تفسير سورة المنافقون

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبح اسم ربك الاعلى.

وفى صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين، فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وكان جزاؤه وثوابه على الله الجنة.

2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرء سورة المنافقين برئ من النفاق.

3 - في تفسير علي بن إبراهيم: إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون قال: نزلت في غزوة المريسيع (1) وهي غزوة المصطلق في سنة خمس من الهجرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج إليها فلما رجع منها نزل على بئر وكان الماء قليلا فيها، وكان انس بن سيار حليف الأنصار، وكان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب فاجتمعوا على البئر فتعلق دعو سيار (2) بدلو جهجاه فقال سيار دلوى، وقال جهجاه: دلوى.

فضرب جهجاه على وجه سيار فسال منه الدم.

فنادى سيار بالخزرج ونادى جهجاه بقريش، وأخذ الناس السلاح وكاد أن تقع الفتنة فسمع عبد الله بن أبي النداء فقال: ما هذا؟فأخبروه بالخبر، فغضب غضبا شديدا ثم قال: قد كنت كارها لهذا المسير انى لاذل العرب ما ظننت انى أبقى إلى أن اسمع مثل هذا فلا يكن عندي تغيير، ثم أقبل على أصحابه فقال: هذا عملكم أنزلتموهم منازلكم، وواسيتموهم بأموالكم ووقيتموهم بأنفسكم، وأبرزتم نحوركم للقتل فارمل نساؤكم (3) وأيتم صبيانكم ولو أخرجتموهم لكانوا عيالا على غيركم، ثم قال: " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " وكان في القول زيد بن أرقم وكان غلاما قد راهق، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في ظل شجرة في وقت الهاجرة (4) وعنده قوم من أصحابه من المهاجرين والأنصار، فجاء زيد فأخبره بما قال عبد الله بن أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لعلك وهمت يا غلام؟قال: لا والله ما وهمت، قال: فلعلك غضبت عليه؟قال: لا والله ما غضبت عليه، قال: فلعله سفه عليك؟فقال: لا والله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لشقران مولاه: احدج، (5) فأحدج راحلته وركب وتسامع الناس بذلك، فقالوا: ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله ليرحل في مثل هذا الوقت، فرحل الناس ولحقه سعد بن عبادة فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال: و عليك السلام فقال: ما كنت لترحل في مثل هذا الوقت؟فقال: أو ما سمعت قولا قال صاحبكم؟قالوا: وأي صاحب لنا غيرك يا رسول الله؟قال: عبد الله بن أبي زعم أنه ان رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل؟فقال: يا رسول الله فإنك وأصحابك الأعز وهو وأصحابه الأذل، فسار رسول الله صلى الله عليه وآله يومه كله لا يكلمه أحد، فأقبلت الخزرج على عبد الله بن أبي يعذلونه (6) فحلف عبد الله انه لم يقل شيئا من ذلك، فقالوا: فقم بنا إلى رسول الله حتى تعتذر إليه، فلوى عتقه; فلما جن - الليل سار رسول الله صلى الله عليه وآله ليله كله والنهار فلم ينزلوا الا للصلاة، فلما كان من الغد نزل رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل أصحابه وقد أمهدهم الأرض (7) من السفر الذي أصابهم فجاء عبد الله بن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فحلف عبد الله له انه لم يقل ذلك وانه يشهد ان لا إله إلا الله وانك لرسول الله، وان زيدا قد كذب على، فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله منه وأقلبت الخزرج على زيد بن أرقم يشتمونه ويقولون له: كذبت على عبد الله سيدنا فلما رحل رسول الله صلى الله عليه وآله كان زيد معه يقول: اللهم انك لتعلم انى لم اكذب على عبد الله بن أبي، فما سار الا قليلا حتى أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يأخذه من البرحاء (8) عند نزول الوحي، فثقل حتى كادت ناقته أن تبرك من ثقل الوحي، فسرى عن رسول الله وهو يسكب العرق عن جبهته (9) ثم أخذ بإذن زيد بن أرقم فرفعه من الرحل ثم قال: يا غلام صدق قولك ووعى قلبك وأنزل الله فيما قلت قرآنا، فلما نزل جمع أصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين: " بسم الله الرحمن الرحيم إذا جائك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون * اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله انهم ساء ما كانوا يعملون " إلى قوله: " ولكن المنافقين لا يعلمون " ففضح الله عبد الله بن أبي.

