تفسير سورة الدخان

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: من أدمن قراء سورة الدخان في فرائضه ونوافله بعثه الله عز وجل من الآمنين يوم القيمة وظلله تحت عرشه وحاسبه حسابا يسيرا، وأعطاه كتابه بيمينه.

2 - في مجمع البيان وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة الدخان في فرائضه ونقل مثل ما نقلنا عن ثواب الأعمال سواء، أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرء سورة الدخان في ليلة الجمعة غفر له.

3 - أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ سورة الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك.

4 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأها في ليلة جمعة أصبح مغفورا له.

5 - أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة الدخان ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتا في الجنة.

6 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه السلام حديث طويل وفيه قال السائل: يا بن رسول الله كيف أعرف ان ليلة القدر يكون في كل سنة قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرء سورة الدخان في كل ليلة مأة مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث عشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه.

7 - في مجمع البيان: انا أنزلناه في ليلة مباركة أي أنزلنا القرآن، و الليلة المباركة هي ليلة القدر، وهو المروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.

8 - في تفسير علي بن إبراهيم (انا أنزلناه) يعنى القرآن (في ليلة مباركة انا كنا منذرين) وهي ليلة القدر أنزل الله عز وجل القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة ثم نزل من البيت المعمور على رسول الله صلى الله عليه وآله في طول عشرين سنة، فيها يفرق يعنى في ليلة القدر كل أمر حكيم أي يقدر الله عز وجل كل أمر من الحق والباطل وما يكون في تلك السنة، وله فيه البداء والمشية، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والاعراض والأمراض، ويزيد فيه ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة عليهم السلام، حتى ينتهى ذلك إلى صاحب الزمان عليه السلام، ويشترط له فيه البداء والمشية والتقديم والتأخير، قال: حدثني بذلك أبى عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن مسكان عن أبي جعفر وأبى عبد الله وأبى الحسن عليهم السلام.

9 - قال: وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن يونس عن داود بن فرقد عن أبي المهاجر عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا أبا لمهاجر لا تخفى علينا ليلة القدر ان الملائكة يطوفون بنا فيها.

10 - في أصول الكافي باسناده إلى أبى جعفر الباقر عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: فان قالوا: من الراسخون في العلم؟فقل: من لا يختلف في علمه فان قالوا: فمن هو ذاك؟فقل: كان رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب ذلك فهل بلغ أو لا؟فان قالوا: قد بلغ، فقل: فهل مات صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف فان قالوا: لا، فقل: ان خليفة رسول الله مؤيد ولا يستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله الا من يحكم بحكمه والا من يكون مثله الا النبوة، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده، فان قالوا: فان علم رسول الله صلى الله عليه وآله كان من القرآن (1) فقل: (حم والكتاب المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة) إلى قوله (انا كنا مرسلين) فان قالوا لك: لا يرسل الله عز وجل الا إلى نبي (2) فقل: أهذا الامر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلى سماء أو من سماء إلى الأرض، فان قالوا: من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فان قالوا: من سماء إلى أرض وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك، فقل: فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه؟فان قالوا: فان الخليفة هو حكمهم فقل: (3) (الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) إلى قوله (خالدون) ولعمري ما في الأرض ولا في السماء ولى لله عز ذكره الا وهو مؤيد ومن أيد لم يخط، وما في الأرض عدو لله عز ذكره الا وهو مخذول، ومن خذل لم يصب كما أن الامر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك لابد من وال فان قالوا: لا نعرف هذا، فقل لهم قالوا: ما أحببتم أبى الله عز وجل بعد محمد صلى الله عليه وآله أن يترك العباد ولا حجة عليهم.

11 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال قال الله عز وجل في ليلة القدر: (فيها يفرق كل أمر حكيم) يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين انما هو شئ واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عز وجل، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، انه لينزل في ليلة القدر إلى ولى الله (4) تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا. و في أمر الناس بكذا وكذا، وانه ليحدث لولى الامر سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الامر ثم قرأ: (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم).

