الآيـة 208

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿208﴾

القراءة:

قرأ أهل الحجاز والكسائي في السلم كافة بفتح السين والباقون بكسرها.

الحجة:

قال الأخفش السلم بكسر السين الصلح وفيه ثلاث لغات السلم السلم السلم وأنشد:

أنائل إنني سلم لأهلك فاقبلي سلمي

قال أبو عبيدة السلم بكسر السين والإسلام واحد وهو في موضع آخر المسالمة والصلح والسلم الاستسلام ومنه قوله تعالى ﴿ورجلا سلما لرجل﴾ أي مستسلما له منقادا لما يريده منه فيكون مصدرا وصف به ويحتمل أيضا أن يكون فعلا بمعنى فاعل مثل بطل وحسن ونظيره يابس ويبس وواسط ووسط.

اللغة:

كافة معناه جميعا واشتقاقه في اللغة مما يكف الشيء في آخره ومن ذلك كفة القميص لحاشيته لأنها تمنعه من أن ينتشر وكل مستطيل فحرفه كفة ويقال في كل مستدير كفة نحو كفة الميزان واستكف السائل وتكفف إذا بسط كفه للسؤال وكل شيء جمعته فقد كففته واستكف القوم بالشيء إذا أحدقوا به.

الإعراب:

كافة منصوب على الحال من الواو في ادخلوا وقيل هو حال من السلم ولكم يتعلق بمحذوف فهو في موضع نصب على الحال من عدو.

المعنى:

لما قدم تعالى ذكر الفرق الثلاث من العباد دعا جميعهم إلى الطاعة والانقياد فقال ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي صدقوا الله ورسوله ﴿ادخلوا في السلم﴾ أي في الإسلام أي دوموا فيما دخلتم فيه كقوله ﴿يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله﴾ عن ابن عباس والسدي والضحاك ومجاهد وقيل معناه ﴿ادخلوا في السلم﴾ في الطاعة عن الربيع وهو اختيار البلخي والكلام محتمل للأمرين وحملها على الطاعة أعم ويدخل فيه ما رواه أصحابنا من أن المراد به الدخول في الولاية ﴿كافة﴾ أي جميعا أي ادخلوا جميعا في الإسلام والطاعة والاستسلام وقيل معناه ادخلوا في السلم كله أي في جميع شرائع الإسلام ولا تتركوا بعضه معصية ويؤيد هذا القول ما روي أن قوما من اليهود أسلموا وسألوا النبي أن يبقي عليهم تحريم السبت وتحريم لحم الإبل فأمرهم أن يلتزموا جميع أحكام الإسلام ﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾ أي آثاره ونزعاته لأن ترككم شيئا من شرائع الإسلام اتباع للشيطان ﴿إنه لكم عدو مبين﴾ أي مظهر للعداوة بامتناعه من السجود لآدم بقوله لأحتنكن ذريته إلا قليلا.