تفسير سورة الممتحنة

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله امتحن الله قلبه للايمان ونور له بصره ولا يصيبه فقر أبدا ولا جنون في بدنه ولا في ولده.

2 - في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ سورة الممتحنة كان المؤمنون والمؤمنات شفعاء له يوم القيامة.

3 - في تفسير علي بن إبراهيم: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون أيديهم بالمودة نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ولفظ الآية عام ومعناها خاص، وكان سبب ذلك ان حاطب بن أبي بلتعة قد أسلم وهاجر إلى المدينة وكان عياله بمكة وكانت (1) قريش تخاف أن يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وآله فصاروا إلى عيال حاطب، وسئلوه ان يكتبوا إلى حاطب يسألوه عن خبر محمد هل يريد ان يغزو مكة؟فكتبوا إلى حاطب يسألوه عن ذلك، فكتب إليهم حاطب ان رسول الله صلى الله عليه وآله يريد ذلك ودفع الكتاب إلى امرأة تسمى صفية، فوضعته في قرونها (2) ومرت فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بذلك، فبعث رسول الله أمير المؤمنين عليه السلام والزبير بن العوام في طلبها، فلحقوها فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام: أين الكتاب؟فقالت: ما معي شئ; ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا، فقال الزبير: ما نرى معها شيئا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما كذبنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا كذب رسول الله على جبرئيل، ولا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه; والله لتظهرن الكتاب أو لأردن رأسك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: تنحيا عنى حتى أخرجه، فأخرجت الكتاب من قرونها، فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حاطب ما هذا؟فقال حاطب: والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت، وانى أشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله حقا.

ولكن أهلي وعيالي كتبوا إلى بحسن صنيع قريش إليهم فأحببت ان أجازى قريشا بحسن معاشهم فأنزل الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وآله: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى و عدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " إلى قوله: لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير.

4 - في مجمع البيان نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وذلك أن سارة مولاة أبى عمرو بن صيفي بن هشام أتت رسول الله من مكة إلى المدينة بعد بدر بسنتين، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: أمسلمة جئت؟قالت: لا قال: فما جاء بك؟قال: كنتم الأصل والعشيرة والموالي، وقد ذهب موالي واحتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني، قال: فأين أنت من شباب مكة؟وكانت مغنية نائحة قالت: ما طلب منى بعد وقعة بدر أحد، فحث رسول الله صلى الله عليه وآله بنى عبد المطلب فكسوها وحملوها وأعطوها نفقة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتجهز لفتح مكة وأتاها حاطب بن أبي بلتعة فكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير عن ابن عباس; وعشرة دراهم عن مقاتل بن حيان، وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله يريدكم فخذوا حذركم، فخرجت سارة ونزل جبرئيل عليه السلام فأخبر النبي بما فعل فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وعمارا وعمر والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد وكانوا كلهم فرسانا وقال لهم: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان فيها ظعينة (3) معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها، فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا لها: أين الكتاب؟فحلفت بالله ما معها من كتاب، فنحوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع، فقال علي عليه السلام: والله ما كذبنا ولا كذبنا وسل سيفه وقال: أخرجي الكتاب والا والله لأضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجه من ذوابتها قد أخبأته في شعرها، فرجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأرسل إلى حاطب فأتاه فقال له: هل تعرف الكتاب؟قال: نعم، قال: فما حملك على ما صنعت؟فقال: يا رسول الله والله ما كفرت مذ أسلمت، ولا غششتك مذ نصحتك; ولا أحببتهم مذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين الأولى بمكة من يمنع عشيرته، وكنت عريرا أي غريبا وكان أهلي بين ظهرانيهم فخشيت على أهلي فأردت أن اتخذ عندهم يدا، وقد قلت: ان الله ينزل بهم بأسه و ان كتابي لا يغنى عنهم شيئا، فصدقه رسول الله صلى الله عليه وآله وعذره، فقام عمر بن الخطاب وقال: دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق؟فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

5 - وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن أبي رافع قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا والمقداد والزبير وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان بها ضعينة معها كتاب فخرجنا وذكر نحوه.

6 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لرجل: ان كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه، وان كنت واليت عوده فاخرج من ملكه، وان كنت غير قانع برضاه (4) وقدره فاطلب ربا سواه.

7 - وفيه عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر قوله تعالى: " يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " والكفر في هذه الآية البراءة يقول: فيبرأ بعضكم من بعض: ونظيرها في هذه سورة إبراهيم قول الشيطان: " انى كفرت بما أشركتمون من قبل " وقول إبراهيم خليل الرحمن: كفرنا بكم يعنى تبرأنا منكم.

