تفسير سورة التكوير

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء عبس و تولى وإذا الشمس كورت كان تحت جناح الله من الجنات، وفى ظل الله وكرامته وفى جناته ولا يعظم ذلك على الله إن شاء الله.

2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرء إذا الشمس كورت أعاذه الله ان يفضحه حين ينشر صحيفته.

3 - ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب ان ينظر إلى يوم القيامة فليقرء إذا الشمس كورت.

4 - وروى أبو بكر قال: قلت: يا رسول الله أسرع إليك الشيب؟قال: شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتسائلون وإذا الشمس كورت.

5 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي ذر الغفاري رحمه الله قال: كنت آخذا بيد النبي صلى الله عليه وآله ونحن نتماشى جميعا، فمازلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت يا رسول الله أين تغيب؟قال: في السماء ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا حتى تكون تحت العرش، فتخر ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكلون بها ثم تقول: يا رب من أين أطلع؟أمن مغربي أم من مطلعي؟فذلك قوله عز وجل: " والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم " يعنى صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه، قال: فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف وقصره في الشتاء وما بين ذلك في الخريف والربيع قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها قال النبي صلى الله عليه وآله: فكأني بها قد جلست مقدار ثلاث ليال ثم لا تكسى ضوء وتؤمر أن تطلع من مغربها فذلك قوله عز وجل: إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت والقمر كذلك من مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه وارتفاعه إلى السماء السابعة، ويسجد تحت العرش ثم يأتيه جبرئيل من نور الكرسي، فذلك قوله عز وجل: " جعل الشمس ضياء والقمر نورا ".

6 - في تفسير علي بن إبراهيم " إذا الشمس كورت " قال: تصير سوداء مظلمة " وإذا النجوم انكدرت " قال: يذهب ضوءها.

وإذا الجبال سيرت قال تسير كما قال: " تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب " قوله: وإذا العشار عطلت قال الإبل تتعطل إذا مات الخلق فلا يكون من يحلبها قوله: وإذا البحار سجرت قال: تتحول البحار التي حول الدنيا كلما نيرانا وإذا النفوس زوجت قال: من الحور العين.

7 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " وإذا النفوس زوجت " قال: اما أهل الجنة فزوجوا الخيرات الحسان، واما أهل النار فمع كل انسان منهم شيطان يعنى قرنت نفوس الكافرين والمنافقين بالشياطين فهم قرنائهم.

8 - في مجمع البيان وروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام وإذا الموؤودة سئلت بفتح الميم والواو وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام " وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت ".

(1)

9 - وفيه ومن قرء " وإذا الموؤودة سألت بفتح السين " جعلت الموؤودة موصوفة بالسؤال، وبالقول بأي ذنب قتلت.

ويمكن أن يكون الله تعالى أكملها في تلك الحال وأقدرها على النطق حتى قالت ذلك القول، ويعضده ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه يجئ المقتول ظلما يوم القيامة وأوداجه تشخب دما اللون لون الدم، والريح ريح المسك، متعلقا بقاتله يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني، و اما من قرء الموؤودة بفتح الميم والواو فالمراد بذلك الرحم والقرابة، وانه يسأل قاطعها عن سبب قطعها، وعن أبي جعفر عليه السلام قال: يعنى قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله ومن قتل في جهاد.

وفى رواية أخرى قال: هو من قتل في مودتنا وولايتنا.

10 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب الباقر عليه السلام في قوله: " وإذا الموؤودة سئلت " يقول: أسئلكم عن المودة التي انزل عليكم فضلها مودة ذي القربى، وحقنا الواجب على الناس، وحبنا الواجب على الخلق، قتلوا موؤدنا بأي ذنب قتلتمونا.

11 - في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن حسان وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ثم قال جل ذكره: " وآت ذا القربى حقه " وكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية التي جعلت والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار النبوة.

فقال: " قل لا أسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى " ثم قال: " وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت " يقول أسئلكم عن المودة التي نزلت عليكم فضلها مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم.

12 - محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس ان الله تبارك و تعالى ارسل إليكم الرسول إلى أن قال: ودفنوا في التراب الموؤودة بينهم من أولادهم أو لا يختارون دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض الدنيا، لا يرجون ثوابا ولا يخافون والله منه عقابا، حيهم أعمى نجس وميتهم في النار مبلس فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى.

