الآيـة 263

قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴿263﴾

اللغة:

الغني الواسع الملك والله غني بأنه مالك لجميع الأشياء لأنه قادر عليها لا يتعذر عليه شيء منها والغنى ضد الحاجة يقال غني يغنى غنا واستغنى وأغناه الله والغناء الكفاية للغني به عن غيره والغنية الاستغناء وقد غني القوم إذا نزلوا في مكان يغنيهم والمكان الذي ينزلون به مغنى وقد غني فلان غناء إذا بالغ في التطريب في الإنشاد حتى يستغني الشعر أن يزاد في نغمة وقد غنيت المرأة غنيانا قال قيس بن الحطيم:

أجد بعمرة غنيانها

فتهجر أم شأننا شأنها غنيانها غناؤها والغواني النساء لأنهن غنين بجمالهن وقيل بأزواجهن والحليم مر ذكره.

المعنى:

﴿قول معروف﴾ أي كلام حسن جميل لا وجه فيه من وجوه القبح يرد به السائل وقيل معناه دعاء صالح نحو أن يقول صنع الله بك وأغناك الله عن المسألة وأوسع الله عليك الرزق وأشباه ذلك وقيل معناه عدة حسنة وقيل قول في إصلاح ذات البين عن الضحاك ﴿ومغفرة﴾ قيل فيه أقوال (أحدها) أن معناه سلامة من المعصية لأن حالها كحال المغفرة في الأمان من العقوبة عن الجبائي (وثانيها) أن معناه ستر على السائل وسؤاله (وثالثها) أن معناه عفو المسئول عن ظلم السائل عن الحسن وعلى هذا فيكون ظلم السائل أن يسأل في غير وقته أو يلحف في سؤاله أو يسيء الأدب بأن يفتح الباب أو يدخل الدار بغير إذن فالعفو عن ظلمه ﴿خير من صدقة يتبعها أذى﴾ وإنما صار القول المعروف والعفو عن الظلم خيرا من الصدقة التي يتبعها أذى لأن صاحب هذه الصدقة لا يحصل على خير لا على عين ماله في دنياه ولا على ثوابه في عقباه والقول بالمعروف والعفو طاعتان يستحق الثواب عليهما وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال إذا سأل السائل فلا تقطعوا عليه مسألته حتى يفرغ منها ثم ردوا عليه بوقار ولين إما بذل يسير أو رد جميل فإنه قد يأتيكم من ليس بإنس ولا جان ينظرون كيف صنيعكم فيما خولكم الله تعالى ﴿والله غني﴾ عن صدقاتكم وعن جميع طاعاتكم لم يأمركم بها ولا بشيء منها لحاجة منه إليها وإنما أمركم بها ودعاكم إليها لحاجتكم إلى ثوابها ﴿حليم﴾ لا يعاجلكم بالعقوبة وقيل لا يعجل بالعقوبة على من يمن ويؤذي بصدقته ولو وقع هاهنا موقع حليم حميد أو عليم لم يحسن.