8 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز وجل، قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه إلى أن قال عليه السلام: والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة، وذلك قول الله عز وجل يحكى قول إبراهيم: " كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده " يعنى تبرأنا منكم.

9 - وباسناده إلى أبى عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أحب لله وابغض لله وأعطى لله عز وجل فهو ممن كمل ايمانه.

10 - ابن محبوب عن مالك بن عطية عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أوثق عرى الايمان أن يحب في الله ويبغض في الله، ويعطى في الله ويمنع في الله عز وجل.

11 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرجل ليحبكم وما يعرف ما أنتم عليه، فيدخله الله عز وجل الجنة بحبكم، وان الرجل ليبغضكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله الله ببغضكم النار.

12 - وباسناده إلى الحسين بن أبان عمن ذكره عن أبي جعفر عليه السلام قال: ولو أن رجلا أبغض رجلا لله لاثابه الله عز وجل على بغضه إياه، وإن كان المبغض في علم الله من أهل الجنة.

13 - وباسناده إلى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له.

14 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قوله: عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم فان الله أمر نبيه صلى الله عليه وآله والمؤمنين بالبراءة من قولهم ما داموا كفارا.

فقال: " لقد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم انا براء مما تعبدون من دون الله " إلى قوله: والله قدير والله غفور رحيم الآية قطع الله عز وجل ولاية المؤمنين منهم، وأظهر لهم العداوة، فقال: " عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة " فلما أسلم أهل مكة خالطهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وناكحوهم، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله أم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب.

15 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة عن إسماعيل بن عباد يرفع الحديث إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن الا فقيرا ولا كافر الأغنياء، حتى جاء إبراهيم عليه السلام فقال: " ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا " فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة، وفى هؤلاء أموالا وحاجة.

16 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " عسى الله أن يجعل بينكم " إلى آخره وقد تقدم قريبا.

17 - في مجمع البيان: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى قوله: يحب المقسطين أي ليس ينهاكم الله عن مخالطة أهل العهد; وقيل: من آمن من أهل مكة ولم يهاجروا، وقيل: هي عامة في كل من كان بهذه الصفة، والذي عليه الاجماع ان بر الرجل من يشاء من أهل الحرب قرابة كان أو غير قرابة ليس بمحرم، وانما الخلاف في اعطائهم مال الزكاة والفطرة والكفارات.

فلم يجوزه أصحابنا وفيه خلاف بين الفقهاء.

18 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلم بايمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار قال إذا لحقت امرأة من المشركين بالمسلمين تمتحن بان تحلف بالله انه لم يحملها على اللحوق بالمسلمين بغض لزوجها الكافر، ولا حب لاحد من المسلمين، وانما حملها على ذلك الاسلام فإذا حلفت على ذلك قبل اسلامها ثم قال الله عز وجل: " فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما انفقوا " يعنى ترد المسلمة على زوجها الكافر صداقها.

ثم يتزوجها المسلم، وهذا هو قوله: ولا جناح عليكم ان تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن.

19 - في الكافي أحمد بن محمد عن ابن فضال عن علي بن يعقوب عن مروان بن مسلم عن الحسين بن الحناط عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان لامرأتي أختا عازمة على ديننا وليس على ديننا بالبصيرة الا قليل، فان زوجها ممن لا يرى رأيها، قال: لا ولا نعمة; ان الله عز وجل يقول: " ولا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ".

20 - في مجمع البيان قال ابن عباس: صالح رسول الله صلى الله عليه وآله بالحديبية مشركي مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم، ومن اتى أهل مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فهو لهم ولم يردوه عليهم، وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، والنبي صلى الله عليه وآله بالحديبية، فجاء زوجها مسافر من بنى مخزوم وقال مقاتل هو صيفي بن الواهب في طلبها وكان كافرا، فقال: يا محمد أردد على امرأتي فإنك شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فنزلت: " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الاسلام فامتحنوهن " قال ابن عباس: امتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج، ولا رغبة عن أرض إلى ارض، ولا التماس دنيا انما خرجت حبا لله ولرسوله فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وآله ما خرجت بغضا لزوجها ولا عشقا لرجل منا; وما خرجت الا رغبة في الاسلام، فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وآله زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها عليه، فتزوجها عمر بن الخطاب وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يرد من جاء من الرجال.

ويحبس من جاءه من النساء إذا امتحن ويعطى أزواجهن مهورهن.

