الآية 266
﴿يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَـاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِنَ الاَْرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِـَاخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾
عن الصادق (عليه السلام) أنّها نزلت في أقوام لهم رِبَاً في الجاهلية، وكانوا يتصدّقون منه، فنهاهم الله عن ذلك وأمر بالصدقة من الطيّب الحلال.
عن علي (عليه السلام) أنّها نزلت في قوم كانوا يأتون بالحشف (وهو أردأ التمر) فيدخلونه في الصدقة(1).
وليس بين الروايتين أي تعارض، ولعلّ الآية نزلت في كلتا الفئتين، فالشأن الأوّل يخصت الطهارة المعنوية، ويخص الثاني طيب الظاهر المادّي.
ولكن ينبغي الإشارة إلى أنّ المرابين في الجاهلية امتنعوا عن تعاطي الربا بعد الأموال التي يمكن إنفاقها:
وفي ختام الآية يقول: (واعلموا أنّ الله غني حميد) أي لا تنسوا أنّ الله لا حاجة به لإنفاقكم فهو غنيٌّ من كلّ جهة، بل أنّ جميع المواهب والنعم تحت أمره وفي دائرة قدرته، ولذلك فهو حميد ومستحق للثناء والحمد، لأنّه وضع كلّ هذه النعم بين أيديكم.
واحتمل البعض أنّ كلمة (حميد) تأتي هنا بمعنى إسم الفاعل (حامد) لا بمعنى محمود، أي أنّه على الرغم من غناه عن إنفاقكم فإنّه يحمدكم على ما تنفقون.
لاشكّ أنّ الإنفاق في سبيل الله هو من أجل نيل القرب من ساحته المقدّسة، وعندما يريد الناس التقرّب إلى السلاطين وأصحاب النفوذ فإنّهم يقدّمون إليهم هدايا من أفضل أموالهم وأحسن ثرواتهم، في حين أنّ هؤلاء السلاطين أناسٌ مثلهم فكيف يتقرّب الإنسان إلى ربّه وخالقه وربّ السموات والأرض لتقديم بعض أمواله الدنيئة كهديّة؟! فما نرى في الأحكام الشرعيّة من وجوب كون الزكاة وحتّى الهديّ في الحجّ من المرغوب والجيّد يدخل في دائرة هذا الإعتبار.
وعلى كلّ حال يجب الإلتزام ونشر هذه الثقافة القرآنية بين صفوف المسلمين في إنفاقهم الجيّد من الأموال.
1- "الإعصار" ريح تثير الغبار، وهي تهبّ من اتجاهين مختلفين، بحيث إنّها تتجه من الأرض عمودياً إلى السماء.