الآيات 62-63

وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴿62﴾ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿63﴾

اللغة:

الخدع والخديعة إظهار المحبوب في الأمر مع إبطان المكروه والتأييد التمكين من الفعل على أتم ما يصح فيه والأيد القوة والتأليف الجمع على تشاكل واختلف في التأليف فأثبته بعضهم معنى ونفاه بعضهم والصحيح أنه معنى يحل محلين ولا يحصل من فعلنا إلا متولدا.

المعنى:

ثم خاطب الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال ﴿وإن يريدوا أن يخدعوك﴾ معناه وإن يرد الذين يطلبون منك الصلح أن يخدعوك في الصلح بأن يقصدوا بالتماس الصلح دفع أصحابك والكف عن القتال حتى يقووا فيبدءوكم بالقتال من غير استعداد منكم ﴿فإن حسبك الله﴾ أي فإن الذي يتولى كفايتك الله ﴿هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين﴾ أي هو الذي قواك بالنصر من عنده وأيدك بالمؤمنين الذين ينصرونك على أعدائك ﴿وألف بين قلوبهم﴾ وأراد بتأليف القلوب ما كان بين الأوس والخزرج من المعاداة والقتال فإنه لم يكن حيان من العرب بينهما من العداوة مثل ما كان بين هذين الحيين فألف الله بين قلوبهم حتى صاروا متوارين متحابين ببركة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقيل أراد كل متحابين في الله عن مجاهد ﴿لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم﴾ أي لم يمكنك جمع قلوبهم على الألفة وإزالة ضغائن الجاهلية ﴿ولكن الله ألف بينهم﴾ بأن لطف لهم بحسن تدبيره وبالإسلام الذي هداهم إليه ﴿إنه عزيز حكيم﴾ لا يمتنع عليه شيء يريد فعله ولا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة قال الزجاج وهذا من الآيات العظام وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بعث إلى قوم أنفتهم شديدة بحيث لو لطم الرجل من قبيلة لطمة قاتل عنه قبيلته فألف الإيمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أباه وأخاه وابنه فأعلم الله سبحانه أن هذا ما تولاه منهم إلا هو.