12 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة انا أنزلناه تفلحوا فوالله انها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وانها لسيدة دينكم وانها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا (بحم والكتاب المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين) فإنها لولاة الامر خاصة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى: (وان من أمة الا خلا فيها نذير) قيل: يا أبا جعفر نذيرها محمد صلى الله عليه وآله؟قال: صدقت فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الأرض؟فقال السائل: لا، قال أبو جعفر عليه السلام: أرأيت بعيثه أليس نذيره كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله في بعثته من الله عز وجل نذير؟فقال: بلى قال: فكذلك لم يمت محمد الا وله بعيث نذير، قال: فان قلت: لا، فقد ضيع رسول الله صلى الله عليه وآله من في أصلاب الرجال من أمته، قال: وما يكفيهم القرآن؟قال: بلى ان وجدوا له مفسرا، قال: وما فسره رسول الله صلى الله عليه وآله؟قال: بلى قد فسره لرجل واحد، وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

13 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن محمد عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قبض أمير المؤمنين عليه السلام قام الحسن بن علي في مسجد الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال: أيها الناس انه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، والله لقد قبض في الليلة التي قبض فيها وصى موسى يوشع بن نون، والليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، والليلة التي نزل فيها القرآن، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

14 - أحمد بن مهران وعلي بن إبراهيم جميعا عن محمد بن علي عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال: كنت عند أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام إذ أتاه رجل نصراني فقال: انى أسئلك أصلحك الله فقال: سل، فقال: اخبرني عن كتاب الله الذي انزل على محمد صلى الله عليه وآله ونطق به ثم وصفه بما وصفه فقال: (حم والكتاب المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منزلين) ما تفسيرها في الباطن؟فقال: أما حم فهو محمد صلى الله عليه وآله، وهو في كتاب هود الذي أنزل عليه، وهو منقوص الحروف وأما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين علي عليه السلام، واما الليلة ففاطمة صلوات الله عليها واما قوله: (فيها يفرق كل أمر حكيم) يقول: يخرج منها خير كثير، فرجل حكيم ورجل حكيم ورجل حكيم، فقال الرجل: صف لي الأول والاخر من هؤلاء الرجال فقال: ان الصفات تشتبه ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله وانه عندكم لفى الكتب التي نزلت عليكم، ان لم تغيروا وتحرفوا وتكفروا وقديما ما فعلتم، قال له النصراني: لا استر عنك ما علمت ولا أكذبك وأنت تعلم ما أقول في صدق ما أقول وكذبه، والله لقد أعطاك الله من فضله وقسم عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون ولا يستره الساترون، ولا يكذب فيه من كذب، فقولي لك في ذلك الحق كلما ذكرت فهو كما ذكرت، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

15 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن حمران أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى: (انا أنزلناه في ليلة مباركة) قال: نعم ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن الا في ليلة القدر قال الله تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم) قال: يقدر في ليلة القدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل خير وشر، وطاعة ومعصية، ومولود وأجل ورزق، فما قدر في تلك السنة وقضى فهو المحتوم ولله تعالى فيه المشية، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وستقف عليه بتمامه في سورة القدر إن شاء الله تعالى.

16 - محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله المؤمن عن إسحاق بن عمار قال: سمعته يقول وناس يسئلونه يقولون: الأرزاق تقسم ليلة النصف من شعبان؟قال: فقال: لا والله ما ذلك الا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان واحدى وعشرين وثلاث وعشرين فان في تسعة عشر يلتقى الجمعان، وفى ليلة إحدى وعشرين يفرق كل أمر حكيم، وفى ليلة ثلاث وعشرين يمضى ما أراد الله تعالى من ذلك، وهي ليلة القدر التي قال الله تعالى: (خير من ألف شهر) قال: قلت: ما معنى قوله: يلتقى الجمعان؟قال: يجمع الله فيها ما أراد من تقديمه وتأخيره وارادته وقضائه، قال: قلت: فما معنى يمضيه في ثلاث عشرين؟قال: إنه يفرقه في ليلة إحدى وعشرين أمضاه ويكون له فيه البداء فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين أمضاه فيكون من المحتوم الذي لا يبدو له فيه تبارك وتعالى.

17 - محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن الحسين بن علي عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فقل: اللهم إلى أن قال: واجعل فيما تقضى وتقدر من الامر المحتوم فيما يفرق من الامر الحكيم في ليلة القدر من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل ان تكتبني من حجاج بيتك.

18 - في روضة الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد الكندي عن أحمد بن عديس عن ابان عن يعقوب بن شعيب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يفرق في كل ليلة القدر ما كان من شدة أو رخاء أو مطر يقدر ما يشاء عز وجل ان يقدر إلى مثلها من قابل.

