الآيات 30 - 34
﴿وَ قَالَ الرَّسُولُ يَـرَبِّ إِنَّ قَوْمِى اتَّخَذُواْ هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُوراً(30) وَكَذلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوَّاً مِّنَ الُمجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً(31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَُ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَـهُ تَرْتِيلا(32) وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَل إِلاَّ جِئْنَـكَ بِالْحَقِّ وَأحْسَنَ تَفْسِيراً(33) الَّذِينَ يَحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكاناً وَأضَلُّ سَبِيلا(34)﴾
التّفسير
إلهي، إنّ الناس قد هجروا القرآن:
كما تناولت الآيات السابقة أنواعاً من ذرائع المشركين والكافرين المعاندين، تتناول الآية الأُولى في مورد البحث هنا حزن وشكاية الرّسول الأعظم(ص) بين يدي الله عزَّوجلّ من كيفية تعامل هذه الفئة مع القرآن، فتقول: (وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً).(1)
قول الرّسول(ص) هذا، وشكواه هذه، مستمران إلى هذا اليوم من فئة عظيمة من المسلمين، يشكو بين يدي الله أنّهم دفنوا القرآن بيد النسيان، القرآن الذي هو رمز الحياة ووسيلة النجاة، القرآن الذي هو سبب الإنتصار والحركة والترقي، القرآن الممتلىء ببرامج الحياة، هجروا هذا القرآن فمدّوا يد الإستجداء إلى الآخرين، حتى في القوانين المدنية والجزائية.
إلى الآن، لو تأملنا في وضع كثير من البلدان الإِسلامية، خصوصاً أُولئك الذين يعيشون تحت هيمنة الشرق والغرب الثقافية، لوجدنا أنّ القرآن بينهم كتاب للمراسم والتشريفات، يذيعون ألفاظه وحدها بأصوات عذبة عبر محطات البث، ويستخدمونه في زخرفة المساجد بعنوان الفن المعماري، ولافتتاح منزل جديد، أو لحفظ مسافر، وشفاء مريض، وعلى الأكثر للتلاوة من أجل الثواب.
ويستدلون بالقرآن، أحياناً وغايتهم إثبات أحكامهم المسبّقة الخاطئة من خلال الإستعانة بالآيات، وبالإستفادة من المنهج المنحرف في التّفسير بالرأي.
في بعض البلدان الإسلامية، هناك مدارس في طول البلاد وعرضها بعنوان: مدارس "تحفيظ القرآن" وفريق عظيم من الأولاد والبنات مشغولون بحفظ القرآن، في الوقت الذي تؤخذ أفكارهم عن الغرب حيناً، وعن الشرق حيناً آخر، وتؤخذ قوانينهم وقراراتهم من الأجانب، أمّا القرآن فغطاء لمخالفاتهم فقط.
نعم، اليوم أيضاً يصرخ النبي(ص): (يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً). مهجوراً من ناحية لبّه ومحتواه، متروكاً من ناحية الفكر والتأمل، ومهملا من ناحية برامجه البناءَة.
تقول الآية التي بعدها في مواساة النّبي الأكرم(ص) ، حيث كان يواجه هذا الموقف العدائي للخصوم: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين).
لست وحدك قدواجهت هذه العداوة الشديدة لهذه الفئة، فقد مرّ جميع الأنبياء بمثل هذه الظروف، حيث كان يتصدى لمخالفتهم فريق من (المجرمين) فكانوا يناصبونهم العداء.
ولكن إعلم أنّك لست وحيداً، وبلا معين (وكفى بربّك هادياً ونصيراً).
فلا وساوسهم تستطيع أن تضلك، لأنّ الله هاديك، ولا مؤامراتهم تستطيع، أن تحطمك، لأن الخالق معينك، الخالق الذي علمه فوق كل العلوم، وقدرته أقوى من كل القدرات.
الآية التي بعدها، تشير أيضاً إلى ذريعة أُخرى من ذرائع هؤلاء المجرمين المتعللين بالمعاذير، فتقول: (وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة).
أليس القرآن جميعه من قبل الله!؟ أليس من الأفضل أن ينزل جميع محتوى هذا الكتاب دفعة واحدة حتى يقف الناس على عظمته أكثر؟ ولماذا تتنزل هذه الآيات تدريجياً وعلى فواصل زمنية مختلفة؟
و قد يأخذ هذا الإشكال في كيفية نزول القرآن مأخذه من الأفراد السطحيين، خاصّة إذا كانوا من المتمحلين للأعذار بأن هذا الكتاب السماوي العظيم الذي هو أساس ومصدر كل حياة المسلمين، ومحور كل قوانينهم السياسية و الإجتماعية والحقوقية والعبادية، لماذا لم ينزل كاملا ودفعة واحدة على نبيّ الإسلام(ص) ، حتى يقرأه أتباعه من البداية إلى النهاية فيطلعون على محتواه. واساساً فقد كان الأفضل للنبي(ص) أيضاً أن يكون ذا اطلاع على جميع هذا القرآن دفعة واحدة، كيما يجيب الناس فوراً على كل ما يسألونه ويريدون منه.
