الآيات 17-18
وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ﴿17﴾ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴿18﴾
المعنى:
ثم بين سبحانه أنه لا يملك النفع والضر إلا هو فقال ﴿وإن يمسسك الله بضر﴾ أي إن يمسك بفقر أو مرض أو مكروه ﴿فلا كاشف له إلا هو﴾ أي لا مزيل ولا مفرج له عنك إلا هو ولا يملك كشفه سواه مما يعبده المشركون ﴿وإن يمسسك بخير﴾ أي وإن يصبك بغنى أو سعة في الرزق أو صحة في البدن أو شيء من محاب الدنيا ﴿فهو على كل شيء﴾ من الخير والضر ﴿قدير﴾ ولا يقدر أحد على دفع ما يريده لعباده من مكروه أو محبوب فإن قيل إن المس من صفات الأجسام فكيف قال ﴿إن يمسسك الله﴾ قلنا الباء للتعدية والمراد أن أمسك الله ضرا أي جعل الضر يمسك فالفعل للضر وإن كان في الظاهر قد أسند إلى اسم الله تعالى والضر اسم جامع لكل ما يتضرر به من المكاره كما أن الخير اسم جامع لكل ما ينتفع به ﴿وهو القاهر﴾ ومعناه القادر على أن يقهر غيره ﴿فوق عباده﴾ معنى فوق هاهنا قهره واستعلاؤه عليهم فهم تحت تسخيره وتذليله بما علاهم به من الاقتدار الذي لا ينفك منه أحد ومثله قوله تعالى يد الله فوق أيديهم يريد أنه أقوى منهم ﴿وهو الحكيم الخبير﴾ معناه أنه مع قدرته عليهم لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والخبير العالم بالشيء وتأويله أنه العالم بما يصح أن يخبر به والخبر علمك بالشيء تقول لي به خبر أي علم وأصله من الخبر لأنه طريق من طرق العلم فإذا كان القاهر على ما ذكرناه بمعنى القادر صح وصفه سبحانه فيما لم يزل بأنه قاهر وقال بعضهم لا يسمى قاهرا إلا بعد أن يقهر غيره فعلى هذا يكون من صفات الأفعال فلا يصح وصفه فيما لم يزل به.