الآية- 71
قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿71﴾
القراءة:
قرأ حمزة وحده استهويه بألف ممالة والباقون ﴿استهوته﴾ بالتاء المعجمة من فوق.
الحجة:
قال أبو علي كلا المذهبين حسن قال الشاعر:
وكنا ورثناه على عهد تبع
طويلا سواريه شديدا دعائمه
اللغة:
استهواه من قولهم هوى من حالق إذا تردى منه ويشبه به الذي زل عن الطريق المستقيم كما أن قوله زل إنما هو في المكان قال:
قام على منزعة زلخ فزل
ثم يشبه به المخطىء في طريقته في مثل قوله فأزلهما الشيطان فكذلك هوى وأهواه غيره فيقال أهويته واستهويته بمعنى كما يقال أزله الشيطان واستزله بمعنى وكذلك استجابة بمعنى أجابه قال:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
والحيران المتردد في أمر لا يهتدي إلى المخرج منه والفعل منه حار يحار حيرة ورجل حائر وحيران وقوم حيارى.
الإعراب:
﴿كالذي استهوته﴾ في موضع نصب صفة لمصدر محذوف تقديره أندعو من دون الله دعاء مثل دعاء الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران، وحيران نصب على الحال من مفعول استهوته، ﴿له أصحاب﴾ وصف لحيران ويدعونه صفة لأصحاب أي أصحاب داعون له إلى الهدي قائلون له ائتنا وهاهنا منتهى الكلام وقوله ﴿أمرنا لنسلم﴾ تقول العرب أمرتك لتفعل وأمرتك أن تفعل وأمرتك بأن تفعل فمن قال أمرتك بأن تفعل فالباء للإلصاق والمعنى وقع الأمر بهذا الفعل ومن قال أمرتك أن تفعل حذف الجار ومن قال أمرتك لتفعل المعنى أمرتك للفعل وقال الزجاج التقدير أمرنا كي نسلم قال الشاعر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما
تمثل لي ليلى بكل سبيل أي كي أنسى.
المعنى:
ثم أمر سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمؤمنين بخطاب الكفار فقال ﴿قل﴾ يا محمد لهؤلاء الكفار الذين يدعون إلى عبادة الأصنام أو قل أيها الإنسان أو أيها السامع ﴿أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا﴾ إن عبدناه ﴿ولا يضرنا﴾ إن تركنا عبادته ﴿ونرد على أعقابنا﴾ هذا مثل يقولون لكل خائب لم يظفر بحاجته رد على عقبيه ونكص على عقبيه وتقديره أنرجع القهقرى في مشيتنا والمعنى أنرجع عن ديننا الذي هو خير الأديان ﴿بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران﴾ لا يهتدي إلى طريق وقيل معناه استغوته الغيلان في المهامة عن ابن عباس وقيل معناه دعته الشياطين إلى اتباع الهوى وقيل أهلكته وقيل ذهبت به عن نفطويه وقيل أضلته عن أبي مسلم ﴿له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا﴾ أي إلى الطريق الواضح يقولون له ائتنا ولا يقبل منهم ولا يصير إليهم لأنه قد تحير لاستيلاء الشيطان عليه يهوى ولا يهتدي ثم أمره الله سبحانه فقال ﴿قل﴾ لهؤلاء الكفار ﴿إن هدى الله هو الهدى﴾ أي دلالة الله لنا على توحيده وأمر دينه هو الهدى الذي يؤدي المستدل به إلى الصلاح والرشاد في دينه وهو الذي يجب أن نعمل عليه ونستدل به فلا نترك ذلك إلى ما تدعون إليه ﴿وأمرنا لنسلم لرب العالمين﴾ معناه وأمرنا أن نسلم وقيل معناه أن نسلم أمورنا ونفوضها إلى الله ونتوكل عليه فيها.