18 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: في ليلة تسع عشرة يكتب وفد الحاج، وفيها يفرق كل أمر حكيم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

19 - أبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان ليلة القدر وفيها يفرق كل أمر حكيم نادى مناد في تلك الليلة من بطنان العرش: إن الله تعالى قد غفر لمن أتى قبر الحسين عليه السلام في هذه الليلة.

20 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن يونس عن الحارث بن المغيرة البصري عن عمرو عن ابن أبي عمير عمن رواه عن هشام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله تبارك وتعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم)؟قال: تلك ليلة القدر يكتب فيها وفد الحاج، وما يكون فيها من طاعة أو معصية أو حياة أو ممات، ويحدث الله في الليل والنهار ما يشاء ثم يلقاه إلى صاحب الأرض قال ابن الحارث: فقلت: ومن صاحب الأرض؟قال: صاحبكم.

21 - العباس بن معروف عن سعدان بن مسلم عن عبد الله بن سنان قال: سئلته عن النصف من شعبان؟فقال: ما عندي فيه شئ، ولكن إذا كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان قسم فيها الأرزاق وكتب فيها الآجال وخرج فيها صكاك الحاج (5) واطلع الله إلى عباده فغفر الله لهم الا شارب الخمر مسكر، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين فيها يفرق كل أمر حكيم، ثم ينهى ذلك ويمضى ذلك، قلت: إلى من؟قال: إلى صاحبكم ولولا ذلك لم يعلم.

22 - في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها أنه سمعها من الرضا عليه السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ، فان قيل: فلم جعل الصوم في شهر رمضان دون ساير الشهور؟قيل: لان شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وفيه نبئ محمد صلى الله عليه وآله، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيها يفرق كل أمر حكيم، وفيه رأس السنة يقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل، ولذلك سميت بليلة القدر.

23 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من نام في الليلة التي يفرق كل أمر حكيم لم يحج تلك السنة وهي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، لان فيها يكتب وفد الحاج وفيها تكتب الأرزاق والآجال وما يكون من السنة إلى السنة.

24 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل وفيه بعد ان ذكر عليه السلام الحجج قال السائل: من هؤلاء الحجج؟قال: هم رسول الله صلى الله عليه وآله ومن حل محله من أصفياء الله الذين قرنهم الله بنفسه ورسوله، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم ميثاقا لنفسه، وهم ولاة الامر الذين قال الله فيهم: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقال فيهم: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) قال السائل: ما ذاك الامر؟قال عليه السلام: الذي تنزل به الملائكة في الليلة التي يفرق كل أمر حكيم من رزق و أجل وعمل وحياة وموت وعلم غيب السماوات والأرض، والمعجزات التي لا تنبغي الا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه وهم وجه الله الذي قال: (فأينما تولوا فثم وجه الله) هم بقية الله يعنى المهدي عليه السلام الذي يأتي عند انقضاء هذه لنظرة فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ومن آياته الغيبة والاكتتام عند عموم الطغيان وحلول الانتقام، ولو كان هذا الامر الذي عرفتك بيانه للنبي صلى الله عليه وآله دون غيره لكان الخطاب يدل على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ولقال نزلت الملائكة وفرق كل أمر حكيم، ولم يقل: (تنزل الملائكة ويفرق كل أمر حكيم).

25 - في جوامع الجامع فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين واختلف في الدخان فقيل إنه دخان يأتي من السماء قبل قيام الساعة يدخل في اسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ (6) ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام، و تكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص (7) يمد ذلك أربعين يوما وروى ذلك عن علي وابن عباس والحسن.

26 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (فارتقب) أي اصبر (يوم تأتى السماء بدخان مبين) قال: ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر يغشى الناس كلهم الظلمة، فيقولون: هذا عذاب اليم ربنا اكشف عنا العذاب انا موقنون فقال الله ردا عليهم: انى لهم الذكرى في ذلك اليوم وقد جاءهم رسول مبين أي رسول قد بين لهم ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون قال: قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذه الغشى، فقالوا هو مجنون ثم قال عز وجل: انا كاشفوا العذاب قليلا انكم عائدون يعنى إلى يوم القيامة، ولو كان قوله عز وجل: (يوم تأتى السماء بدخان مبين) في القيامة لم يقل: (انكم عائدون) لأنه ليس بعد الآخرة والقيامة حالة يعودون إليها وقوله عز وجل: ومقام كريم أي حسن ونعمة كانوا فيها فاكهين قال: النعمة في الأبدان، وقوله فاكهين أي فاكهين للنساء كذلك وأورثناها قوما آخرين يعنى بني إسرائيل فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين.

