الآية- 35

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿35﴾

اللغة:

أصل الاتقاء في اللغة الحجز بين الشيئين يقال اتقى السيف بالترس ويقال اتقوا الغريم بحقه والوسيلة فعيلة من قولهم توسلت إليه أي تقربت قال عنترة بن شداد :

إن الرجال لهم إليك وسيلة

إن يأخذوك تلجلجي وتحصني ويقال وسل إليه أي تقرب قال لبيد:

بلى كل ذي رأي إلى الله واسل

فمعنى الوسيلة الوصلة والقربة.

المعنى:

لما تقدم ذكر القتل والمحاربين عقب ذلك بالموعظة والأمر بالتقوى فقال ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله﴾ أي اتقوا معاصيه واجتنبوها ﴿وابتغوا إليه الوسيلة﴾ أي اطلبوا إليه القربة بالطاعات عن الحسن ومجاهد وعطا والسدي وغيرهم فكأنه قال تقربوا إليه بما يرضيه من الطاعات وقيل الوسيلة أفضل درجات الجنة عن عطا أيضا وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا ينالها إلا عبد واحد وأرجو أن أكون أنا هو وروى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي (عليه السلام) قال في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش إحداهما بيضاء والأخرى صفراء في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة أبوابها وأكوابها من عرق واحدة فالبيضاء الوسيلة لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته والصفراء لإبراهيم وأهل بيته ﴿وجاهدوا في سبيله﴾ أي في طريق دينه مع أعدائه، أمر سبحانه بالجهاد في دين الله لأنه وصلة إلى ثوابه والدليل على الشيء طريق إلى العلم به والتعرض للشيء طريق إلى الوقوع فيه واللطف طريق إلى طاعة الله والجهاد في سبيل الله قد يكون باليد واللسان والقلب وبالسيف والقول والكتاب ﴿لعلكم تفلحون﴾ أي لكي تظفروا بنعيم الأبد والمعنى اعملوا على رجاء الفلاح والفوز وقيل لعل وعسى من الله واجب فكأنه قال اعملوا لتفلحوا.