13 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمان بن حماد عن بعض أصحابه رفعه قال: قال أمير المؤمنين: واما الذنب الذي لا يغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض ان الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه (2) أقسم قسما على نفسه فقال: وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف، ومسحة بكف أو نطحة ما بين القرناء إلى الجماء (3) فيقتص للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لاحد على أحد مظلمة، ثم يبعثهم للحساب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

14 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد ابن محمد عن علي بن الحكم عن أيمن بن محرز عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " وإذا الموؤودة سئلت * بأي ذنب قتلت " قال: من قتل في مودتنا، وقال علي بن إبراهيم في قوله: وإذا الصحف نشرت قال: صحف الأعمال قوله: وإذا السماء كشطت قال: أبطلت.

15 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وفى رواية سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي وذكر حديثا طويلا وفيه قال علي عليه السلام: ويلك يا بن الخطاب لو تدرى مما خرجت وفيما دخلت وماذا جنيت على نفسك وعلى صاحبك؟فقال أبو بكر: يا عمر اما إذا بايع وأمنا شره وفتكه وغائلته فدعه يقول ما يشاء فقال علي عليه السلام لست بقائل غير شئ واحد.

أذكركم بالله أيها الأربعة يعنيني والزبير وأبا ذر و المقداد: أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن تابوتا من نار فيه اثنا عشر رجلا، ستة من الأولين وستة من الآخرين، في جب في قعر جهنم في تابوت مقفل، على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم كشف تلك الصخرة عن ذلك الجب فاستعاذت جهنم من وهج (4) ذلك الجب فسألناه عنهم وأنتم شهود فقال صلى الله عليه وآله: اما الأولين فابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون الفراعنة، والذي حاج إبراهيم في ربه، ورجلان من بني إسرائيل بدلا كتابهم وغيرا سنتهم، اما أحدهما فهود اليهود، والاخر نصر النصارى، وإبليس سادسهم، والدجال في الآخرين وهؤلاء الخمسة أصحاب الصحيفة الذين تعاهدوا وتعاقدوا على عداوتك يا أخي وتظاهروا عليك بعدى، هذا وهذا وهذا حتى عدهم وسماهم؟فقال سلمان: فقلنا صدقت نشهد انا سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله.

16 - وعن سليم بن قيس الهلالي قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام للزبير وقد ادعى ان سعيد بن عمرو بن نفيل سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في العشرة: انهم من أهل الجنة: ووالله ان بعض من سميته لفى تابوت في شعب في جب في أسفل درك من جهنم; على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله ان يسعر جهنم رفع تلك الصخرة، سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

17 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: فلا أقسم بالخنس قال: أي وأقسم بالخنس وهو اسم النجوم الجوار الكنس قال: النجوم تكنس (5) بالنهار فلا تبين.

18 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن عطية عن أم هاني الثقفية قال: غدوت على سيدي محمد بن علي الباقر عليهما السلام فقلت: يا سيدي آية من كتاب الله عز وجل " فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس " قال: نعم المسألة سئلتني يا أم هاني هذا مولود في آخر الزمان هو المهدى من هذه العترة، يكون له حيرة و غيبة يضل فيها قوم ويهتدى فيها قوم، فيا طوبى لك ان أدركتيه ويا طوبى لمن أدركه.

19 - في أصول الكافي علي بن محمد عن جعفر بن محمد عن موسى بن جعفر البغدادي عن وهب بن شاذان عن الحسن بن أبي الربيع عن محمد بن إسحاق عن أم هاني قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن قول الله عز وجل: " فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس " قالت: فقال: امام يخنس (6) سنة ستين و مأتين، ثم يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء، وان أدركت زمانه قرت عينك

20 - عدة من أصحابنا عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسن عن عمر بن يزيد عن الحسن بن الربيع الهمداني قال حدثنا محمد بن إسحاق عن أسيد بن ثعلبة عن أم هاني قال: لقيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام فسألته عن هذه الآية " فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس " قال الخنس امام يخنس في زمانه عند انقطاع علمه من عند الناس سنة ستين ومأتين، ثم يبدو كالشهاب الواقد في ظلمة الليل، فان أدركت ذلك قرت عينك.

