الآيتان:13 - 14
﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ الُْمجْرِمِينَ13 ثُمَّ جَعَلْنَكُمْ خَلئِفَ فِى الأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ14﴾
التّفسير
الإِعتبار بالظّالمين السابقين:
تشير هذه الآيات أيضاً إِلى معاقبة الأفراد الظالمين والمجرمين في هذه الدنيا، وقد نبّهت المسلمين - بعد أن أطلعتهم على تاريخ من قبلهم - إِلى أنّهم إِذا سلكوا نفس طريق هؤلاء، فسينتظرهم نفس المصير.
فالآية الأُولى تقول: (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا) ثمّ تضيف: (كذلك نجزي القوم المجرمين).
ثمّ تبيّن الآية التالية هذا الأمر بصورة أكثر صراحة، وتقول: (ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون).
ملاحظات
1 - إنّ كلمة "قرون" - جمع قرن - تستعمل عادة بمعنى الزمان الطويل، ولكن حسب ما قاله علماء اللغة فإِنّها جاءت أيضاً بمعنى القوم والجماعة الذين يعيشون في عصر واحد، لأنّ مادتها الأصلية بمعنى الإِقتران والقرب، والمراد هنا في هذه الآية هو المعنى الأخير، أي: الجماعات والأقوام الذين يعيشون في عصر واحد.
2 - لقد ذكرت الآيات - أعلاه - أنّ سبب فناء وهلاك الأقوام السابقة هو الظلم، وذلك لأنّ للفظ الظلم من المفهوم والمعنى الجامع مايدخل ضمنه كل نوع من الذنب والفساد.
3 - يستفاد من جملة: (وما كانوا ليؤمنوا) أنّ الله سبحانه يهلك فقط أُولئك الذين لا أمل في إِيمانهم حتى في المستقبل، وعلى هذا فإِنّ الأقوام التي يمكن أن تؤمن في المستقبل لا يشملها مثل هذا العقاب، لأنّ الفرق كبير بين أن يقال: لم يؤمنوا، وبين أن يقال: لم يكونوا يؤمنون (فتدبّر).
4 - إِنّ جملة (لننظر كيف تعملون) لا تعني النظر بالعين الباصرة قطعاً، ولا تعني التفكر والنظر القلبي، لأنّ الله سبحانه منزّه عن كليهما، بل المراد منها أنّها حالة شبيهة بالإِنتظار، أي إِنّنا سنترككم وأنفسكم ثمّ ننتظر ماذا تعملون؟