الآيـة 191

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ﴿191﴾

القراءة:

قرأ حمزة والكسائي ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم كل بغير ألف والباقون بألف في جميع ذلك.

الحجة:

من قرأها بغير ألف فإنما اتبع المصحف لأنه كتب في المصاحف بغير الألف ومن قرأ بالألف فقال إنما تحذف الألف في الخط كما في الرحمن.

اللغة:

ثقفته أثقفه ثقفا وثقافة أي وجدته ومنه قولهم رجل ثقف لقف أي يجد ما يطلبه وثقف الرجل ثقافة فهو ثقف وثقف ثقفا بالتحريك فهو ثقف إذا كان سريع التعلم والثقاف حديدة يقوم بها الرماح المعوجة والتثقيف التقويم والفتنة أصلها الاختبار ثم ينصرف إلى معان منها الابتلاء نحو قوله ﴿فتناك فتونا﴾ أي ابتليناك ابتلاء على إثر ابتلاء ومنها العذاب كقوله جعل فتنة الناس كعذاب الله ومنها الصد عن الدين نحو قوله ﴿واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك﴾ والمراد بها في الآية الشرك بالله وبرسوله.

الإعراب:

حيث فيه ثلاث لغات ضم الثاء وفتحها وكسرها فالضم لشبهها بالغاية نحو قبل وبعد لأنه منع الإضافة إلى المفرد مع لزومه معنى الإضافة إياه فيجري لذلك مجرى قبل وبعد في البناء على الضم والفتح لأجل البناء كما فتحت أين وكيف.

والكسر لأجل أنه الأصل في التحريك لالتقاء الساكنين والجملة بعد حيث في موضع جر بإضافة حيث إليها في الموضعين وتقاتلوا منصوب بإضمار أن وهو صلة أن والموصول والصلة في محل جر بحتى وحتى يتعلق بتقاتلوهم.

النزول:

نزلت في سبب رجل من الصحابة قتل رجلا من الكفار في الشهر الحرام فعابوا المؤمنين بذلك فبين الله سبحانه أن الفتنة في الدين وهو الشرك أعظم من قتل المشركين في الشهر الحرام وإن كان غير جائز.

المعنى:

ثم خاطب الله تعالى المؤمنين مبينا لهم كيفية القتال مع الكافرين فقال ﴿واقتلوهم﴾ أي الكفار ﴿حيث ثقفتموهم﴾ أي وجدتموهم ﴿وأخرجوهم من حيث أخرجوكم﴾ يعني أخرجوهم من مكة كما أخرجوكم منها ﴿والفتنة أشد من القتل﴾ أي شركهم بالله وبرسوله أعظم من القتل في الشهر الحرام وسمي الكفر فتنة لأن الكفر يؤدي إلى الهلاك كما أن الفتنة تؤدي إلى الهلاك وقيل لأن الكفر فساد يظهر عند الاختبار وقوله ﴿ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه﴾ نهي عن ابتدائهم بقتال أو قتل في الحرم حتى يبتدىء المشركون بذلك ﴿فإن قاتلوكم﴾ أي بدءوكم بذلك ﴿فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين﴾ أن يقتلوا حيث ما وجدوا وفي الآية دلالة على وجوب إخراج الكفار من مكة كقوله حتى لا تكون فتنة والسنة قد وردت أيضا بذلك وهو قوله لا يجتمع في جزيرة العرب دينان.