تفسير سورة ص
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرء سورة ص في ليلة الجمعة أعطى من خير الدنيا والآخرة ما لم يعط أحد من الناس الا نبي مرسل أو ملك مقرب وأدخله الله الجنة، وكل من أحب من أهل بيته حتى خادمه الذي يخدمه و إن كان لم يكن في حد عياله ولا في حد من يشفع فيه.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء سورة ص أعطى من الاجر بوزن كل جبل سخره الله لداود حسنات وعصمه الله أن يصر على ذنب صغير أو كبير.
3 - في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن سالم عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبى طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد اذانا وأذى آلهتنا فادعه ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن إلهه، قال: فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فدعاه فلما دخل النبي صلى الله عليه وآله لم ير في البيت الا مشركا فقال: السلام على من اتبع الهدى، ثم جلس فخبره أبو طالب بما جاؤوا له، فقال: أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم؟فقال أبو جهل: نعم وما هذه الكلمة قال: تقولون لا إله إلا الله، قال: فوضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا هربا وهم يقولون: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ان هذا الا اختلاق، فأنزل الله في قولهم ص والقرآن ذي الذكر إلى قوله الا اختلاق.
4 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى إسحاق بن عمار قال: سئلت أبا الحسن موسى بن جعفر كيف صارت الصلاة ركعة وسجدتين؟وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟فقال: إذا سئلت عن شئ ففزع قلبك لتفهم، ان أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله انما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله و ذلك أنه لما أسرى به وصار عند عرشه تبارك وتعالى قال: يا محمد أدن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك فدنى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حيث امره الله تبارك وتعالى فتوضى وأسبغ وضوءه قلت: جعلت فداك وما صاد الذي أمر ان يغتسل منه؟فقال: عين تنفجر من ركن من أركان العرش يقال له ماء الحيوان وهو ما قال الله عز وجل: (ص والقرآن ذي الذكر) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
5 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وأما (ص) فعين ينبع من تحت العرش، وهي التي توضأ منها النبي صلى الله عليه وآله لما عرج به، ويدخلها جبرئيل كل يوم دخلة فينغمس فيها ثم يخرج منها فينفض أجنحته. فليس من قطرة تقطر من أجنحته الا خلق الله تبارك و تعالى منها ملكا يسبح الله ويقدسه ويكبره ويحمده إلى يوم القيامة.
6 - في مجمع البيان صلى الله عليه وآله اختلفوا في معناه، قال ابن عباس هم أسم من أسماء الله تعالى أقسم به وروى ذلك عن الصادق عليه السلام.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: وعجبوا أن جاءهم منذر منهم قال: نزلت بمكة لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الدعوة اجتمعت قريش إلى أبى طالب فقالوا: يا أبا - طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شبابنا وفرق جماعتنا فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش ونملكه علينا فأخبر أبو - طالب رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك فقال: لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يسارى ما أردته و لكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب وتدين لهم بها العجم، ويكونون ملوكا في الجنة فقال لهم أبو طالب عليه السلام ذلك، فقالوا: نعم وعشر كلمات، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: تشهدون أن لا إله إلا الله وإني رسول الله، فقالوا: ندع ثلاثمأة وستين الها ونعبد الها واحدا؟فأنزل الله سبحانه (بل عجبوا ان جائهم منذر منهم فقال الكافرون هذا ساحر كذاب) إلى قوله: (الا اختلاق) أي تخليط (ء أنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكرى) إلى قوله (من الأحزاب) يعنى الذين تحزبوا عليه يوم الخندق.
8 - في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟قال: بلى، قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) قال الرضا عليه السلام: لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما، فلما جائهم عليه السلام بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم، وقالوا اجعل الألهة الها واحدا ان هذا لشئ عجاب وانطلق الملاء منهم ان امشوا واصبروا على آلهتكم ان هذا لشئ يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ان هذا الا اختلاق فلما فتح الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله مكة قال له: يا محمد (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر، لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه، إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.
9 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى الأصبغ عن علي عليه السلام في قول الله عز وجل (وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب) قال: نصيبهم من العذاب.
