آراء العلماء في الشيخين

إمتناع أبي زرعة من الرواية عن البخاري:

1 - لقد امتنع أبو زرعة عبدالله بن عبدالكريم الرازي من الرواية عن البخاري، أمّا مسلم فقد ذكر صحيحه فقال: " هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعملوا شيئاً يتسوّقون به ".

* هذا رأي أبي زرعة في الرجلين، ذكر ذلك جماعة من الأعلام، قال الذهبي: " قال سعيد البرذعي: شهدت أبا زرعة ذكر صحيح مسلم فقال: هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعملوا شيئاً يتسوّقون به، وأتاه رجل - وأنا شاهد - بكتاب مسلم، فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر فقال: ما أبعد هذا عن الصحيح!.. ثم رأى قطن بن نسير فقال لي: وهذا أطمّ من الأول، قطن بن نسير يصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس.. ثم نظر فقال: يروي عن أحمد ابن عيسى في الصحيح! ما رأيت أهل مصر يشكّون في أنّه - وأشار إلى لسانه - "(1).

وقال: " قال أبو قريش الحافظ: كنت عند أبي زرعة فجاء مسلم بن الحجّاج فسلّم عليه وجلس ساعة وتذاكرا، فلمّا قام قلت له: هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح. قال: فلمن ترك الباقي؟! ثمّ قال: هذا ليس له عقل، لو دارى محمد بن يحيى لصار رجلاً "(2).

وقال الذهبي في ترجمة على بن المديني شيخ البخاري: " علي بن عبدالله بن جعفر ابن الحسن الحافظ، أحد الأعلام الأثبات، وحافظ العصر، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فبئس ما صنع، فقال: جنح إلى ابن داود والجهمية، وحديثه مستقيم إن شاء الله. قال لي عبدالله بن أحمد: كان أبي حدّثنا عنه، ثم أمسك عن اسمه وكان يقول: حدّثنا رجل، ثمّ ترك حديثه بعد ذلك. قلت: بل حديثه عنه في مسنده، وقد تركه إبراهيم الحربي وذلك لميلة إلى أحمد بن أبي داود، فقد كان محسناً إليه.

وكذا امتنع مسلم عن الرواية عنه في صحيحة لهذا المعنى، كما امتنع أبو زرعة وأبو حاتم من الرواية عن تلميذه محمد(3) لأجل مسألة اللفظ. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: كان أبو زرعة ترك الرواية عنه من أجل ما كان منه في المحنة "(4).

وقال المناوي في ترجمة البخاري: " زين الامّة، إفتخار الأئمّة، صاحب أصحّ الكتب بعد القرآن.. وقال المذهبي: كان من أفراد العالم مع الدين والورع والمتانة. هذه عبارته في الكاشف. ومع ذلك غلب عليه الغضّ من أهل السنّة، فقال في كتاب الضعفاء والمتروكين: ما سلم من الكلام لأجل مسألة اللفظ، تركه لأجلها الرازيّان(5). هذه عبارته واستغفر الله تعالى، نسأل الله السلامة ونعوذ به من الخذلان "(6).


1- تذهيب التهذيب - ترجمة أحمد بن عيسى المصري، ميزان الاعتدال 1: 125.

2- سير أعلام النبلاء - ترجمة محمد بن يحيى الذهلي 12: 280.

3- هو محمد بن إسماعيل البخاري.

4- ميزان الاعتدال 3: 138.

5- هما: أبو زرعة الرازي وأبو حاتم الرازي.

6- فيض القدير 1: 24.