تفسير سورة عبس

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء عبس و تولى وإذا الشمس كورت كان تحت جناح الله من الجنان، وفى ظل الله وكرامته وفى جنانه.

ولا يعظم ذلك على الله إن شاء الله.

2 - في تفسير مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ عبس جاء يوم القيامة ووجهه ضاحك مستبشر.

3 - في تفسير علي بن إبراهيم عبس وتولى أن جاءه الأعمى قال: نزلت في عثمان وابن أم مكتوم مؤذن لرسول الله صلى الله عليه وآله وكان أعمى، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده فقدمه رسول الله صلى الله عليه وآله على عثمان، فعبس عثمان وجهه وتولى عنه، فأنزل الله " عبس وتولى " يعنى عثمان " أن جاءه الأعمى * و ما يدريك لعله يزكى " أي يكون طاهرا أزكى أو يذكر قال: يذكره رسول الله صلى الله عليه وآله فتنفعه الذكرى

4 - في مجمع البيان قيل نزلت الآية في عبد الله بن أم مكتوم وهو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بنى عامر بن لوى.

وذلك أنه اتى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يناجى عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وأبيا و أمية ابني خلف يدعوهم إلى الله ويرجو اسلامهم، فقال: يا رسول الله أقر بني وعلمني مما علمك الله، فجعل يناديه وكرر النداء ولا يدرى انه مشتغل مقبل على غيره، حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله لقطعه كلامه.

وقال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد انما اتباعه العميان والعبيد فأعرض واقبل على القوم يكلمهم، فنزلت الآيات وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رآه قال: مرحبا بمن عاتبني فيه ربى، ويقول: هل لك من حاجة؟واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين، قال انس بن مالك: فرأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء.

وروى عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رأى أم مكتوم قال: مرحبا لا والله لا يعاتبني الله فيك ابدا وكان يصنع من اللطف حتى كان يكف عن النبي صلى الله عليه وآله مما يفعل به، قال المرتضى علم الهدى قدس سره: ليس في ظاهر الآية دلالة على توجهها إلى النبي صلى الله عليه وآله بل هي خبر محض لم يصرح به المخبر عنه، وفيها ما يدل على أن المعنى بها غيره، لان العبوس ليس من صفات النبي صلى الله عليه وآله مع الأعداء المتبائنين فضلا عن المؤمنين المسترشدين ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة، و يؤيد هذا القول قوله سبحانه في وصفه عليه السلام: " وانك لعلى خلق عظيم " وقوله: " و لو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك " والظاهر أن قوله: عبس وتولى المراد به غيره وروى عن الصادق عليه السلام انها نزلت في رجل من بنى أمية كان عند النبي صلى الله عليه وآله، فجائه ابن أم مكتوم فلما رآه تقذر منه وعبس وجمع نفسه وأعرض بوجهه عنه، فحكى الله سبحانه ذلك وانكره عليه.

5 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب عثمان فقال: اما من استغنى فأنت له تصدى قال: أنت إذا جاءك غنى تتصدى له وترفعه وما عليك الا يزكى أي لا تبالي أزكيا أو غير زكى إذا كان غنيا واما من جاءك يسعى يعنى ابن أم مكتوم وهو يخشى فأنت عنه تلهى أي تلهو ولا تلتفت إليه.

6 - في مجمع البيان وفى الشواذ قراءة الحسن " آن جاءه " وقراءة أبى جعفر عليه السلام " تصدى " بضم التاء وفتح الصاد و " تلهى " بضم التاء أيضا.

7 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: كلا انها تذكرة قال: القرآن في صحف مكرمة مرفوعة قال: عند الله مطهرة بأيدي سفرة قال: بأيدي الأئمة عليهم السلام كرام بررة.

8 - في مجمع البيان " كرام بررة " وقال قتادة: هم القراء يكتبونها ويقرؤنها، قال: وروى الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام قال: الحافظ للقرآن العالم به مع السفرة الكرام البررة (انتهى).

9 - في تفسير علي بن إبراهيم: قتل الانسان ما أكفره قال: هو أمير المؤمنين عليه السلام قال: " ما أكفره " أي ما فعل وأذنب حتى قتلوه، أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن جميل بن دراج عن أبي أسامة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله: " قتل الانسان ماء أكفره " قال نعم.

نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام ما أكفره؟يعنى بقتلكم إياه.