10 - في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن سالم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام فقلت: قول الله عز وجل: (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) فقال: اليد في كلام العرب القوة والنعمة، قال الله: واذكر عبدنا داود ذا الأيد وقال: (والسماء بنيناها بأيد) أي بقوة، وقال: (أيدهم بروح منه) أي قوة ويقال: لفلان عندي يد بيضاء أي نعمة.
11 - في عيون الأخبار باسناده إلى أبى الصلت الهروي قال: كان الرضا عليه السلام يكلم الناس بلغاتهم، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة، فقلت له يوما: يا بن رسول الله انى لاعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها؟فقال: يا أبا صلت أنا حجة الله على خلقه، وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم.
أوما بلغك قول أمير المؤمنين عليه السلام (أوتينا فصل الخطاب) فهل فصل الخطاب الا معرفة اللغات.
12 - وفيه في الزيارة الجامعة لجميع الأئمة المنقولة عن الجواد عليهم السلام (وفصل الخطاب عندكم).
13 - في كتاب الخصال باسناده إلى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعته يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من الحلال والحرام مما كان وما يكون إلى يوم القيامة، كل باب منها يفتح ألف باب، حتى علمت المنايا و البلايا وفصل الخطاب.
14 - عن يزداد بن إبراهيم عمن حدثه من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام: والله لقد أعطاني الله تبارك وتعالى تسعة أشياء لم يعطها أحدا قبلي خلا النبي صلى الله عليه وآله، لقد فتحت لي السبل، وعلمت الأسباب واجري لي السحاب، وعلمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب، الحديث.
15 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل قال فيه وقد ذكر علي بن أبي طالب عليه السلام وفضائله مخاطبا لفاطمة عليهما السلام: وانك يا بنية زوجته وابناه سبطاي حسن وحسين، وهما سبطا أمتي وأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر، وان الله عز وجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب.
16 - في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ولقد أعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي، علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب.
17 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولقد أعطيت الست: علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب، وانى لصاحب الكرات ودولة الدول، وانى لصاحب العصى والميسم والدابة التي تكلم الناس، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
18 - في بصائر الدرجات باسناده إلى سلمان الفارسي قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: عندي علم المنايا والبلايا والوصايا والأنساب وفصل الخطاب.
19 - في جوامع الجامع وعن علي عليه السلام هو قوله: البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه.
20 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون مع أصحاب الملل والمقالات وما أجاب به علي بن جهم في عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم حديث طويل يقول فيه الرضا عليه السلام: وأما داود فما يقول من قبلكم فيه؟فقال علي بن محمد ابن الجهم: يقولون: ان داود عليه السلام كان يصلى في محرابه إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور، فقطع داود صلاته وقام يأخذ الطير، فخرج الطير إلى الدار فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه، فسقط الطير في دار أوريا بن حيان، فاطلع داود في اثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها وكان قد اخرج أوريا في بعض غزواته، فكتب إلى صاحبه ان قدم أوريا امام التابوت، فقدم فظفر أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود، فكتب إليه ثانية: ان قدمه امام التابوت، فقدم فقتل أوريا رحمه الله وتزوج داود بامرأته؟قال: فضرب الرضا عليه السلام يده على جبهته وقال: انا لله وانا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله عليهم السلام إلى التهاون بصلاته، حتى خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة ثم بالقتل؟فقال: يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته؟فقال: ويحك ان داود عليه السلام انما ظن أنه ما خلق الله خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فسورا المحراب فقال: خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه، فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ولم يسئل المدعى البينة على ذلك ولم يقبل على المدعى عليه، فيقول له: ما تقول؟فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه الا تسمع الله عز وجل يقول: يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق إلى آخر الآية فقال: يا ابن رسول الله فما قصته مع أوريا؟قال الرضا عليه السلام: ان المرأة في أيام داود عليه السلام كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا، فأول من أباح الله عز وجل له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود عليه السلام، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل وانقضت عدتها فذلك الذي شق على الناس من قبل أوريا.
21 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام أنه قال لعلقمة ان رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا داود عليه السلام إلى أنه تبع الطير حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها وانه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها؟والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
22 - في مجمع البيان وقد روى عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: لا أوتى برجل يزعم أن داود تزوج امرأة أوريا الا جلدته حدا للنبوة وحدا للاسلام.