4 - حدثنا أحمد بن ثابت قال: حدثنا أحمد بن ميثم عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبان بن عثمان قال: سار رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وليلة ومن الغد حتى ارتفع الضحى، فنزل ونزل الناس، فرموا بأنفسهم نياما، وانما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكف الناس عن الكلام، قال: وان ولد عبد الله بن أبي اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ان كنت عزمت على قتله فمرني ان أكون أنا الذي أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الأوس والخزرج انى أبرهم ولدا بوالدي فانى أخاف ان تأمر غيري فيقتله فلا تطيب نفسي ان انظر إلى قاتل عبد الله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل يحسن لك صحابته ما دام معنا.

5 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن أبي بصير قال: قال طاوس اليماني لأبي جعفر عليه السلام: اخبرني عن قوم شهدوا شهادة الحق وكانوا كاذبين قال: المنافقون حين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله: " نشهد انك لرسول الله " فأنزل الله عز وجل: " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون ".

6 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي قال: قلت له: ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا قال: إن الله تبارك وتعالى سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين، وجعل من جحد وصيه إمامته كمن جحد محمدا، وأنزل بذلك قرآنا فقال: يا محمد إذا جاءك المنافقون بولاية وصيك قالوا نشهد انك لرسول الله والله ليعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين بولاية على لكاذبون، اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله والسبيل هو الوصي انهم ساء ما كانوا يعملون ذلك بأنهم آمنوا برسالتك وكفروا بولاية وصيك فطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، قلت: ما معنى لا يفقهون؟قال: يقول: لا يعقلون نبوتك.

7 - وفى أصول الكافي باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وانما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس; رجل منافق يظهر الايمان متصنع بالاسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا، فلو علم الناس انه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدق، ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبر الله تعالى عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم، فقال عز وجل: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم ثم بقوا بعدهم فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس و أكلوا بهم الدنيا، وانما الناس مع الملوك والدنيا الامن عصم الله فهذا أحد الأربعة.

8 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: كأنهم خشب مسندة يقول: لا يسمعون ولا يعقلون يحسبون كل صيحة عليهم يعنى كل صوت هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله انى يؤفكون فلما أنبأ الله رسوله وعرفه خبرهم مشى إليهم عشائرهم (10) وقالوا: لقد افتضحتم ويلكم.

فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله يستغفر لكم فلووا رؤسهم وزهدوا في الاستغفار يقول الله: وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم ورأيتهم يصدون و هم مستكبرون.

أقول: قد تقدم في أول السورة في بيان شأن النزول (11) بيان لقوله عز وجل: " لووا رؤسهم ".

9 - في أصول الكافي متصل بقوله: لا يعقلون نبوتك، قلت: " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله " قال: وإذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية على يستغفر لكم النبي من ذنوبكم " لووا رؤسهم " قال الله: " ورأيتهم يصدون عن ولاية على و هم مستكبرون عليه " ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم فقال: سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ان الله لا يهدى القوم الفاسقين يقول: الظالمين لوصيك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

أقول: قد تقدم في أول السورة في بيان شأن النزول (12) بيان لقوله عز وجل: يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.

10 - في الكافي باسناده إلى الحسن الأحمسي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تعالى فوض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوض إليه أن يكون ذليلا، اما تسمع قول الله تعالى: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين فالمؤمن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا، ثم قال: المؤمن أعز من الجبل، ان الجبل يستفل منه بالمعاول (13) والمؤمن لا يستفل من دينه شئ.

11 - وباسناده إلى سماعة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله سبحانه وتعالى فوض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوض إليه أن يذل نفسه ألم تسمع لقول الله تعالى: " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا يعزه الله بالايمان والاسلام.