21 - في مجمع البيان " بالخنس " وهي النجوم تخنس بالنهار وتبدو بالليل والجوار صفة لها، لأنها تجرى في أفلاكها " الكنس " من صفتها أيضا لأنها تكنس أي تتوارى في بروجها كما تتوارى الظباء في كناسها (7) وهي خمسة أنجم: زحل والمشترى والمريخ والزهرة وعطارد عن علي عليه السلام.

والليل إذا عسعس أي إذا أدبر بظلامه عن علي عليه السلام.

22 - في تفسير علي بن إبراهيم " والليل إذا عسعس " قال: إذا أظلم والصبح إذا تنفس قال: إذا ارتفع.

23 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله عن شئ تنفس ليس له لحم ولا دم؟فقال: ذاك الصبح إذا تنفس.

24 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ذي قوة عند ذي العرش مكين قال: يعنى جبرئيل قلت: قوله مطاع ثم امين قال: يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله هو المطاع عند ربه الأمين يوم القيامة.

25 - في مجمع البيان وفى الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لجبرئيل: ما أحسن ما اثنى عليك ربك " ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم امين " فما كانت قوتك وما كانت أمانتك؟فقال: أما قوتي فانى بعث إلى مدائن لوط وهي أربع مدائن، في كل مدينة أربعمأة ألف مقاتل سوى الذراري، فحملتهم من الأرض حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهن فقلبتهن واما أمانتي فانى لم أؤمر بشئ فعدوته إلى غيره.

26 - وفيه عند قوله تعالى: " وما أرسلناك الا رحمة للعالمين " روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية: هل أصابك من هذه الرحمة شئ؟قال: نعم انى كنت اخشى عاقبة الامر فامنت بك لما اثنى الله على بقوله: " ذي قوة عند ذي العرش مكين ".

27 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه من الحديث أعنى قوله يوم القيامة: قلت: وما صاحبكم بمجنون قال: يعنى النبي صلى الله عليه وآله في نصبه أمير المؤمنين عليه السلام علما للناس.

28 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم و أتوب إليه، كتب في أفق المبين، قال: قلت: وما الأفق المبين؟قال: قاع (8) بين يدي العرش فيه انهار تطرد، وفيه من القدحان عدد النجوم.

29 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه قريبا أعني قوله " علما للناس " قلت وما هو على الغيب بضنين قال: ما هو تبارك وتعالى على نبيه بغيبه بضنين عليه، قلت قوله: وما هو بقول شيطان رجيم قال: يعنى الكهنة الذين كانوا في قريش فنسب كلامهم إلى كلام الشياطين الذين كانوا معهم، يتكلمون على ألسنتهم، فقال: وما هو بقول شيطان رجيم مثل أولئك، قلت قوله: فأين تذهبون ان هو الا ذكر للعالمين لمن اخذ الله ميثاقه على ولايته عليه السلام قلت: لمن شاء منكم ان يستقيم قال: في طاعة على والأئمة من بعده قلت قوله: وما تشاؤن الا أن يشاء الله رب العالمين قال: لا المشية إليه تبارك وتعالى لا إلى الناس.

30 - حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن أحمد عن أحمد بن محمد السياري عن فلان عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن الله جعل قلوب الأئمة موردا لإرادته، فإذا شاء الله شيئا شاؤه، وهو قوله: " وما تشاؤن الا ان يشاء الله رب العالمين ".

31 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يذكر فيه جواب بعض الزنادقة عما اعترض به على التنزيل أجاب عليه السلام عما توهمه من التناقض بين قوله: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " وقوله: " يتوفاكم ملك الموت، وتوفته رسلنا، وتتوفاهم الملائكة " بقوله: فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة " الرحمة والنقمة يصدرون عن امره فعلهم فعله، وكل ما يأتونه منسوب إليه، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت، وفعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء، ويعطى ويمنع ويثيب ويعاقب على بد من يشاء، وان فعل امنائه فعله، كما قال: " وما تشاؤن الا ان يشاء الله ".


1- لعله كناية عن ظهور أحكامه وثوابه وحسابه.

2- نطحه - كمنعه -: أصابه بقرنه. والجماء: الشاة لا قرن لها.

3- الوهج - محركة -: اتقاد النار والشمس وحرهما من بعيد.

4- أي تستر.

5- أي يستر.

6- الكناس - ككتاب -: بيت الظبي يستتر فيه.

7- القاع: ارض سهلة مطمئنة.

8- وفى نسخة الأصل " قدم " بدل " قام ".