23 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال وأجده قد شهر هفوات أنبيائه إلى قوله: و ببعثه على داود جبرئيل وميكائيل حيث تسوروا المحراب إلى آخر القصة: واما هفوات الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة وقدرته القاهرة، وعزته الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم - السلام تكبر في صدور أممهم وان بعضهم من يتخذ بعضهم الها كالذي كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عز وجل، ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه وفى أمه: (كانا يأكلان الطعام) يعنى ان من أكل الطعام كان له ثقل، وكل من كان له ثقل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق عليه السلام قال: إن داود عليه السلام لما جعله الله عز وجل خليفة في الأرض وأنزل عليه الزبور و أوحى الله عز وجل إلى الجبال والطير ان يسبحن معه، وكان سببه انه صلى ببنى إسرائيل يقوم وزيره بعدما يفرغ من الصلاة فيحمد الله ويسبحه ويكبره ويهلله ثم يمدح الأنبياء عليهم السلام نبيا نبيا ويذكر من فضلهم وافعالهم وشكرهم وعبادتهم لله سبحانه والصبر على بلائه ولا يذكر داود عليه السلام فنادى داود ربه، فقال: يا رب قد أثنيت على الأنبياء بما قد أثنيت عليهم ولم تثن على؟فأوحى الله عز وجل إليه: هؤلاء عبادي أبليتهم فصبروا، وانا أثنى عليهم بذلك، فقال: يا رب فابلني حتى أصبر، فقال: يا داود تختار البلاء على العافية إني أبليت هؤلاء ولم أعلمهم وأنا أبليك وأعلمك ان بلائي في سنة كذا وشهر كذا ويوم كذا وكان داود يفرغ نفسه لعبادته يوما ويقعد في محرابه، ويوما يقعد لبنى إسرائيل فيحكم بينهم، فلما كان في اليوم الذي وعده الله عز وجل اشتدت عبادته وخلا في محرابه وحجب الناس عن نفسه، وهو في محرابه يصلى فإذا بطائر وقع بين يديه جناحاه من زبرجد أخضر ورجلاه من ياقوت أحمر و رأسه ومنقاره من اللؤلؤ والزبرجد فأعجبه جدا ونسي ما كان فيه، فقام ليأخذه فطار الطائر فوقع على حايط بين داود وبين أوريا بن حيان، وكان داود قد بعث أوريا في بعث، فصعد داود عليه السلام ذلك الحايط ليأخذ الطير فإذا امرأة أوريا جالسة تغتسل، فلما رأت ظل داود نشرت شعرها وغطت به بدنها، فنظر إليها داود وافتتن بها، ورجع إلى محرابه ونسي ما كان فيه، وكتب إلى صاحبه في ذلك البعث لما أن تصيروا (1) إلى موضع كيت وكيت يوضع التابوت بينهم وبين عدوهم، وكان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز وجل: (فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة) وقد كان رفع بعد موسى عليه السلام لما عملت بنوا إسرائيل بالمعاصي، فلما غلبهم جالوت وسألوا النبي أن يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله تقدس وجهه بعث إليهم طالوت وأنزل عليهم التابوت وكان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل وبين أعدائهم ورجع عن التابوت انسان كفر وقتل ولا يرجع أحد عنه الا ويقتل أو يقتل، فكتب داود عليه السلام إلى صاحبه الذي بعثه ان ضع التابوت بينك وبين عدوك. وقدم أوريا بن حيان بين يدي التابوت فقدمه وقتل، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان وقعدا ولم يكن تزوج امرأة أوريا وكانت في عدتها، وداود في محرابه يوم عبادته، فدخل الملكان من سقف البيت وقعدا بين يديه، ففزع داود منهما فقالا: (لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط) ولداود حينئذ تسعة وتسعون امرأة ما بين مهيرة (2) إلى جارية، فقال: أحدهما لداود: (ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب) أي ظلمني وقهرني فقال داود كما حكى الله عز وجل: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) إلى قوله (وخر راكعا وأناب) قال: فضحك المستعدى عليه من الملائكة وقال: حكم الرجل على نفسه، فقال داود: أتضحك وقد عصيت؟