12 - وباسناده إلى داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه قيل له: وكيف يذل نفسه؟قال: يتعرض لما يطبق.

13 - وباسناده إلى مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لا ينبغي للمؤمنين ان يذل نفسه، قلت: بما يذل نفسه؟قال: يدخل فيما يعتذر منه.

14 - وبإسناد له آخر إلى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى فوض إلى المؤمن أموره كلها ولم يفوض إليه ان يذل نفسه ألم تر قول الله سبحانه و تعالى هيهنا: " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " والمؤمن ينبغي أن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا.

15 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وقيل للحسن بن علي عليهما السلام: ان فيك عظمة؟قال: بل في عزة، قال الله تعالى: " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.

16 - في كتاب الخصال عن عبد المؤمن الأنصاري قال: إن الله عز وجل أعطى المؤمن ثلاث خصال: العز في الدنيا في دينه; والفلاح في الآخرة، والمهابة في صدور العالمين.

17 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله أعطى المؤمن ثلاث خصال: العزة في الدنيا، والفلاح في الآخرة، والمهابة في قلوب الظالمين، ثم قرأ: " فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين " وقرء: " قد أفلح المؤمنون " إلى قوله: " هم فيها خالدون ".

18 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كف الأذى عن الناس.

19 - عن معاوية بن وهب قال: رآني أبو عبد الله عليه السلام وانا احمل بقلا، فقال: انه يكره للرجل السرى (14) ان يحمل الشئ الدنى فيجترأ عليه.

20 - فيمن لا يحضره الفقيه وسئل عن قول الله تعالى: فأصدق وأكن من الصالحين قال: أصدق من الصدقة، وأكن من الصالحين أحج.

21 - في مجمع البيان عن ابن عباس قال: مامن أحد يموت وكان له مال فلم يؤد زكاته، وأطاق الحج فلم يحج الا سأل الرجعة عند الموت، قالوا: يا ابن عباس اتق الله فإنما نرى هذا الكافر يسأل الرجعة؟فقال: أنا اقرأ به عليكم قرآنا ثم قرء هذه الآية إلى قوله: " من الصالحين " قال: الصلاح هنا الحج و روى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.

22 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله الله: ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء اجلها قال: إن عند الله كتبا موقوفة يقدم منها ما يشاء، ويؤخر ما يشاء فإذا كان ليلة القدر أنزل الله فيها كل شئ يكون إلى مثلها (15) فذلك قوله: " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء اجلها " إذ أنزله الله وكتبه كتاب السماوات وهو الذي لا يؤخره.


1- قال الفيروزآبادي: المريسيع مصغر مرسوع: بئر أو ماء لخزاعة على يوم من الفرع واليه تضاف غزوة بنى المصطلق.

2- كذا في الأصل والصحيح كما في المصدر " ابن سيار " وكذا فيما يأتي.

3- أرملت المرأة: مات عنها زوجها.

4- الهاجرة: مؤنث الهاجر: نصف النهار في القيظ، أو من عند زوال الشمس إلى العصر، لان الناس يسكنون في بيوتهم كأنهم هاجروا.

5- الحدج: شد الأحمال وتوثيقها.

6- العذل: الملامة كالتعذيل.

7- أمهدهم الأرض أي صارت لهم مهادا فلما وقعوا عليها ناموا.

8- البرحاء: الشدة والأذى.

9- سكب الماء: صبه. وفى البحار يسلت بدل يسكب وهو من سلت الخضاب عن يده مسحه وألقاه.

10- وفى المصدر " فلما نعمتهم الله لرسوله وعرفه مسائتهم إليهم والى عشائرهم... اه " ولكن الظاهر هو المختار في الكتاب. (2 و 3) مر في حديث تفسير القمي (ره) تجت رقم

11.

12- الفل: الثلم، والمعاول جمع المعول: " أداة لحفر الأرض.

13- السرى: السيد الشريف السخي.

14- وفى المصدر " إلى ليلة مثلها ".

15- سالم بن أبي حفصة من رؤساء الزيدية لعنه الصادق (ع) وكذبه وكفره. وربيعة الرأي من فقهاء العامة.