الآيتان 65 - 66

﴿65 وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيل66 لِّكُلِّ نَبَإ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾

التّفسير

تكمل هاتان الآيتان البحث الذي جرى في الآيات السابقة عن الدعوة إِلى الله والمعاد وحقائق الإِسلام والخشية من عقاب الله.

الآية الأُولى: تخبر رسول الله (ص) أنّ قومه - أي قريش وأهل مكّة - لم يصدقوا ما يقول مع أنّه صدق وحق وتؤكّده الأدلة العقلية المختلفة والفطرية: (وكذب به قومك وهو الحق) (1) ثمّ يصدر الأمر إِلى رسول الله (ص) : (قل لست عليكم بوكيل) أي إِنّما أنا رسول ولست أضمن قبولكم.

في الآيات الكثيرة المشابهة لهذه الآية (كالآيات 107 - الأنعام، 108 - يونس، 41 - الزمر، 6 - الشورى) يتبيّن أنّ المقصود من "وكيل" في هذه المواضع هو المسؤول عن الهداية العملية للأفراد والضامن لهم - لذلك فإنّ رسول الله (ص) يقول لهم في هذه الآية: إِنّ الأمر يعود إِليكم، فأنتم الذين يجب أن تتخذوا القرار النهائي في قبول الحقيقة أو ردّها، فما أنا إِلاّ رسول أُبلغ رسالة الله.

وفي الآية التّالية القصيرة ذات المعنى العميق تحذير لهم، ودعوة إِلى إِختيار الطريق الصحيح، (ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون) (2) أي أنّ كل خبر أخبركم به الرّسول (ص) في هذه الدنيا أو في الآخرة موضع ومقر، وسوف يتحقق في موعده المقرر، وعندئذ ستعرفون ذلك.


1- الضمير في "به" يرجعه بعضهم إِلى القرآن، ويرجعه آخرون إِلى العذاب الذي ورد في الآيات السابقة، ولكنّ الظاهر إنّه يرجع إِلى كل هذه وإلى تعاليم الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) التي كذبوا بها، وتؤكّد ذلك الآية التّالية.

2- قد يكون "المستقر" المصدر الميمي بمعنى "الإِستقرار" أو اسماً لمكان وزمان بمعنى مكان الإِستقرار، بالمعنى الأوّل يكون إِخباراً عن تحقيق وعد الله، وبالمعنى الثاني الإِخبار عن مكان تحققه وزمانه.