لقد هممت ان أهشم فاك (3) قال: فعرجا وقال الملك المستعدى عليه: لو علم داود انه أحق ان يهشم فاه منى، ففهم داود الامر وذكر الخطيئة فبقي أربعين يوما ساجدا يبكى ليله ونهاره ولا يقوم الا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه. فلما كان بعد أربعين يوما نودي: يا داود مالك أجائع أنت فنشبعك أو ظمآن فنسقيك أم عريان فنكسوك، أم خائف فنؤمنك؟فقال: أي رب وكيف لا أخاف وقد عملت ما عملت وأنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم؟فأوحى الله عز وجل إليه تب يا داود فقال أي رب وأنى لي بالتوبة؟قال: صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك واسأله أن يغفر لك، فان غفر لك غفرت لك قال: يا رب فإن لم يفعل؟قال: أستوهبك منه، فخرج داود عليه السلام يمشى على قدميه ويقرء الزبور وكان إذا قرء الزبور لا يبقى حجر ولا مدر ولا طاير ولا سبع الا ويجاوبه حتى انتهى إلى جبل وعليه نبي عابد يقال له حزقيل، فلما سمع دوى الجبال وصوت السباع علم أنه داود، فقال: هذا النبي الخاطئ. فقال داود: يا حزقيل أتأذن لي أن أصعد إليك؟قال: لا فإنك مذنب، فبكى داود عليه السلام فأوحى الله إلى حزقيل: يا حزقيل لا تعير داود بخطيئته وسلني العافية، فنزل حزقيل وأخذ بيد داود وأصعده إليه فقال له داود: يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط؟قال: لا قال: فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله؟قال: لا، قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها و لذاتها؟قال: بلى ربما عرض ذلك بقلبي، قال فما تصنع؟قال: أدخل هذا الشعب فاعتبر بما فيه، قال: فدخل داود عليه السلام الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية وعظام نخرة، وإذا لوح من حديد وفيه مكتوب، فقرأه داود فإذا فيه: أنا اروى بن سلم ملكت ألف سنة وبنيت ألف مدينة، وافتضضت ألف جارية، وكان آخر أمرى ان صار التراب فراشي، والحجارة وسادي، والحيات والديدان جيراني، فمن رآني فلا يغتر بالدنيا، ومضى داود حتى أتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه ثم ناداه ثانية فلم يجبه، ثم ناداه ثالثة، فقال أوريا: مالك يا نبي الله شغلتني عن سروري وقرة عيني؟قال: يا أوريا اغفر لي وهب لي خطيئتي، فأوحى الله عز وجل إليه: يا داود بين له ما كان منك، فناداه داود فأجابه في الثالثة فقال: يا أوريا فعلت كذا وكذا وكيت وكيت؟فقال أوريا: أتفعل الأنبياء مثل هذا؟فناداه فلم يجبه، فوقع داود على الأرض باكيا فأوحى الله عز وجل إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه، فكشف عنه فقال أوريا: لمن هذا؟فقال لمن غفر لداود خطيئته، فقال: يا رب قد وهبت له خطيئته، فرجع داود عليه السلام إلى بني إسرائيل وكان إذا صلى وزيره يحمد الله ويثنى عليه ويثنى على الأنبياء ثم يقول: كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت وكيت، فاغتم داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل إليه: يا داود قد وهبت لك خطيئتك وألزمت عار ذنبك بني إسرائيل، قال: يا رب كيف وأنت الحكم العدل الذي لا تجور؟قال: لأنهم لم يعاجلوك الكبر (4) وتزوج داود عليه السلام بامرأة أوريا بعد ذلك، فولد له منها سليمان عليه السلام ثم قال عز وجل: (فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب) (5).
25 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: وظن داود أي علم وأناب أي تاب، وذكر أن داود كتب إلى صاحبه: ان لا تقدم أوريا بين يدي التابوت ورده فقدم أوريا إلى أهله ومكث ثمانية أيام ثم مات.
26 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب عن زين العابدين عليه السلام حديث طويل وقد كتب بتمامه عند قوله تعالى: (وان يونس لمن المرسلين) وفيه ان حوت يونس عليه السلام قال له: ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد صلى الله عليه وآله الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ومن توقف عنها و تتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، وما لقى داود من الخطيئة إلى أن بعث الله يونس.
