الآية- 77

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿77﴾

النزول:

نزلت في جماعة من أحبار اليهود أبي رافع وكنانة بن أبي الحقيق وحي بن الأخطب وكعب بن الأشرف كتموا ما في التوراة من أمر محمد وكتبوا بأيديهم غيره وحلفوا أنه من عند الله لئلا تفوتهم الرياسة وما كان لهم على أتابعهم عن عكرمة وقيل نزلت في الأشعث بن قيس وخصم له في أرض قام ليحلف عند رسول الله فلما نزلت الآية نكل الأشعث واعترف بالحق ورد الأرض عن ابن جريج وقيل نزلت في رجل حلف يمينا فاجرة في تنفيق سلعة عن مجاهد والشعبي.

المعنى:

ثم ذكر تعالى الوعيد لهم على أفعالهم الخبيثة فقال ﴿إن الذين يشترون بعهد الله﴾ أي يستبدلون ﴿بعهد الله﴾ أي بأمر الله وما يلزمهم الوفاء به وقيل معناه أن الذين يحصلون بنكث عهد الله ونقضه ﴿و أيمانهم﴾ أي وبالأيمان الكاذبة ﴿ثمنا قليلا﴾ أي عوضا نزرا وسماه قليلا لأنه قليل في جنب ما يفوتهم من الثواب ويحصل لهم من العقاب وقيل العهد ما أوجبه الله على الإنسان من الطاعة والكف عن المعصية وقيل هو ما في عقل الإنسان من الزجر عن الباطل والانقياد للحق ﴿أولئك لا خلاق لهم﴾ أي لا نصيب وافر لهم في نعيم الآخرة ﴿ولا يكلمهم الله﴾ فيه قولان (أحدهما) أنه لا يكلمهم بما يسرهم بل بما يسوءهم وقت الحساب لهم عن الجبائي (والآخر) أنه لا يكلمهم أصلا وتكون المحاسبة بكلام الملائكة لهم بأمر الله إياهم استهانة بهم ﴿ولا ينظر إليهم يوم القيامة﴾ معناه لا يعطف عليهم ولا يرحمهم كما يقول القائل للغير أنظر إلي يريد ارحمني وفي هذا دلالة على أن النظر إذا عدي بحرف إلى لا يفيد الرؤية لأنه لا يجوز حملها هنا على أنه لا يراهم بلا خلاف ﴿ولا يزكيهم﴾ أي لا يطهرهم وقيل لا ينزلهم منزلة الأزكياء عن الجبائي وقيل لا يطهرهم من دنس الذنوب والأوزار بالمغفرة بل يعاقبهم وقيل لا يحكم بأنهم أزكياء ولا يسميهم بذلك بل يحكم بأنهم كفرة فجرة عن القاضي ﴿ولهم عذاب أليم﴾ مؤلم موجع وفي تفسير الكلبي عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله يقول من حلف على يمين كاذبة ليقطع بها مال أخيه المسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان وتلا هذه الآية وروى مسلم بن الحجاج في الصحيح بإسناده من عدة طرق عن أبي ذر الغفاري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة والمنفق سلعته بالحلف الفاجر والمسبل إزاره وعن عبد الله بن مسعود عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرىء مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان أورده مسلم أيضا في الصحيح.