قال الجبائي: لم يدخل في شرط صلح الحديبية الا رد الرجال دون النساء ولم يجر للنساء ذكر، وان أم كلثوم بنت عتبة بن أبي معيط جاءت مسلمة مهاجرة من مكة فجاء أخواها إلى المدينة وسألا رسول الله صلى الله عليه وآله ردها عليهما، فقال صلى الله عليه وآله: ان الشرط بيننا في الرجال لا في النساء، فلم يردها عليهما، قال الجبائي: وانما لم يجر هذا الشرط في النساء لأن المرأة إذا أسلمت لم تحل لزوجها الكافر، فكيف ترد عليه وقد وقعت الفرقة بينهما؟.

21 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أحمد بن عمر عن درست الواسطي عن علي بن رئاب عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا ينبغي نكاح أهل الكتاب، قلت: جعلت فداك وأين تحريمه؟قال: قوله: ولا تمسكوا بعصم الكوافر.

22 - علي بن إبراهيم عن أبي جعفر عن أبيه عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " فقال: هذه منسوخة بقوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر ".

23 - في تفسير علي بن إبراهيم في رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " يقول: من كانت عنده امرأة كافرة يعنى على غير ملة الاسلام، وهو على ملة الاسلام، فليعرض عليها الاسلام، فان قبلت فهي امرأته والا فهي برية، فنهى الله أن يمسك بعصمتها.

24 - في مجمع البيان عند قوله تعالى: " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب " وروى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام انه منسوخ بقوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " وبقوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر ".

25 - في مصباح شيخ الطائفة (ره) خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب بها يوم الغدير وفيها يقول: وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه، " و لا تمسكوا بعصم الكوافر ".

26 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: واسألوا ما أنفقتم يعنى إذا لحقت امرأة من المسلمين بالكفار، فعلى الكافر ان يرد على المسلم صداقها، فإن لم يفعل الكافر وغنم المسلمون غنيمة أخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار، وقال في قوله: وان فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم يقول: يعنى يلحقن بالكفار من أهل عقدكم فاسألوهم صداقها، وان لحقوا بكم من نسائهم شئ فاعطوهم صداقها ذلكم حكم الله يحكم بينكم.

واما قوله: وان فاتكم شئ من أزواجكم يقول: يلحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم فأصبتم غنيمة فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما انفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون قال: وكان سبب نزول ذلك ان عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة، فكرهت الهجرة معه وأقامت مع المشركين.

فنكحها معاوية بن أبي سفيان، فأمر الله رسوله أن يعطى عمر مثل صداقها.

وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام " وان فاتكم شئ من أزواجكم " فلحقن بالكفار من أهل عهدكم فاسألوهم صداقها، وان لحقن بكم من نسائهم شئ فأعطوهم صداقها " ذلكم حكم الله يحكم بينكم "

27 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار رحمه الله عن إبراهيم بن هاشم عن صالح بن سعيد وغيره من أصحاب يونس عن يونس عن أصحابه عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قال قلت: رجل لحقت امرأته بالكفار وقد قال الله عز وجل في كتابه: " وان فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا " ما معنى العقوبة هيهنا؟قال: إن الذي ذهبت امرأته فعاقب على امرأة أخرى غيرها يعنى تزوجها فإذا هو تزوج امرأة أخرى غيرها، فعلى الامام ان يعطيه مهر امرأته الذاهبة فسألته فكيف صار المؤمنون يردون على زوجها المهر بغير فعل منهم في ذهابها وعلى المؤمنين ان يردوا على زوجها ما أنفق عليها مما يصيب المؤمنين قال: يرد الامام عليه أصابوا من الكفار أولم يصيبوا، لان على الامام ان يجبر (5) حاجته من تحت يده، وان حضرت القسمة فله أن يسد كل نائبه تنوبه قبل القسمة، وان بقي بعد ذلك شئ قسمه بينهم، وان لم يبق لهم شئ فلا شئ لهم.

28 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة بايع الرجال، ثم جاءت النساء يبايعنه، فأنزل الله عز وجل: يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ان الله غفور رحيم قالت هند: اما الولد فقد ربينا صغارا وقتلتهم كبارا، وقالت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت عند عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله ما ذاك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصينك فيه؟قال: لا تلطمن خدا، ولا تخمشن وجها، ولا تنتفن شعرا، ولا تشققن جيبا، ولا تسودن ثوبا، ولا تدعين بويل، فبايعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على هذا، فقالت: يا رسول الله كيف نبايعك! قال: انني لا أصافح النساء فدعا بقدح من ماء، فأدخل يده ثم أخرجها، فقال: ادخلن أيديكن في هذا الماء.