27 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان ابن داود المنقري عن حماد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل، فقال: أما والله ما أوتى الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال، وذكر حديثا طويلا ذكرناه بتمامه في لقمان وفيه يقول عليه السلام: وان الله تبارك وتعالى أمر طوايف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة (6) فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟فقال لقمان: ان أمرني الله بذلك فالسمع والطاعة لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني، وان هو خيرني قبلت العافية، فقالت الملائكة: يا لقمان لم؟قال: لان الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين، وأكثر فتنا وبلاءا بأشد ما يخذل ولا يعان ويغشاه الظلم من كل مكان وصاحبه فيه بين أمرين ان أصاب فيه الحق فبالحري أن يسلم، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكما سريا (7) شريفا ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتاهما تزول هذه ولا يدرك تلك، قال: فتعجب الملائكة من حكمته واستحسن الرحمن منطقه فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكم فغشاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم، وغطاه بالحكمة غطاءا فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه، وخرج على الناس ينطق بالحكمة وينهى فيها قال: فلما أوتى الحكم بالخلافة ولم يقبلها أمر الله عز وجل الملائكة فنادت داود عليه السلام بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله عز وجل الخلافة في الأرض وابتلى بها غير مرة، كل ذلك يهوى في الخطأ يقيله الله تعالى ويغفر له، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليه السلام ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه، وكان داود عليه السلام يقول له: طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة و صرفت عنك البلية، وأعطى داود الخلافة وابتلى بالحكم والفتنة.
28 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في كتاب علي عليه السلام ان نبيا من الأنبياء شكا إلى ربه القضاء فقال: كيف أقضى بما لم تر عيني ولم تسمع اذني؟فقال: اقض بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمى (8) يحلفون به، وقال: ان داود عليه السلام قال: يا رب أرني الحق كما هو عندك حتى أقضى به، فقال: انك لا تطيق ذلك فألح على ربه حتى فعل فجاءه رجل يستعدى على رجل فقال: ان هذا أخذ مالي، فأوحى الله عز وجل إلى داود: ان هذا المستعدى قتل أبا هذا الرجل وأخذ ماله، فأمر داود عليه السلام بالمستعدي فقتل وأخذ ماله فدفعه إلى المستعدى عليه قال: فعجب الناس وتحدثوا حتى بلغ داود عليه السلام ودخل عليه من ذلك ما كره، فدعى ربه ان يرفع ذلك ففعل، ثم أوحى الله عز وجل إليه: أن احكم بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمى يحلفون به.
29 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور عن فضيل الأعور عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان، لا يسئل عن بينة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
30 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منى يحكم بحكومة آل داود، ولا يسأل بينة، يعطى كل نفس حقها.
31 - محمد عن أحمد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بم تحكمون إذا حكمتم؟قال: بحكم الله وحكم داود فإذا ورد علينا الشئ الذي ليس عندنا تلقانا به روح القدس.
32 - محمد بن أحمد عن محمد بن خالد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن حمران بن أعين عن جعيد الهمداني عن علي بن الحسين عليه السلام قال: سألته بأي حكم تحكمون؟قال: حكم آل داود، فان أعيانا شئ يلقانا به روح القدس.
33 - أحمد بن مهران رحمه الله عن محمد بن علي عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما منزلة الأئمة؟قال: كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان، قال: فبما تحكمون؟قال: بحكم الله وحكم داود وحكم محمد، ويتلقانا به روح القدس.
34 - في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان أخوف ما أخاف على أمتي الهوى وطول الأمل اما الهوى فإنه يصد عن الحق، واما طول الأمل فينسى الآخرة.
35 - عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال في كلام له إلى أن قال: ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: الا ان أخوف ما أخاف عليكم خصلتين اتباع الهوى وطول الأمل، اما اتباع الهوى فيصد عن الحق وطول الأمل ينسى الآخرة.
36 - عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: ثلاث درجات وثلاث كفارات وثلاث موبقات وثلاث منجيات، فأما الدرجات إلى أن قال عليه السلام: واما الموبقات فشح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه.