ولكن القرآن في تتمة نفس هذه الآية يجيبهم: (وكذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا).وقد غفل اُولئك السطحيون عن هذه الحقيقة، فلا شك أن نزول القرآن التدريجي له ارتباط وثيق بتثبيت قلب النّبي(ص) والمؤمنين، وسيأتي بحث مفصل عن ذلك في نهاية هذه الآيات.
ثمّ للتأكيد أكثر على هذا الجواب يقول تعالى: (ولا يأتونك بمثل إلاّ جئناك بالحق وأحسن تفسيراً). أي أنّهم لا يأتون بمثل أو مقولة أو بحث لاضعاف دعوتك ومقابلتها، إلاّ آتيناك بكلام حقّ يقمع كلماتهم الجوفاء وأدلتهم الخاوية بأحسن بيان وأفضل تفسير.
وبما أنّ هؤلاء الأعداء الحاقدين استنتجوا - بعد مجموعة من إشكالاتهم - أن محمّداً وأصحابه مع صفاتهم هذه وكتابهم هذا وبرامجهم هذه شرُّ خلق الله (العياذ بالله) ، ولأنّ ذكر هذا القول لا يتناسب مع فصاحة وبلاغة القرآن، فإنّ الله سبحانه يتناول الإجابة على هذا القول في الآية الأخيرة مورد البحث دون أن ينقل أصل قولهم، يقول:
(الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شرُّ مكاناً وأضلّ سبيلا).
نعم، تتضح هناك نتيجة منهاهج حياة الناس، فريق لهم قامات منتصبة كشجر السرو، ووجوه منيرة كالقمر، وخطوات واسعة، يتوجهون بسرعة إلى الجنّة، في مقابل فريق مطأطئي رؤوسهم إلى الأرض، تسحبهم ملائكة العذاب إلى جهنّم، هذا المصير المختلف يكشف عمن كان ضالا وشقياً! ومن كان مهتدياً وسعيداً؟!
بحوث
1 - تفسير (جعلنا لكل نبيّ عدوّاً).
يفهم من هذه الجملة - أحياناً - أن الله من أجل مواساة النّبي(ص) يقول: لست وحدك لك عدوّ، بل لقد جعلنا لكل نبي عدوّاً، ولازم هذا القول إسناد وجود أعداء الأنبياء إلى الله تعالى، الأمر الذي لا يتفق مع حكمته ولا مع أصل حرية وإرادة الإنسان. ذكر المفسّرون أجوبة متعددة على هذا السؤال ...
قلنا مراراً أن جميع أعمال الإنسان منسوبة إلى الله، لأنّ جميع متعلقاتنا، قدرتنا، قوانا، عقلنا وفكرنا، وحتى حريتنا واختيارنا أيضاً من عنده، وعلى هذا فمن الممكن من هذه الناحية نسبة وجود الأعداء للأنبياء إلى الله، دون أن يستلزم ذلك الجبر وسلب الإختيار، ولا يردَ خدشٌ في مسؤوليتهم إزاء أعمالهم (فتأمل)!
مضافاً إلى أن وجود هؤلاء الأعداء الأشداء ومخالفتهم للأنبياء، يكون سبباً في أن يصبح المؤمنون أقوى في عملهم، وأثبت قدماً، فيتحقق الإمتحان الإلهي بالنسبة إلى الجميع.
هذه الآية في الحقيقة مثل الآية (112) من سورة الأنعام حيث تقول: (وكذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّاً شياطين الإِنس والجن، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً).
أمام الأزاهير تنمو الأشواك، وفي قبال المحسنين يوجد المسيئون، دون أن تنتفي مسؤولية أي واحد من هاتين المجموعتين.
وقال البعض: إنّ المقصود من "جعلنا" هي أوامر ونواهي ومناهج الأنبياء البناءة التي تجر بعض الضالين إلى العداوة، شاؤوا أم أبوا.
و إذا أُسند ذلك إلى الله فلأن الأوامر والنواهي من جهته عزَّوجلّ.
التّفسير الآخر: أن هنالك فئة يطبع الله على قلوبهم ويعمي أبصارهم ويصم أسماعهم بسبب الإِصرار على الذنب والإِفراط في التعصب واللجاجة، هذه الفئة يصبحون أعداء الأنبياء في نهاية المطاف، أمّا أسباب ذلك فهي بما قدموا لأنفسهم.