29 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن محمد بن مسلم الجبلي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كيف ماسح رسول الله صلى الله عليه وآله النساء حين بايعهن؟قال: دعا بمركنه (6) الذي كان يوضى فيه فصب فيه ماء ثم غمس يده اليمنى فكلما بايع واحدة منهن قال: اغمسي يدك فتغمس كما غمس رسول الله، فكان هذا مماسحته إياهن.

علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.

30 - أبو علي الأشعري عن أحمد بن إسحاق عن سعد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أتدري كيف بايع رسول الله صلى الله عليه وآله النساء؟قلت: الله اعلم وابن رسوله قال: جمعهن حوله ثم دعى بتور برام (7) فصب فيه ماء نضوحا ثم غمس يده فيه ثم قال: اسمعن يا هؤلاء أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن، ولا تعصين بعولتكن في معروف، أقررتن؟قلن: نعم; فأخرج يده من التور ثم قال لهن: اغمسن أيديكم: ففعلن فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليس له بمحرم.

31 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزار عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ولا يعصينك في معروف " قال: المعروف ان لا يشققن جيبا ولا يلطمن خدا; ولا يدعون ويلا، ولا يتخلفن عند قبر، ولا يسودن ثوبا، ولا ينشرن شعرا.

32 - محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة الخزاعي عن علي بن إسماعيل عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: تدرى ما قوله تعالى: " ولا يعصينك في معروف "؟قلت: لا قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لفاطمة عليها السلام: إذا أنا مت فلا تخمشي على وجها، ولا ترخى على شعرا، ولا تنادى بالويل، ولا تقيمي على نائحة; قال: ثم قال: هذا المعروف الذي قال الله عز وجل.

33 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن علي عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: " ولا يعصينك في معروف " قال: هو ما فرض الله عليهن من الصلاة والزكاة وما أمرهن به من خير.

34 - فيمن لا يحضره الفقيه وفى رواية ربعي بن عبد الله انه لما بايع رسول الله صلى الله عليه وآله النساء واخذ عليهن، دعا باناء فملأه ثم غمس يده في الاناء ثم أخرجها ثم أمرهن بان يدخلن أيديهن فتغمس فيه.

35 - في مجمع البيان وروى أن النبي صلى الله عليه وآله بايعهن وكان على الصفا وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفا أن يعرفها رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا، فقالت هند: انك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال، وذلك أنه بايع الرجال يومئذ على الاسلام والجهاد فقط، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ولا تسرقن فقالت هند: ان أبا سفيان رجل ممسك وانى أصبت من ماله هنات (8) فلا أدرى أيحل لي أم لا؟فقال أبو سفيان: ما أصبت من مالي فيما مضى وفيما غبر (9) فهو لك حلال، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفها فقال: وانك لهند بنت عتبة؟قالت: نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك.

فقال: ولا تزنين فقالت هند: أو تزني الحرة؟فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية فقال صلى الله عليه وآله: ولا تقتلن أولادكن فقالت: ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله علي بن أبي طالب عليه السلام يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم النبي صلى الله عليه وآله ولما قال: ولا تأتين ببهتان قالت هند: والله ان البهتان قبيح وما تأمرنا الا بالرشد ومكارم الأخلاق.

ولما قال: ولا يعصينك في معروف، قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفى أنفسنا أن نعصيك في شئ وروى الزهري عن عائشة قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يبايع النساء بالكلام بهذه الآية ان لا يشركن بالله شيئا، وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وآله يد امرأة قط الا امرأة يملكها رواه البخاري في الصحيح.

36 - وروى أنه صلى الله عليه وآله كان إذا بايع النساء دعا بقدح فغمس يده فيه، ثم غمس أيديهن فيه، وقيل إنه كان يبايعهن من وراء الثوب عن الشعبي.


1- بين المعقفتين انما هو في المصدر دون الأصل.

2- القرن: الخصلة من الشعر. الذؤابة.

3- الظعينة: المرأة ما دامت في الهودج أو عموما.

4- وفى بعض النسخ " بقضاه " مكان " برضاه ".

5- وفي المصدر " ان ينجز حاجته.... ".

6- المركن: الإجانة التي يغسل فيها الثياب.

7- التور: اناء يشرب فيه. وبرام: موضع.

8- الهنات جمع الهنة بمعنى الشئ.

9- غبر بمعنى مضى أيضا.