الآيات 31 - 32

قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿31﴾ قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴿32﴾

اللغة:

المحبة هي الإرادة إلا أنها تضاف إلى المراد تارة وإلى متعلق المراد أخرى تقول أحب زيدا وأحب إكرام زيد ولا تقول في الإرادة ذلك لأنك تقول أريد إكرام زيد ولا تقول أريد زيدا وإنما كان كذلك لقوة تصرف المحبة في موضع ميل الطباع الذي يجري مجرى الشهوة فعوملت تلك المعاملة في الإضافة ومحبة الله تعالى للعبد هي إرادة ثوابه ومحبة العبد لله هي إرادته لطاعاته وقالوا أحببت فلانا فهو محبوب استغنوا به عن محب كما استغنوا بأحببت عن حببت وقال عنترة:

ولقد نزلت فلا تظني غيره

مني بمنزلة المحب المكرم

فجاء به على الأصل وحكى الزجاج عن الكسائي حببت من الثلاثي وقوله ﴿ويغفر لكم﴾ لا يجوز في القياس إدغام الراء في اللام كما جاز إدغام اللام في الراء في هل رأيت لأن الراء مكررة ولا يدغم الزائد في الناقص للإخلال به والطاعة اتباع الداعي فيما دعاه إليه بأمره أو إرادته ولذلك قد يكون الإنسان مطيعا للشيطان فيما يدعوه إليه وإن لم يقصد أن يطيعه لأنه إذا مال مع ما يجده في نفسه من الدعاء إلى المعصية فقد أطاع الداعي إليها.

النزول:

قال محمد بن جعفر بن الزبير نزلت الآيتان في وفد نجران من النصارى لما قالوا إنا نعظم المسيح حبا لله.

المعنى:

ثم بين سبحانه أن الإيمان به لا يجدي إلا إذا قارنه الإيمان برسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال ﴿قل﴾ يا محمد ﴿إن كنتم تحبون الله﴾ كما تزعمون ﴿فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم﴾ وقيل معناه إن كنتم تحبون دين الله فاتبعوا ديني يزدد لكم حبا عن ابن عباس وقيل إن كنتم صادقين في دعوة محبة الله تعالى فاتبعوني فإنكم إن فعلتم ذلك أحبكم الله ويغفر لكم ﴿والله غفور رحيم﴾ أي كثير المغفرة والرحمة ﴿قل أطيعوا الله والرسول﴾ أي قل يا محمد إن كنتم تحبون الله كما تدعون فأظهروا دلالة صدقكم بطاعة الله وطاعة رسوله فذلك أمارة صدق الدعوة ﴿فإن تولوا﴾ أي فإن أعرضوا عن طاعة الله وطاعة رسوله ﴿فإن الله لا يحب الكافرين﴾ معناه أنه يبغضهم ولا يريد ثوابهم فدل بالنفي على الإثبات وذلك أبلغ لأنه لو قال يبغضهم لجاز أن يتوهم أنه يبغضهم من وجه ويحبهم من وجه آخر كما يجوز أن يعلم الشيء من وجه ويجهل من وجه وفي هذا دلالة على بطلان مذهب المجبرة لأنه إذا لم يحب الكافرين من أجل كفرهم ولم يرد ثوابهم لذلك فلا يريد إذا كفرهم لأنه لو أراد لم يكن نفي محبته لهم لكفرهم.