الآيـة 268

الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿268﴾

اللغة:

الفقر الحاجة وهو ضد الغنى والفقر لغة فيه يقال أفقره الله إفقارا وافتقر افتقارا لأن الفقر بمنزلة كسر الفقار في تعذر المراد والفقار عظام منتظمة في النخاع تسمى خرز الظهر واحدتها فقرة والإفقار إعادة الدابة لتركب ثم ترد والفاقرة الداهية لأنها تكسر الفقار ويقال وعدته الخير ووعدته بالخير وعدا وعدة وموعدة وموعدا وموعودا وموعودة والفرق بين الوعد والوعيد أن الوعيد في الشر خاصة والوعد يصلح بالتقييد للخير والشر معا غير أنه إذا أطلق اختص بالخير وكذلك إذ أبهم التقييد كما يقال وعدته بأشياء لأنه بمنزلة المطلق والفحشاء الفحش والفاحش البخيل قال طرفة:

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي

عقيلة مال الفاحش المتشدد

قال علي بن عيسى الفحشاء المعاصي وإنما سمي البخيل فاحشا لأنه مسيء برده الأضياف والسؤال قال كعب :

أخي يا أخي لا فاحش عند بيته

ولا برم عند اللقاء هيوب.

المعنى:

ثم حذر تعالى من الشيطان المانع من الصدقة فقال ﴿الشيطان يعدكم الفقر﴾ بالنفقة في وجوه البر وبإنفاق الجيد من المال وقيل بتأدية الزكاة عليكم في أموالكم ﴿ويأمركم بالفحشاء﴾ أي بالمعاصي وترك الطاعات وقيل بالإنفاق من الرديء وسماه فحشاء لأن فيه معصية الله تعالى فإن الغني إذا ترك الإنفاق على وجه ذوي الحاجات من أقاربه وجيرانه أدى ذلك إلى التقاطع ﴿والله يعدكم مغفرة منه﴾ أي يعدكم بالإنفاق من خيار المال أن يستر عليكم ويصفح عن عقوبتكم ﴿وفضلا﴾ أي ويعدكم أن يخلف عليكم خيرا من صدقتكم ويتفضل عليكم بالزيادة في أرزاقكم وروي عن ابن عباس أنه قال اثنان من الله واثنان من الشيطان فاللذان من الله المغفرة على المعاصي والفضل في الرزق واللذان من الشيطان الوعد بالفقر والأمر بالفحشاء وروي عن ابن مسعود أنه قال للشيطان لمة وللملك لمة وروي مثله عن أبي عبد الله (عليه السلام) ثم قال فلمة الشيطان وعده بالفقر وأمره بالفحشاء ولمة الملك أمره بالإنفاق ونهيه عن المعصية ﴿والله واسع﴾ ذكرناه معناه فيما تقدم وقيل واسع معناه يعطي عن سعة بمعنى إن عطيته لا تضره ولا تنقص خزائنه ﴿عليم﴾ بمن يستحق العطية ومن لا يستحقها.