الآيـة 221

وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿221﴾

اللغة:

النكاح اسم يقع على العقد والوطء وقيل أن أصله الوطء ثم كثر حتى قيل للعقد نكاح كما أن الحدث يسمى عذرة وهي اسم للفناء ويسمى غائطا وهو اسم للمكان المطمئن يقال نكح ينكح نكاحا إذا تزوج وأنكحه غيره زوجه والأمة المملوكة يقال أمة بينة الأموة وأميت فلانة وتأميتها إذا جعلتها أمة وأصل أمة فعلة بدلالة قولهم في جمعها إماء وآم نحو أكمة وإكام وآكم.

الإعراب:

يؤمن في محل النصب بأن مضمرة وأن يؤمن في موضع جر بحتى وحتى يتعلق بتنكح ومن مشركة من يتعلق بخير والجار والمجرور في محل النصب بأنه مفعول به ولو أعجبتكم جواب لو محذوف تقديره ولو أعجبتكم أمة مشركة لأمة مؤمنة خير منها ولا تنكحوا المشركين المفعول الثاني محذوف تقديره ولا تنكحوا المشركين الأزواج حتى يؤمنوا وإعراب قوله ﴿حتى يؤمنوا﴾ وقوله ﴿ولو أعجبكم﴾ مثل ما قلناه في حتى يؤمن ولو أعجبتكم.

النزول:

نزلت في مرثد بن أبي مرثد الغنوي بعثه رسول الله إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين وكان قويا شجاعا فدعته امرأة يقال لها عناق إلى نفسها فأبى وكانت خلة في الجاهلية فقالت هل لك أن تتزوج بي فقال حتى أستأذن رسول الله فلما رجع استأذن في التزوج بها فنزلت الآية.

المعنى:

لما تقدم ذكر المخالطة بين تعالى من يجوز مخالطته بالنكاح فقال ﴿ولا تنكحوا المشركات﴾ أي لا تتزوجوا النساء الكافرات ﴿حتى يؤمن﴾ أي يصدقن بالله ورسوله وهي عامة عندنا في تحريم مناكحة جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم وليست بمنسوخة ولا مخصوصة واختلفوا فيه فقال بعضهم لا يقع اسم المشركات على أهل الكتاب وقد فصل الله بينهما فقال لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين وما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين وعطف أحدهما على الآخر فلا نسخ في الآية ولا تخصيص وقال بعضهم الآية متناولة جميع الكفار والشرك يطلق على الكل ومن جحد نبوة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقد أنكر معجزه وأضافه إلى غير الله وهذا هو الشرك بعينه لأن المعجز شهادة من الله له بالنبوة ثم اختلف هؤلاء فمنهم من قال أن الآية منسوخة في الكتاب بالآية التي في المائدة والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب عن ابن عباس والحسن ومجاهد ومنهم من قال أنها مخصوصة بغير الكتابيات عن قتادة وسعيد بن جبير ومنهم من قال أنها على ظاهرها في تحريم نكاح كل كافرة كتابية كانت أو مشركة عن ابن عمر و بعض الزيدية وهو مذهبنا وسيأتي بيان آية المائدة في موضعها إن شاء الله ﴿ولأمة مؤمنة خير من مشركة﴾ معناه مملوكة مصدقة مسلمة خير من حرة مشركة ﴿ولو أعجبتكم﴾ ولو أعجبتكم بمالها أو حسبها أو جمالها وظاهر هذا يدل على أنه يجوز نكاح الأمة المؤمنة مع وجود الطول فأما قوله فمن لم يستطع منكم طولا الآية فإنما هي على التنزيه دون التحريم ﴿ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا﴾ معناه ولا تنكحوا النساء المسلمات جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم حتى يؤمنوا وهذا يؤيد قول من يقول أن قوله ﴿ولا تنكحوا المشركات﴾ يتناول جميع الكافرات وقوله ﴿ولعبد مؤمن خير من مشرك﴾ أي عبد مصدق مسلم خير من حر مشرك ولو أعجبكم ماله أو حاله أو جماله والفرق بين ولو أعجبكم وبين وإن أعجبكم أن لو للماضي وإن للمستقبل وكلاهما يصح في معنى الآية وهو من العجب الذي هو بمعنى الاستعظام وليس من التعجب ﴿أولئك﴾ يعني المشركين ﴿يدعون إلى النار﴾ يعني إلى الكفر والمعاصي التي هي سبب دخول النار وهذا مثل التعليل لأن الغالب أن الزوج يدعو زوجته إلى دينه ﴿والله يدعو إلى الجنة﴾ أي إلى فعل ما يوجب الجنة ﴿والمغفرة﴾ من الإيمان والطاعة ﴿بإذنه﴾ أي بأمره يعني بما يأمر ويأذن فيه من الشرائع والأحكام عن الحسن والجبائي وقيل بإعلامه وقوله ﴿ويبين آياته للناس﴾ أي حججه وقيل أوامره ونواهيه وما يحظره ويبيحه للناس ﴿لعلهم يتذكرون﴾ أي لكي يتذكروا أو يتعظوا.