الآيات 116-119

وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ﴿116﴾ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿117﴾ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴿118﴾ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿119﴾

الإعراب:

﴿متاع قليل﴾ خبر مبتدأ محذوف وتقديره متاعهم بهذا الذي فعلوه متاع قليل وتم الكلام عند قوله ﴿لا يفلحون﴾.

المعنى:

لما تقدم ذكر ما أحله الله سبحانه لهم وحرمه عليهم عقبه سبحانه بالنهي عن مخالفة أوامره ونواهيه في التحليل والتحريم فقال ﴿ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب﴾ وتقديره لوصف ألسنتكم الكذب ﴿هذا حلال وهذا حرام﴾ أي لا تقولوا لما حللتموه بأنفسكم مثل الميتة هذا حلال ولما حرمتموه مثل السائبة هذا حرام ﴿لتفتروا على الله الكذب﴾ أي لتكذبوا في إضافة التحريم إليه ﴿إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون﴾ أي لا ينجون من عذاب الله ولا ينالون خيرا ﴿متاع قليل﴾ معناه الذين هم فيه من الدنيا بشيء قليل ينتفعون به أياما قلائل ﴿ولهم عذاب أليم﴾ في الآخرة ﴿وعلى الذين هادوا﴾ يعني اليهود ﴿حرمنا ما قصصنا عليك من قبل﴾ يعني بذلك ما ذكره في سورة الأنعام من قوله ﴿وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر﴾ الآية عن الحسن وقتادة وعكرمة وعنى بقوله ﴿من قبل﴾ نزول هذه الآية لأن ما في سورة الأنعام نزل قبل هذه الآية ﴿وما ظلمناهم﴾ بتحريم ذلك عليهم ﴿ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ بالعصيان والكفر بنعم الله تعالى والجحود بأنبيائه واستحقوا بذلك تحريم هذه الأشياء عليهم لتغيير المصلحة عند كفرهم وعصيانهم ثم ذكر سبحانه التائبين بعد تقدم الوعد والوعيد فقال ﴿ثم إن ربك﴾ الذي خلقك يا محمد ﴿للذين عملوا السوء﴾ أي المعصية ﴿بجهالة﴾ أي بداعي الجهل فإنه يدعو إلى القبيح كما أن داعي العلم يدعو إلى الحسن وقيل بجهالة السيئات أو بجهالتهم للعاقبة وقيل بجهالة أنها سوء وقيل الجهالة هو أن يعجل بالإقدام عليها ويعد نفسه التوبة عنها ﴿ثم تابوا﴾ عن تلك المعصية ﴿من بعد ذلك وأصلحوا﴾ نياتهم وأفعالهم ﴿إن ربك من بعدها﴾ أي من بعد التوبة أو الجهالة أو المعصية ﴿لغفور رحيم﴾ وأعاد قوله ﴿إن ربك﴾ للتأكيد وليعود الضمير في قوله ﴿من بعدها﴾ إلى الفعلة.

النظم:

إنما اتصل قوله ﴿وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك﴾ بما تقدم ذكره من التحريم والتحليل ليبين أن ما كانوا يحرمونه ويحللونه بزعمهم ليس في التوراة كما أنه ليس ذلك في القرآن وقيل ليبين أنه إذا لم يحرم على اليهود جميع الطيبات بعصيانهم فكيف يحرم على المسلمين ذلك.