الآية- 145

قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿145﴾

القراءة:

قرأ ابن كثير وحمزة تكون بالتاء ﴿ميتة﴾ بالنصب وقرأ أبو جعفر وابن عامر تكون بالتاء ميتة بالرفع والباقون بالياء ونصب ﴿ميتة﴾ وكلهم خففوا ﴿ميتة﴾ غير أبي جعفر فإنه شددها.

الحجة:

قال أبو علي قراءة ابن كثير وحمزة محمولة على المعنى كأنه قال إلا أن تكون العين والنفس ميتة ألا ترى أن المحرم لا يخلو من جواز العبارة عنه بأحد هذه الأشياء وليس قوله ﴿إلا أن يكون﴾ كقولك جاءني القوم لا يكون زيدا وليس زيدا في أن الضمير الذي يتضمنه من الاستثناء لا يظهر ولا يدخل الفعل علامة التأنيث لأن الفعل إنما يكون عاريا من علامة التأنيث ومن أن يظهر معه الضمير إذا لم يدخل عليه أن فأما إذا دخله أن فعلى حكم سائر الأفعال ومن قرأ بالياء ونصب ﴿ميتة﴾ فإنه جعل فيه ضميرا مما تقدم وهو أقيس مما تقدم ذكره أي إلا أن يكون الموجود ميتة ومن قرأ إلا أن تكون ميتة فألحق علامة التأنيث الفعل كما ألحق في قوله قد جاءتكم موعظة وتقديره إلا أن تقع ميتة.

المعنى:

لما قدم سبحانه ذكر ما حرمه المشركون عقبه ببيان المحرمات فقال ﴿قل﴾ يا محمد لهؤلاء الكفار ﴿لا أجد فيما أوحي إلي﴾ أي أوحاه الله تعالى إلي شيئا ﴿محرما على طاعم يطعمه﴾ أي على أكل يأكله ﴿إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا﴾ أي مصبوبا وإنما خص المصبوب بالذكر لأن ما يختلط باللحم منه مما لا يمكن تخليصه منه معفو عنه مباح ﴿أو لحم خنزير﴾ إنما خص الأشياء الثلاثة هنا بذكر التحريم مع أن غيرها محرم فإنه سبحانه ذكر في المائدة تحريم المتخنقة والموقوذة والمتردية وغيرها لأن جميع ذلك يقع عليه اسم الميتة فيكون في حكمها فأجمل هاهنا وفصل هناك وأجود من هذا أن يقال أنه سبحانه خص هذه الأشياء بالتحريم تعظيما لحرمتها وبين تحريم ما عداها في مواضع أخر إما بنص القرآن وإما بوحي غير القرآن وأيضا فإن هذه السورة مكية والمائدة مدنية فيجوز أن يكون غير ما في الآية من المحرمات إنما حرم فيما بعد والميتة عبادة عما كان فيه حياة فقدت من غير تذكية شرعية ﴿فإنه رجس﴾ أي نجس والرجس اسم لكل شيء مستقذر منفور عنه والرجس أيضا العذاب والهاء في قوله ﴿فإنه﴾ عائد إلى ما تقدم ذكره فلذلك ذكره ﴿أو فسقا﴾ عطف على قوله ﴿أو لحم خنزير﴾ فلذلك نصبه ﴿أهل لغير الله به﴾ أي ذكر عليه اسم الأصنام والأوثان ولم يذكر اسم الله عليه وسمي ما ذكر عليه اسم الصنم فسقا لخروجه عن أمر الله وأصل الإهلال رفع الصوت بالشيء وقد ذكرناه في سورة المائدة ﴿فمن اضطر﴾ إلى تناول شيء مما ذكرناه ﴿غير باغ ولا عاد﴾ قد سبق معناه في سورة البقرة ﴿فإن ربك غفور رحيم﴾ حكم بالرخصة كما حكم بالمغفرة والرحمة.