سُورَة البَقَـــرَة
سُورَة البَقَـــرَة
مَدنيّة وعَدَدُ آياتِهَا مَائتان وست وثمانُون آية
محتوى سورة البقرة
هذه السّورة أطول سور القرآن، ومن المؤكد أنّها لم تنزل مرّة واحدة.
بل في مناسبات عديدة، حسب متطلبات المجتمع الإسلامي في المدينة.
وتتميز بشمولها لمبادىء العقيدة ولكثير من الأحكام العملية (العبادية، والإجتماعية، والسياسية، والإقتصادية).
ففي هذه السّورة.
1 - موضوعات حول التوحيد ومعرفة الخالق، عن طريق استنطاق أسرار الكون.
2 - جولات في عالم المعاد والبعث والنشور مقرونة بأمثلة حسيّة، مثل قصّة إبراهيم (عليه السلام) وإحياء الطير، وقصّة عُزير (عليه السلام).
3 - آيات ترتبط بإعجاز القرآن وأهمية كتاب الله العزيز.
4 - سرد مطوّل حول وضع اليهود والمنافقين ومواقفهم المعادية للقرآن والإِسلام وشدّة ضررهم في هذا المجال.
5 - إستعراض لتاريخ الأنيباء، وخاصة إبراهيم وموسى(عليهما السلام).
6 - بيان لأحكام إسلامية مختلفة مثل: الصلاة، والصوم، والجهاد، والحج، والقبلة، والزواج والطلاق، والتجارة والدَّين، والربا، والإنفاق، والقصاص، وتحريم بعض الأطعمة والأشربة، والقمار، وذكر نبذة من أحكام الوصية وأمثالها.
وأما تسميتها بالبقرة، فمأخوذة من قصّة بقرة بني إسرائيل، التي سيأتي شرحها في الآيات (67 - 73) إن شاء الله.
فضيلة هذه السّورة
وردت في فضيلة هذه السّورة نصوص عديدة في المصادر الاسلامية، منها: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنَّهُ سُئِلَ أَيُّ سُوَرِ الْقُرآنِ أفْضَلُ؟ قالَ: «الْبَقَرَةُ» قيلَ: أَيُّ آيَةِ الْبَقَرَةِ أفْضَلُ؟ قالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ».
أفضلية هذه السور تعود على ما يبدو إلى جامعيتها، وأفضلية آية الكرسي تعود إلى محتواها التوحيدي، وسيأتي ذكر ذلك في تفسيرها بإذن الله.
وهذا لا يتنافى مع أفضلية سور اُخرى من جهات اُخرى.
وروى علي بن الحسين(عليهما السلام) عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنَّهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مَنْ قَرَأَ أرْبَعَ آيات مِنْ أوَّلِ الْبَقَرَةِ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَآيَتَيْنِ بَعْدَها، وَثَلاثَ آيات مِنْ آخِرِها، لَمْ يَرَ في نَفْسِهِ وَمالِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ وَلا يَقْرُبُهُ الشَّيْطانُ، وَلا يَنْسى الْقُرْآن».
من اللازم هنا أنْ نعيد التأكيد على هذه الحقيقة، وهي إنّ ما ذكر من ثواب وفضيلة وجزاء لتلاوة بعض السور والآيات الخاصة، لا يعني - إطلاقاً - قراءتها بشكل أوراد، ولا الإِكتفاء بترديد ألفاظها، بل التلاوة للفهم، والفهم من أجل التفكير، والتفكير لغرض العمل.
ومن الملاحظ أنّ كل فضيلة ذكرت لآية أو سورة إنما تتناسب كثيراً مع محتوى السّورة والآية.
ففي فضيلة سورة النور ذكر أنّ من يواظب على قراءتها يصونه الله وأولاده من (الزنا) وذلك لأن محتوى هذه السّورة يتضمن تعاليم في حقل مكافحة الإنحرافات الجنسية، مثل حث العزاب على الزواج، والأمر بالحجاب وغضّ الأبصار عما يثير الشهوة، والتحذير من إشاعة الفاحشة والقذف، وكذلك الأمر بإجراء الحد الشرعي على الزاني والزانية.
ومن الطبيعي أن محتوى هذه السّورة - إن دخل حيّز التنفيذ - يصون المجتمع والأُسرة من الزنا.
وهكذا الآيات المذكورة من سورة البقرة، ستكون لها تلك الفضائل حتماً إن قرأها الإِنسان بامعان وتشبّعت نفسه بمحتواها، خاصة وأنّها جميعاً تدور حول محور التوحيد والإيمان بالغيب ومعرفة الله، والحذر من وساوس الشيطان.
صحيح أنّ قراءة القرآن عمل مثاب عليه في أي حال من الأحوال، لكن الثواب الأساس يترتب على التلاوة المقرونة بالتفكير والعمل.