الآيـة 232

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴿232﴾

اللغة:

العضل الحبس وقيل هو مأخوذ من المنع وقيل هو مأخوذ من الضيق والشدة والأمر المعضل الممتنع بصعوبته وعضلت الناقة فهي معضلة إذا احتبس ولدها في بطنها وعضلت الدجاجة إذا احتبس بيضها وتقول عضل المرأة يعضلها عضلا إذا منعها من التزويج ظلما وأعضل الداء الأطباء إذا أعياهم أن يقوموا به وامتنع عليهم لشدته وداء عضال وفلان عضلة من العضل أي داهية من الدواهي.

الإعراب:

موضع أن من قوله ﴿أن ينكحن أزواجهن﴾ جر عند الخليل والكسائي وتقديره من أن ونصب عند غيرهما بوصول الفعل ﴿ذلك يوعظ به﴾ مبتدأ وخبر وقوله ﴿من كان يؤمن بالله﴾ في موضع رفع بيوعظ ومنكم في موضع الحال في الضمير في يؤمن.

النزول:

نزلت في معقل بن يسار حين عضل أخته جملاء أن ترجع إلى الزوج الأول وهو عاصم بن عدي فإنه كان طلقها وخرجت من العدة ثم أراد أن يجتمعا بعقد آخر فمنعها من ذلك فنزلت الآية عن قتادة والحسن وجماعة وقيل نزلت في جابر بن عبد الله عضل بنت عم له عن السدي والوجهان لا يصحان على مذهبنا لأنه لا ولاية للأخ وابن العم عندنا ولا تأثير لعضلها فالوجه في ذلك أن تحمل الآية على المطلقين كما في الظاهر فكأنه قال لا تعضلوهن أي لا تراجعوهن عند قرب انقضاء عدتهن إضرارا بهن لا رغبة فيهن فإن ذلك لا يسوغ في الدين ويجوز أن يكون العضل محمولا على الجبر والحيلولة بينهن وبين التزويج دون ما يتعلق بالولاية.

المعنى:

﴿وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن﴾ أي انقضت عدتهن ﴿فلا تعضلوهن﴾ أي لا تمنعوهن ظلما عن التزوج وقيل المراد به التخلية وقيل هو خطاب للأولياء ومنع لهم من عضلهن وقيل خطاب للأزواج يعني أن تطلقوهن في السر ولا تظهروا طلاقهن كيلا يتزوجن غيرهم فيبقين لا ممسكات إمساك الأزواج ولا مخليات تخلية الطلاق أو تطولوا العدة عليهن ﴿أن ينكحن أزواجهن﴾ أي من رضين بهم أزواجا لهن وقيل الذين كانوا أزواجا لهن من قبل ﴿إذا تراضوا بينهم بالمعروف﴾ أي بما لا يكون مستنكرا في عادة ولا خلق ولا عقل وقيل إذا تراضى الزوجان بالنكاح الصحيح عن السدي وقيل إذا تراضيا بالمهر قليلا كان أو كثيرا ﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما سبق من الأمر والنهي ﴿يوعظ به﴾ يزجر ويخوف به ﴿من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر﴾ إنما خصهم بالذكر لأنهم الذين انتفعوا به أو لأنهم أولى بالاتعاظ به وقيل لأن الكافر إنما يلزمه الوعظ بعد قبوله الإيمان واعترافه بالله تعالى ﴿ذلكم أزكى لكم﴾ أي خير لكم وأفضل وأعظم بركة وأحرى أن يجعلكم أزكياء ﴿وأطهر﴾ أي أطهر لقلوبكم من الريبة فإنه لعل في قلبها حبا فإذا منعها من التزويج لم يؤمن أن يتجاوزا إلى ما حرم الله وقيل أطهر لكم من الذنوب ﴿والله يعلم﴾ ما لكم فيه من الصلاح في العاجل والآجل ﴿وأنتم لا تعلمون﴾ وأنتم غير عالمين إلا بما أعلمكم وليس لأحد أن يستدل بالآية على أن العقد لا يصح إلا بولي لأنا قد بينا أن المراد بالعضل المنع وإذا حملنا الآية على أنها خطاب للأزواج سقط قولهم وهذا أولى لأنه لم يجر للأولياء ذكر كما جرى ذكر المطلقين.