الآيات 29-30
وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴿29﴾ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴿30﴾
المعنى:
ثم أخبر سبحانه عن الكفار الذين ذكرهم قبل هذه الآية وإنكارهم البعث والنشور والحشر والحساب فقال ﴿وقالوا إن هي﴾ أي ما هي ﴿إلا حياتنا الدنيا﴾ عنوا بذلك أنه لا حياة لنا في الآخرة وإنما هي هذه التي حيينا بها في الدنيا ﴿وما نحن بمبعوثين﴾ أي لسنا بمبعوثين بعد الموت ثم خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال ﴿ولو ترى﴾ يا محمد ﴿إذ وقفوا على ربهم﴾ ليس يصح في هذه الآية شيء من الوجوه التي ذكرناها في قوله ولو ترى إذ وقفوا على النار إلا وجها واحدا وهو أن المعنى عرفوا ربهم ضرورة كما يقال وقفته على كلام فلان أي عرفته إياه وقيل أيضا أن المعنى وقفوا على ما وعدهم ربهم من العذاب الذي يفعله بالكفار والثواب الذي يفعله بالمؤمنين في الآخرة وعرفوا صحة ما أخبرهم به من الحشر والحساب ويجوز أن يكون المعنى حبسوا على ربهم ينتظر بهم ما يأمرهم به وخرج الكلام مخرج ما جرت به العادة من وقوف العبد بين يدي سيده لما في ذلك من الفصاحة والإفصاح بالمعنى والتنبيه على عظم الأمر ﴿قال﴾ أي يقول الله تعالى لهم وجاء على لفظ الماضي لأنه لتحققه كأنه واقع وقيل معناه تقول الملائكة لهم بأمر الله تعالى ﴿أليس هذا بالحق﴾ كما قالت الرسل وهذا سؤال توبيخ وتقريع وقوله ﴿هذا﴾ إشارة إلى الجزاء والحساب والبعث ﴿قالوا﴾ أي فيقول هؤلاء الكفار مقرين بذلك مذعنين له ﴿بلى﴾ هو حق ﴿وربنا﴾ قسم ذكروه وأكدوا اعترافهم به ﴿قال﴾ الله تعالى أو الملك بأمره ﴿فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون﴾ أي بكفركم وإنما قال ذوقوا لأنهم في كل حال يجدون ذلك وجدان الذائق المذوق في شدة الإحساس من غير أن يصيروا إلى حال من يشم بالطعام في نقصان الإدراك.