الآيات 36-37

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿36﴾ يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴿37﴾

الإعراب:

خبر إن في لو وجوابها وقوله ﴿ولهم عذاب أليم﴾ يحتمل أن يكون في موضع الحال وأن يكون عطفا على خبر إن ولا يجوز أن يكون الخبر ﴿يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها﴾ ولو في موضع الحال كما تقول مررت بزيد لو رآه عدوه لرحمه لأنه في موضع معتمد الفائدة مع أن الثاني في استئناف آية وإنما أجيبت لو بما ولم يجز أن يجاب إن بما لأن ما لها صدر الكلام وجواب لو لا يخرجها من هذا المعنى كما لا يخرجها جواب القسم لأنه غير عامل وإن عاملة فلذلك صلح أن يجاب إن بلا ولم يصلح أن يجاب بما تقول أن تأتني لا يلحقك سوء ولا يجوز ما لأن لا تنفي عما بعدها ما وجب لما قبلها في أصل موضوعها كقولك قام زيد لا عمرو وما تنفي عما بعدها ما لم يجب لغيرها فلذلك كان لها صدر الكلام.

المعنى:

ثم أخبر سبحانه عن وعيد الكفار فقال ﴿إن الذين كفروا لو أن لهم﴾ أي لكل واحد منهم ﴿ما في الأرض جميعا﴾ من المال والولاية والملك ﴿ومثله﴾ أي مثل ذلك ﴿معه ليفتدوا به﴾ أي ليجعلوا ذلك فداهم وبدلهم ﴿من عذاب يوم القيامة﴾ الذي يستحقونه على كفرهم فافتدوا بذلك ﴿ما تقبل منهم﴾ ذلك الفداء ﴿و لهم عذاب أليم﴾ أي وجيع ﴿يريدون أن يخرجوا من النار﴾ أي يتمنون أن يخرجوا من النار عن أبي علي الجبائي قال لأن الإرادة هنا بمعنى التمني وقيل معناه الإرادة على الحقيقة أي كلما دفعتهم النار بلهبها رجوا أن يخرجوا وهو كقوله ﴿كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها﴾ عن الحسن وقيل معناه يكادون يخرجون منها إذا دفعتهم النار بلهبها كما قال سبحانه جدارا يريد أن ينقض فأقامه أي يكاد ويقارب فإن قال قائل كيف يجوز أن يريدوا الخروج من النار مع علمهم بأنهم لا يخرجون منها فالجواب أن العلم بأن الشيء لا يكون لا يصرف عن إرادته كما أن العلم بأنه يكون لا يصرف عن إرادته وإنما الداعي إلى الإرادة حسنها والحاجة إليها ﴿وما هم بخارجين منها﴾ يعني جهنم ﴿ولهم عذاب مقيم﴾ أي دائم ثابت لا يزول ولا يحول كما قال الشاعر:

فإن لكم بيوم الشعب مني

عذابا دائما لكم مقيما.