37 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله: أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات قال: أمير المؤمنين وأصحابه كالمفسدين في الأرض قال: حبتر وزريق (9) وأصحابهما كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته فآياته أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام وليذكر أولوا الألباب الباقية وكان أمير المؤمنين عليه السلام يفتخر بها ويقول: ما أعطى أحد قبلي ولا بعدى مثل ما أعطيت.
38 - في روضة الكافي باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل، لان الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل، لم يعرفوا وجه قول الله في كتابه إذ يقول: (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار).
39 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام والفاجر ان ائتمنته خانك، وان صاحبته شأنك وان وثقت به لم ينصحك.
40 - عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها، صدق الحديث، وأداء الأمانة والوفاء بالعهد، وقلة الفخر والتجمل وصلة الأرحام، ورحمة الضعفاء، وقلة المواتاة للنساء وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما يقرب إلى الله تعالى.
41 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز عن زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) يعنى مفروضا وليس يعنى وقت فوتها، إذا جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم يكن صلاته هذه مؤداة، ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليه السلام حين صلاها لغير وقتها ولكنه متى ما ذكرها صلاها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
42 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (كتابا موقوتا) قال: موجبا، انما يعنى بذلك وجوبها على المؤمنين، ولو كانت كما يقولون لهلك سليمان بن داود حين أخر الصلاة حتى توارت بالحجاب، لأنه لو صلاها قبل أن تغيبت، كان وقتا وليس صلاة أطول وقتا من العصر.
43 - في من لا يحضره الفقيه روى عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن سليمان بن داود عرض عليه ذات يوم بالعشى الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة: ردوا الشمس على حتى اصلى صلاتي في وقتها، فردوها فقام فمسح ساقيه وعنقه وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك، وكان ذلك وضوءهم للصلاة ثم قام فصلى، فلما فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم، وذلك قول الله عز وجل: ووهبنا لداود سليمان نعم العبد انه أواب إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب ردوها على فطفق مسحا بالسوق والأعناق.
44 - في مجمع البيان وقيل إن هذه الخيل كانت شغلته عن صلاة العصر حتى فات وقتها عن علي عليه السلام وفى رواية أصحابنا أنه فاته أول الوقت.
45 - قال ابن عباس سألت عليا عن الآية هذه فقال: ما بلغك فيها يا ابن عباس؟قلت له: سمعت كعبا يقول: اشتغل سليمان عليه السلام بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة (فقال ردوها على) يعنى الأفراس وكانت أربعة عشر فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلتها فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما لأنه ظلم الخيل بقتلها، فقال علي عليه السلام: كذب كعب لكن اشتغل سليمان عليه السلام بعرض الأفراس ذات يوم لأنه أراد جهاد العدو حتى توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر الله للملائكة الموكلين بالشمس: (ردوها على) فردت فصلى العصر في وقتها، وان أنبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون بالظلم لأنهم معصومون مطهرون.
46 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب) وذلك أن سليمان عليه السلام كان يحب الخيل ويستعرضها فعرضت عليه يوما إلى أن غابت الشمس وفاتته صلاة العصر، ثم دعا بالخيل فأقبل يضرب أعناقها وسوقها بالسيف حتى قتلها كلها وهو قوله تعالى: (ردوها على فطفق مسحا بالسوق والأعناق) (10) وقال الصادق عليه السلام جعل الله عز وجل ملك سليمان في خاتمه، فكان إذا ألبسه حضرته الجن والإنس والشياطين وجميع الطير والوحش وأطاعوه فيقعد على كرسيه، ويبعث الله عز وجل ريحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين والطير والانس والدواب والخيل، فتمر بها في الهواء إلى موضع يريده سليمان، فكان يصلى الغداة بالشام، والظهر بفارس، وكان يأمر الشياطين أن يحملوا الحجارة من فارس و يبيعونها بالشام، فلما مسح أعناق الخيل وسوقها بالسيف سلبه الله عز وجل ملكه، و كان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه إلى بعض من يخدمه فجاء شيطان فخدع خادمه وأخذ منه الخاتم ولبسه، فخرت عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحش، وخرج سليمان في طلب الخاتم فلم يجده فهرب ومر على ساحل البحر وأنكرت بنوا إسرائيل الشيطان الذي تصور في صورة سليمان، وصاروا إلى أمه فقالوا لها: أتنكرين من سليمان شيئا؟