27 - قال حدثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد الله بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: مر عليه رجل عدو لله ولرسوله فقال: (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) ثم مر عليه الحسين بن علي عليه السلام فقال: لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض، وما بكت السماء والأرض الا على يحيى بن زكريا، وعلى الحسين بن علي عليهما السلام.

28 - قال: وحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي عليه السلام دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنه احقابا (8) وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى يسيل على خديه لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله عز وجل مبوء صدق في الجنة، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضة (9) ما أوذى فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.

29 - وحدثني أبي عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.

30 - في مجمع البيان وروى زرارة بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي عليهما السلام أربعين صباحا قلت: فما بكاءها؟قال: كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء.

31 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب - الباقر عليه السلام في قوله تعالى: (فما بكت عليهم السماء والأرض) يعنى علي بن أبي طالب عليه السلام وذلك أن عليا عليه السلام خرج قبل الفجر متوكئا على عنزة (10) والحسين خلفه يتلوه حتى أتى حلقة رسول الله صلى الله عليه وآله فرمى بالعنزة (11) ثم قال: إن الله تعالى ذكر أقواما فقال: (فما بكت عليهم السماء والأرض) والله ليقتلنه ولتبكين السماء عليه.

32 - وقال الصادق عليه السلام: بكت السماء على الحسين عليه السلام أربعين يوما بالدم.

33 - عن إسحاق الأحمر عن الحجة عليه السلام حديث طويل وفى أواخره وذبح يحيى عليه السلام كما ذبح الحسين ولم تبك السماء والأرض الا عليهما.

34 - في مجمع البيان وروى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما مؤمن الا وله باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه، فإذا مات بكيا عليه.

35 - فيمن لا يحضره الفقيه بعد ان نقل حديثا عن الصادق عليه السلام قال (ع): إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله عز وجل فيها، والباب الذي كان يصعد منه عمله وموضع سجوده.


1. قال المحدث الكاشاني (ره): هذا ايراد سؤال على الحجة، تقريره: ان علم رسول الله صلى الله عليه وآله لعله كان من القرآن فحسب ليس ما يتجدد في شئ؟فأجاب بان الله سبحانه يقول: (فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا انا كنا مرسلين) فهذه الآية تدل على تجدد الفرق والارسال في تلك الليلة المباركة بانزال الملائكة والروح فيها من السماء إلى الأرض دائما، فلابد من وجود من يرسل إليه الامر دائما. .

2. قال المجلسي (ره) هذا سؤال آخر تقريره انه يلزم مما ذكرتم جواز ارسال الملك إلى غير النبي مع أنه لا يجوز ذلك فأجاب عنه بمدلول الآية التي لا مرد لها. .

3. يعنى فقل: إذا لم يكن الخليفة مؤيدا محفوظا من الخطاء فكيف يخرجه الله و يخرج به عباده من الظلمات إلى النور وقد قال الله سبحانه: (الله ولى الذين آمنوا... اه). .

4. وفى المصدر (ولى الامر) مكان (ولى الله). .

5. الصكاك جمع الصك: الكتاب. والصكاك بمعنى الأرزاق أيضا. .

6. الحنيذ (كما في أكثر النسخ وكذا في المصدر ومجمع البيان والمنقول عنه في البحار) المشوى من قولهم: حنذ اللحم إذا شواه وانضجه بين حجرين. .

7. الخصاص - بفتح الخاء -: الفرجة والخلة. .

8. الأحقاب جمع حقب وهو ثمانون سنة من سنين الآخرة وقيل: الأحقاب ثلاثة و أربعون حقبا كل حقب سبعون خريفا، كل خريف سبعمأة سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما كل يوم الف سنة قاله الطريحي (ره) في مجمع البحرين. .

9. المضاضة: وجع المصيبة. .

10. العنزة - محركة -: شبيه العكازة أطول من العصا وأقصر من الرمح. .

11. ما بين العلامتين غير موجود في المصدر. .