ولا منافاة بين هذه التفاسير الثلاثة، فمن الممكن أن تجتمع كلها في مفهوم الآية.
2 - الآثار العميقة لنزول القرآن التدريجي
صحيح أنّه كان للقرآن نزولان، طبقاً للرّوايات (بل لظاهر بعض الآيات): أحدهما: "نزول دفعي" مرّة واحدة في ليلة القدر على قلب النّبي(ص) ، والآخر: "نزول تدريجي" في ثلاث وعشرين سنة، لكن بلا شك أن النّزول المعترف به الذي كان النّبي والناس يتفاعلون معه دائماً هو النّزول التدريجى للقرآن.
وهذا النّزول التدريجي بالذات صار سبباً لاستفهامات الأعداء: لماذا لم ينزل القرآن مرّة واحدة ويجعل دفعة واحدة بين أيدي الناس، حتى يكونوا أكثر إطلاعاً وتفهماً، فلا يبقى مكان للشك والريبة؟
ولكن - كما رأينا - فإنّ القرآن أجابهم جواباً قصيراً وجامعاً وبليغاً من خلال جملة (كذلك لنثبت به فؤادك) ، فكلما تأملنا فيها أكثر تتجلى آثار النّزول التدريجي للقرآن أوضح.
1 - لا شك أنّ التشريعات إذا كانت تتنزل بشكل تدريجي تبعاً للحاجات، ويكون لكل مسألة شاهد ومصداق عينيّ، فستكون مؤثرة جدّاً من ناحية "تلقي الوحي" وكذلك "إبلاغ الناس".
مباديء التربية تؤكّد أنّ الشخص أو الأشخاص المراد تربيتهم ينبغي أن يؤخذ بأيديهم خطوة خطوة، فينظم لهم لكل يوم برنامج، ويسلكوا من المرحلة الأدنى التي شرعوا منها إلى المراحل الأعلى والبرامج التي تتدرج بهذه الكيفية تكون أكثر مقبولية وأعمق أثراً.
2 - إنّ هؤلاء المعترضين غافلون أساساً عن أنّ القرآن ليس كتاباً عادياً يبحث في موضوع أو علم معين، بل هو منهج حياتي للأُمة التي تغيرت به، واستلهمت منه في جميع أبعاد الحياة ولا تزال.
كثير من آيات القرآن نزلت في مناسبات تاريخية مثل معركة (بدر) و(أُحد) و (الأحزاب) و(حنين) ، وبذلك سُنّت التشريعات والإستنتاجات من هذه الحوادث، ترى هل يصح أن تكتب هذه مرّة واحدة وتعرض على الناس!؟
بعبارة أُخرى: القرآن مجموعة من أوامر ونواه، أحكام وقوانين، تاريخ وموعظة، ومجموعة من الخطط ذات المدى الطويل أو القصير في مواجهة الأحداث التي كانت تبرز أمام مسير الأُمة الإسلامية، كتاب - كهذا - يبيّن وينفذ جميع مناهجه حتى قوانينه الكلية عن طريق الحضور في ميادين حياة الأُمة، لا يمكن أن ينظم ويُدوَّنَ دفعة واحدة.
و هذا من قبيل أن يقوم قائد عظيم بكتابه ونشر جميع بياناته وإعلاناته وأوامره ونواهيه - التي يصدرها في المناسبات المختلفة - دفعة واحدة من أجل تسيير الثورة، تُرى هل يعتبر هذا العمل عقلائياً!؟
3 - النّزول التدريجي للقرآن كان سبب ارتباط النّبي(ص) الدائم والمستمر بمبدأ الوحي ممّا يجعل قلبه الشريف أقوى وإرادته أشدّ. ومن غير الممكن إنكار تأثيره في المناهج التربوية.
4 - من جهة أخرى فإنّ استمرار الوحي دليل على استمرار رسالة وسفارة النّبي(ص) ، وسوف لن يترك مجالا لوسوسة الأعداء لكي يقولوا: لقد بعث هذا النّبي ليوم واحد! ثمّ تركه ربه، كما نقرأ في التأريخ الإسلامي أن هذه الهمهمة ظهرت أثناء تأخر الوحي في بداية الدعوة، فأنزلت سورة (والضحى) لنفي ذلك.
5 - لا شك أنّه إذا كان مقرراً لمناهج الإسلام أن تنزل جميعها دفعة واحدة، فقد كان من اللازم أن تطبَّقَ دفعة واحدة أيضاً، لأن النّزول بدون تطبيق يُفقد النّزول قيمته، ومن المعلوم أن تطبيق جميع المناهج أعم من العبادات كالزكاة والجهاد، ورعاية جميع الواجبات والإمتناع عن كل المحرمات دفعة واحدة.. عمل ثقيل جدّاً قد يؤدي إلى فرار فئة كبيرة من الإسلام.