فقالت: كان أبر الناس بي وهو اليوم يبغضني؟وصاروا إلى جواريه ونسائه فقالوا أتنكرين من سليمان شيئا؟قلن: كان لم يكن، يأتينا في الحيض، والآن يأتينا في الحيض فلما خاف الشيطان ان يظنوا به القى الخاتم في البحر، فبعث الله سمكة فالتقمته وهرب الشيطان فبقوا إسرائيل يطلبون سليمان أربعين يوما، وكان سليمان عليه السلام يمر على على ساحل البحر تائبا إلى الله بما كان منه، فلما كان بعد أربعين يوما مر بصياد يصيد السمك فقال له: أعينك على أن تعطيني من السمك شيئا؟فقال: نعم فأعانه سليمان فلما اصطاد دفع إلى سليمان سمكة فأخذها فشق بطنها وذهب ليغسلها فوجد الخاتم في بطنها فلبسه فخرت عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحوش ورجع إلى ما كان، و طلب ذلك الشيطان وجنوده الذين كانوا معه فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء وبعضهم في جوف الصخر بأسامي الله عز وجل، فهم محبوسون معذبون إلى يوم القيامة (11). قال: ولما رجع سليمان إلى ملكه قال لاصف - وكان آصف كاتب سليمان وهو الذي كان عنده علم من الكتاب -: قد عذرت الناس بجهالتهم فكيف أعذرك؟فقال: لا تعذرني، فلقد عرفت الحوت (12) الذي اخذ خاتمك وأباه وأمه وعمه وخاله، ولقد قال لي: اكتب لي فقلت له: ان القلم لا يجرى الجور، فقال: اجلس ولا تكتب فكنت أجلس ولا أكتب شيئا، ولكن أخبرني عنك يا سليمان صرت تحب الهدهد وهو أخس الطير منبتا وأنتنه ريحا، قال: إنه يبصر الماء من وراء الصفا الأصم، فقال: وكيف يبصر الماء من وراء الصفا وانما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يأخذ بعنقه؟فقال سليمان: قف يا وقاف (13) انه إذا جاء القدر حال دون البصر.
47 - في مجمع البيان: ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه الآية واختلف العلماء في زلته وفتنته والجسد الذي القى على كرسيه على أقوال: منها ان سليمان عليه السلام قال يوما في مجلسه لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل منهن الا امرأة واحدة جاءت بشق ولد، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: ثم قال فوالذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا، والجسد الذي القى على كرسيه كان هذا.
48 - ومنها ما روى أن الجن والشياطين لما ولد لسليمان عليه السلام ابن قال بعضهم لبعض: ان عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء، فأشفق عليه السلام منهم عليه فاسترضعه في المزن وهو السحاب، فلم يشعر الا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها على أن الحذر لا ينفع عن القدر، وانما عوتب عليه السلام على خوفه من الشياطين وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
49 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان هذا سليمان أعطى ملكا لا ينبغي لاحد من بعده؟فقال له علي عليه السلام: لقد كان ذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، انه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله وهو ميكائيل فقال له: يا محمد عش ملكا منعما وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك ويسير معك جبالها ذهبا وفضة ولا ينقص لك فيما أدخر لك في الآخرة شئ فأومى إلى جبرئيل عليه السلام وكان خليله من الملائكة؟فأشار إليه ان تواضع، فقال: بل أعيش نبيا عبدا آكل يوما ولا آكل يومين والحق باخواني من الأنبياء، فزاده الله تعالى الكوثر وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيمة أقعده الله تعالى على العرش فهذا أفضل مما أعطى سليمان عليه السلام.
50 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال سليمان بن داود عليه السلام ذات يوم لأصحابه: ان الله تبارك و تعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى، سخر لي الريح والانس والجن والطير وآتاني من كل شئ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
51 - في بصائر الدرجات حدثني يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي بن فضالة عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عنده فذكر سليمان وما أعطى من العلم وما أوتي من الملك، فقال لي: وما أعطى سليمان بن داود انما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم، وصاحبكم الذي قال الله تعالى: (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) فكان والله عند علي عليه السلام علم الكتاب.
