الآيـة 176

ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴿176﴾

اللغة:

الاختلاف الذهاب على جهة التفرق في الجهات وأصله من اختلاف الطريق تقول اختلفنا الطريق فجاء هذا من هنا وجاء ذاك من هناك ثم استعمل في الاختلاف في المذاهب تشبيها بالاختلاف في الطريق من حيث أن كل واحد منهم على نقيض ما عليه الآخر من الاعتقاد وأما اختلاف الأجناس فهو ما لا يسد أحدهما مسد الآخر فيما يرجع إلى ذاته كالسواد والبياض والشقاق والمشاقة انحياز كل واحد عن شق صاحبه للعداوة له وهو طلب كل واحد منهما ما يشق على الآخر لأجل العداوة.

الإعراب:

قال الزجاج ذلك مرفوع بالابتداء والخبر محذوف أي ذلك الأمر ويجوز أن يكون مرفوعا بخبر الابتداء أي الأمر ذلك ويحتمل أن يكون موضع ذلك نصبا على تقدير فعلنا ذلك لأن في الكلام ما يدل على فعلنا.

المعنى:

﴿ ذلك﴾ إشارة إلى أحد ثلاثة أشياء (أولها) ذلك الحكم بالنار عن الحسن (وثانيها) ذلك العذاب (وثالثها) ذلك الضلال وفي تقدير خبره ثلاثة وجوه (أحدها) ما ذكرناه من قول الزجاج (وثانيها) إن تقديره ذلك الحكم الذي حكم فيهم أو حل بهم من العذاب أو ذلك الضلال معلوم بأن الله نزل الكتاب بالحق فحذف لدلالة ما تقدم من الكلام عليه (والثالث) ذلك العذاب لهم ﴿بأن الله نزل الكتاب بالحق﴾ ويكون الباء مع ما بعده في موضع الخبر ومن ذهب إلى أن المعنى ذلك الحكم بدلالة أن الله نزل الكتاب بالحق فالكلام على صورته ومن ذهب إلى أن المعنى ذلك العذاب أو الضلال بأن الله نزل الكتاب بالحق ففي الكلام محذوف وتقديره فكفروا به والمراد بالكتاب هاهنا التوراة وقال الجبائي هو القرآن وغيره وقال بعضهم المراد بالأول التوراة وبالثاني القرآن ﴿وإن الذين اختلفوا في الكتاب﴾ قيل هم الكفار أجمع عند أكثر المفسرين اختلفوا في القرآن على أقوال فمنهم من قال هو كلام السحرة ومنهم من قال كلام تعلمه ومنهم من قال كلام تقوله وقيل هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى عن السدي اختلفوا في التأويل والتنزيل من التوراة والإنجيل لأنهم حرفوا الكتاب وكتموا صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وجحدت اليهود الإنجيل والقرآن وقوله ﴿لفي شقاق بعيد﴾ أي بعيد عن الألفة بالاجتماع على الصواب وقيل بعيد في الشقاق لشهادة كل واحد على صاحبه بالضلال وكلاهما عادل عن الحق والسداد وقيل في اختلاف شديد فيما يتصل بأحكام التوراة والإنجيل.