و بهذا يتبيّن أن النّزول التدريجي وبالتالي التطبيق التدريجي أفضل من جهات كثيرة.
و بعبارة أُخرى: إنّ أيّ واحد من هذه التشريعات في صورة النّزول التدريجي سيتم هضمه واستيعابه بصورة جيدة، وفي حالة تعرضه لبعض الاستفهامات يمكن طرحها والاجابة عليها.
6 - وفائدة اُخرى من فوائد النّزول التدريجي هو اتضاح عظمة وإعجاز القرآن، ذلك لأن في كل واقعة تنزل عدّة آيات كريمة تكون لوحدها دليل العظمة و الاعجاز، وكلما يتكرر تتجلى أكثر هذه العظمة وهذا الإِعجاز، فينفذ في أعماق قلوب الناس.
3 - معنى الترتيل في القرآن:
كلمة "ترتيل" من مادة "رتل" (على وزن قمر) بمعنى انتظم واتسق، لذا فالعرب يقولون "رتل الأنسان" لمن تكون أسنانه جيدة ومنتظمة ومتسقة. وعلى هذا الأساس يطلق الترتيل بمعنى القراءة المتسقة للكلام أو الآيات بموجب نظام وحساب.
و على هذا فجملة (ورتلناه ترتيلا) إشارة إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ آيات القرآن وإن نزلت تدريجاً وفي مدة 23 سنة، لكنّ هذا النّزول كان على أساس نظام وحساب ومنهج بحيث ادى الى رسوخه في الأفكار وغرسه في القلوب.
في تفسير كلمة "ترتيل" نقلت روايات جذابة، نشير إلى بعضها كما يأتي:
في تفسير "مجمع البيان" "نقل عن النّبي(ص) أنّه أمر ابن عباس: "إذا قرأت القرآن فرتلْه ترتيلا" فسألته: وما الترتيل؟ قال: "بينه تبييناً ولا تنثره نثر الدقل ولا تهزه هزَّ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكونن همُّ أحدكم آخر السورة".(2)
و هناك رواية بهذه المضمون رواه الشيخ الكليني في "أصول الكافي" عن أمير المؤمنين علي(ع).(3)
و نقل أيضاً عن الإمام الصادق(ع) "الترتيل أن تتمكث به وتحسن به صوتك، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعوّذ بالله من النار، وإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فاسأل الله الجنّة".(4)
4 - تفسير(يحشرون على وجوههم إلى جهنم)
أقوال كثيرة بين المفسّرين في ما هو المقصود بحشر هذه الفئة من المجرمين على وجوههم!؟
بعضهم فسّروا ذلك بنفس معناه الحقيقي، وقالوا: إنّ ملائكة العذاب يسحبونهم إلى جهنم وهم ملقَون على وجوههم إلى الأرض، وهذا علامة على مهانتهم وذلتهم، لأنّهم كانوا في الدنيا في غاية الكبر والغرور والإستهانة بخلق اللّه، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى تجسيد لضلالتهم في هذا العالم، ذلك أن من يسحبونه بهذه الصورة لا يرى ما أمامه بأي شكل، وغافل عما حوله.
و البعض الآخر أخذوا بمعناه الكنائي، فقالوا تارة هذه الجملة كناية عن تعلق قلوب أولئك بالدنيا، فهم يسحبون إلى جهنم لأن وجوه قلوبهم لا زالت مرتبطة بالدنيا.(5)
وقالوا تارةً اُخرى: انها كناية مستعملة في الأدب العربي حيث يقولون: فلان مرَّ على وجهه، يعني أنّه لم يكن يدري أين يذهب.
لكن الواضح أنّنا مع عدم الدليل على المعنى الكنائي، لابدّ من حملها على المعنى الأوّل، وهو المعنى الحقيقي.
1- بحار الأنوار ج 74 ص 198.
2- الخصال، للصدوق، طبقاً لنقل بحار الأنوار، ج 74، ص 195 .
3- الظاهر أن جملة "قال" فعل ماض، تدل على أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد ذكر هذا القول على سبيل الشكوى في هذه الدنيا، وأكثر المفسّرين أيضاً على هذا الإعتقاد، لكن بعضاً آخر مثل "العلامة الطباطبائي" في "الميزان" يعتقدون أن هذا القول مرتبط بيوم القيامة، والفعل الماضي هنا بمعنى المضارع. وذكر العلامة الطبرسي في مجمع البيان أيضاً هذا على سبيل الإحتمال، لكن الآية التي بعدها، والتي فيها جنبة مواساة للنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دليل على أن التّفسير المشهور هو الأصح.
4- مجمع البيان، ج 7، ص 170 ذيل الآية مورد البحث.
5- أصول الكافي، ج2، ص 449 (باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن).