الآيات 174-175

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴿174﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿175﴾

اللغة:

البرهان الشاهد بالحق وقيل البرهان البيان يقال برهن قوله أي بينه بحجة والاعتصام الامتناع واعتصم فلان بالله أي امتنع من الشر به والعصمة من الله دفع الشر عن عبده واعتصمت فلانا هيئت له ما يعتصم به والعصمة من الله تعالى على وجهين (أحدهما) بمعنى الحفظ وهو أن يمنع عبده كيد الكائدين كما قال سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) والله يعصمك من الناس (والآخر) أن يلطف بعبده بشيء يمتنع عنده من المعاصي.

الإعراب:

﴿صراطا﴾ انتصب على أنه مفعول ثان ليهديهم فهو على معنى يعرفهم صراطا ويجوز أن يكون حالا من الهاء في إليه بمعنى ويهديهم إلى الحق صراطا.

المعنى:

لما فصل الله ذكر الأحكام التي يجب العمل بها ذكر البرهان بعد ذلك ليكون الإنسان على ثقة ويقين فقال ﴿يا أيها الناس﴾ وهو خطاب للمكلفين من سائر الملل الذين قص قصصهم في هذه السورة ﴿قد جاءكم برهان من ربكم﴾ أي أتاكم حجة من الله يبرهن لكم عن صحة ما أمركم به وهو محمد لما معه من المعجزات القاهرة الشاهدة بصدقة وقيل هو القرآن ﴿وأنزلنا إليكم﴾ معه ﴿نورا مبينا﴾ يبين لكم الحجة الواضحة ويهديكم إلى ما فيه النجاة لكم من عذابه وأليم عقابه وذلك النور هو القرآن عن مجاهد وقتادة والسدي وقيل النور ولاية علي (عليه السلام) عن أبي عبد الله (عليه السلام) ﴿فأما الذين آمنوا بالله﴾ أي صدقوا بوحدانية الله واعترفوا ببعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ﴿واعتصموا به﴾ أي تمسكوا بالنور الذي أنزله على نبيه ﴿فسيدخلهم في رحمة منه﴾ أي نعمة منه هي الجنة عن ابن عباس ﴿وفضل﴾ يعني ما يبسط لهم من الكرامة وتضعيف الحسنات وما يزاد لهم من النعم على ما يستحقونه ﴿ويهديهم إليه صراطا مستقيما﴾ أي يوفقهم لإصابة فضله الذي يتفضل به على أوليائه ويسددهم لسلوك منهج من أنعم عليه من أهل طاعته واقتفاء آثارهم والاهتداء بهديهم والاستنان بسنتهم واتباع دينهم وهو الصراط المستقيم الذي ارتضاه الله منهجا لعباده.