوله مثل ذلك وقالوا ﴿إنا إلى الله راغبون﴾ في أن يوسع علينا من فضله فيغنينا عن أموال الناس وقيل يعني راغبون إليه فيما يعطينا من الثواب ويصرف عنا من العذاب وجواب أو محذوف وتقديره لكان خيرا لهم وأعود عليهم وحذف الجواب في مثل هذا الموضع أبلغ على ما تقدم بيانه.