الآيات 56 - 58

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِوَمَا لَهُم مِّن نَّـاصِرِينَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَـاتِ فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّـالِمِينَ *ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الاَْيَـاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ *﴾

التّفسير

عاقبة انصار وأعداء المسيح (عليه السلام):

الآية الاُولى والثانية تتابعان الخطاب للسيد المسيح وحال أتباعه وأعدائه، بينما الآية الثالثة فتخاطب نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم).

وبعد ذكر رجوع ا لناس إلى الله ومحاكمتهم- في الآية السابقة- يأتي في هذهالآية ذكر نتيجة تلك المحاكمة.

فالكافرون والمعارضون للحقّ والعدالةسيُلاقون في الآخرة من العذاب الأليم مثل ما يُلاقون في الدنيا، ولنيكون لأيّ منهم حام ولا نصير، (فاما الذين كفروا فاعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين).

ومن الإشارة في هذه الآية إلى عذاب الدنيا نفهم أنّ الكافرين- وهم هنا اليهودـ لاينجون من العذاب.

وهذا ما يؤكّده تاريخ اليهود، ومن ذلك تفوّق الآخرين عليهم كما جاء في الآيات السابقة.

ثمّ أشار القرآن الكريم إلى الفئة الثانية وقال (وأمّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اُجورهم).

ثمّ يؤكد القول: (والله لا يحب الظالمين).

تقديم مصير الكافرين على المؤمنين من أجل أن الكافرين بنبوّة المسيح (عليه السلام)كانوا يشكلون الأغلبية.

والملفت للنظر أن الآية الاُولى إكتفت بذكر الكفر فقط.

أمّا الآية الثانية فقرنت الإيمان بالعمل الصالح، وهذا إشارة إلى أن الكفر لوحده يكون سبباً للعذاب الإلهي.

ولكن الإيمان لوحده لا يكفي للنجاة، بل لابدّ وأن يقترن بالعمل الصالح.

وجملة (والله لا يحب الظالمين) لعلّها ناظرة إلى أن جميع معاني الكفر والأعمال السيّئة داخلة في مفهوم الظلم بمعناه الواسع.

ومن الواضح أن الله لا يحب الظالمين ولا يقدم على ظلم عباده بل يوفيهم اُجورهم بالكامل.

وبعد ذكر تاريخ المسيح وبعض ما جرى له، يتّجه الخطاب إلى رسول الإسلام(ص) فيقول: كلّ هذا الذي سردناه عليك دلائل صدق لدعوتك ورسالتك، وكان تذكيراً حكيماً جاء بصورة آيات قرآنية نزلت عليك، تبيّن الحقائق في بيان محكم وخال من كلّ هزل وباطل وخرافة.