الآيـة 277
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿277﴾
المعنى:
هذه الآية ظاهرة المعنى وقد مر تفسيرها فيما مضى وإنما جمع بين هذه الخصال لا لأن الثواب لا يستحق على كل واحدة منها إذ لو كان كذلك لكان فيه تصغير من كل واحدة منها ولكن جمع بينها للترغيب في الأعمال الصالحة والتفخيم لأمرها والتعظيم لشأنها أو لبيان أن الجمع بين هذه الخصال أعظم أجرا من الأفراد بواحدة منها ونظيره قوله سبحانه والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الآية فجمع بين هذه الخصال في الوعيد ليبين أن الوعيد يستحق بكل واحدة منها وللتحذير عن كل خصلة منها لأن من المعلوم أن من دعا مع الله إلها آخر لا يحتاج إلى شرط عمل آخر في استحقاق الوعيد إذ لو كان الوعيد إنما يستحق بمجموع تلك الخصال لكان فيه تسهيل لكل واحد منها وقد ذكرنا أن أمثال هذه الآية تدل على أن الإيمان ليس من أفعال الجوارح ولا مشتملا عليها إذ لو كان كذلك لما صار لعطفها عليه معنى لأن الشيء لا يعطف على نفسه فإن قالوا إن ذلك يجري مجرى قوله ﴿الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله﴾ ﴿والذين كفروا وكذبوا بآياتنا﴾ فنقول إن الخلاف هاهنا كالخلاف هناك لأن التكذيب عندنا ليس بالكفر نفسه وإنما هو دلالة على الكفر وكذلك الصد عن سبيل الله واستدل بهذه الآية وأمثالها في بطلان التحابط لأنه تعالى ضمن الثواب بنفس هذه الخصال ولم يشترط أن لا يؤتى بما يحبطها فإن قالوا لا بد من هذا الشرط كما أن الوعيد على الكفر لا بد أن يكون مشروطا بارتفاع التوبة فالجواب أن التوبة إنما صارت شرطا هناك لمكان إجماع المسلمين لا لأن التوبة مسقطة للعقاب وإنما وعد الله تعالى بإسقاط العقاب عندها تفضلا منه سبحانه ولا إجماع على ما ادعوه من الشرط في آيات الوعد فبان الفرق بين الأمرين.