10 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه " قتل الانسان ما أكفره " أي لعن الانسان.

11 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا من الرواية عنه أعني قوله: بقتلكم إياه ثم نسب أمير المؤمنين عليه السلام ونسب خلقه وما أكرمه الله به فقال: من أي شئ خلقه يقول: من طينة الأنبياء خلقه فقدره للخير ثم السبيل يسره يعنى سبيل الهدى ثم أماته ميتة الأنبياء ثم إذا شاء انشره قلت: فما قوله: " ثم إذا شاء أنشره "؟قال يمكث بعد قتله في الرجعة فيقضى ما أمره.

وفيه أي في تفسيره أيضا ثم السبيل يسره قال: يسر له طريق الخير.

قال عز من قائل: ثم أماته فأقبره.

12 - في كتاب علل الشرايع في العلل التي ذكر الفضل بن شاذان انه سمعها من الرضا عليه السلام فان قال: فلم أمر بدفنه؟قيل: لئلا يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغير ريحه، ولا تنأذي به الاحياء بريحه وبما يدخل به الآفة والدنس والفساد، وليكون مستورا عن الأولياء والأعداء فلا يشمت عدو ولا يحزن صديق.

13 - في تفسير علي بن إبراهيم: كلا لما يقض ما امره أي لم يقض أمير المؤمنين عليه السلام ما قد أمره، وسيرجع حتى يقضى ما أمره فلينظر الانسان إلى طعامه انا صببنا الماء صبا إلى قوله: وقضبا قال: القضب ألقت (1) قوله: وفاكهة وأبا قال: الأب الحشيش للبهائم.

14 - في ارشاد المفيد رحمه الله وروى أن أبا بكر سئل عن قول الله تعالى: " وفاكهة وأبا " فلم يعرف معنى الأب من القرآن، وقال: أي سماء تظلني أم أي أرض تقلني أم كيف أصنع ان قلت في كتاب الله بما لا أعلم، اما الفاكهة فنعرفها، واما الأب فالله أعلم، فبلغ أمير المؤمنين عليه السلام مقاله في ذلك فقال: سبحان الله اما علم أن الأب هو الكلاء والمرعى؟وان قوله تعالى " وفاكهة وأبا " اعتداد من الله بانعامه على خلقه فيما غذاهم به وخلقه لهم ولانعامهم مما تحيى به أنفسهم، وتقوم به أجسادهم.

أقول قد نقلنا في سورة والنازعات عند قوله عز وجل " اخرج منها ماءها و مرعاها " ما يكون بيانا لقوله عز وجل: " انا صببنا الماء صبا " إلى قوله: " متاعا لكم و لانعامكم " فليراجع.

15 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وقام رجل يسأله فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن قول الله تعالى يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه من هم؟قال: قابيل وهابيل.

والذي يفر من أمه موسى، والذي يفر من أبيه إبراهيم يعنى الأب المربى لا الوالد، والذي يفر من صاحبته لوط، والذي يفر من ابنه نوح وابنه كنعان.

في كتاب الخصال عن الحسين بن علي عليه السلام قال: كان علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ جاء إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، وكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن قول الله تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه " وذكر مثل ما في عيون الأخبار سواء; الا انه ليس فيه يعنى الأب المربى لا الوالد وبعده قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: انما يفر موسى من أمه خشية أن يكون قصر فيما وجب عليه من حقها، وإبراهيم انما يفر من الأب المربى المشرك لا من الأب الوالد وهو تارخ

16 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام عن أهل المحشر: ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض; فذلك قوله عز وجل: " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه "

17 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه قال شغل يشغله عن غيره.

18 - في مجمع البيان وروى عن عطاء بن يسار عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وآله قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يبعث الناس حفاة عراة غرلا (2) يلجمهم العرق و يبلغ شحمة الاذان، قالت قلت: يا رسول الله وا سوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض إذا جاء ؟! قال: شغل الناس عن ذلك، وتلا رسول الله صلى الله عليه وآله " لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه.

19 - في محاسن البرقي عنه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: ومن وقر مسجدا لقى الله يوم يلقاه ضاحكا مستبشرا و أعطاه كتابه بيمينه.


1- الغرل جمع الأغرل: الأقلف وهو الذي لم يختن.

2- أي بفتح السين في " سئلت " والقاف في " قتلت ".