52 - أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سليمان عنده اسم الله الأكبر الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعى أجاب ولو كان اليوم لاحتاج إلينا. في عيون الأخبار باسناده إلى الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه، محمد بن علي عليهم السلام قال: إن سليمان بن داود عليهما السلام قال ذات يوم لأصحابه: ان الله تعالى وذكر إلى آخر ما نقلنا عن الدوريستي.
53 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن أبي بصير عن أبان عن أبي حمزة عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: خرج سليمان بن داود من بيت المقدس ومعه ثلاثمأة ألف كرسي عن يمينه عليها الانس وثلاثمأة الف كرسي عن يساره عليها الجن، وأمر الطير فأظلتهم وأمر الريح فحملتهم حتى ورد إيوان كسرى في المداين، ثم رجع فبات بأصطخر، فاضطجع ثم غدا فانتهى إلى مدينة بر كاوان (14) ثم أمر الرياح فحملتهم حتى كادت أقدامهم يصيبها الماء، وسليمان عليه السلام على عمود منها، فقال بعضهم لبعض: هل رأيتم ملكا قط أعظم من هذا أو سمعتم به؟فقالوا: ما رأينا ولا سمعنا بمثله، فناداهم ملك من السماء: ثواب تسبيحة واحدة في الله أعظم مما رأيتم.
54 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض الا أربعة بعد نوح، ذا القرنين واسمه عياش وداود، وسليمان و يوسف عليهم السلام، فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب، واما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد إصطخر وكذلك كان ملك سليمان، وأما يوسف فملك مصر وبراريها ولم يتجاوزها إلى غيرها.
55 - عن محمد بن خالد باسناده رفعه قال: ملك الأرض كلها أربعة، مؤمنان وكافران فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران نمرود وبخت نصر، واسم ذو القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد.
56 - في كتاب علل الشرايع حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أحمد ابن محمد الوراق أبو الطيب قال: حدثنا علي بن هارون الحميري قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال: حدثنا أبي عن علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: أيجوز أن يكون نبي الله عز وجل بخيلا؟فقال: لا، فقلت له: فقول سليمان عليه السلام: رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى ما وجهه ومعناه؟فقال الملك ملكان: ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، وملك مأخوذ من قبل الله تعالى كملك آل إبراهيم وملك طالوت وذى القرنين، فقال سليمان عليه السلام: هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى أن يقول إنه مأخوذ بالغلبة والجور واجبار الناس فسخر الله عز وجل له الريح تجرى بأمره رخاءا حيث أصاب، وجعل غدوها شهرا و رواحها شهرا، وسخر الله عز وجل له الشياطين كل بناء وغواص، وعلم منطق الطير و مكن في الأرض، ، فعلم الناس في وقته وبعده ان ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس، والمالكين بالغلبة والجور، قال: فقلت له: فقول رسول الله صلى الله عليه وآله رحم الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله؟فقال: لقوله عليه السلام وجهان: أحدهما: ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه، والوجه الآخر يقول: ما كان أبخله إن كان أراد ما كان يذهب إليه الجهال، ثم قال عليه السلام: قد والله أوتينا ما أوتى سليمان، وما لم يؤت سليمان وما لم يؤت أحد من الأنبياء، قال الله عز وجل في قصة سليمان: هذا عطاءنا فامنن أو - أمسك بغير حساب وقال عز وجل في قصة محمد صلى الله عليه وآله: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).
57 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام لا قوام يظهرون الزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف: (15) أخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود عليه السلام؟حين سأل الله ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى فأعطاه الله جل اسمه ذلك، وكان يقول الحق ويعمل به، ثم لم نجد الله عز وجل عاب عليه ذلك، ولا أحد من المؤمنين، وداود النبي صلى الله عليه وآله قبله في ملكه وشدة سلطانه.
58 - في مجمع البيان روى مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه صلى صلاة فقال: ان الشيطان عرض لي ليفسد على صلاتي، فأمكنني الله منه فدعوته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا وتنظروا إليه أجمعين، فذكرت قول سليمان عليه السلام: (هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى) فرده الله خاسئا خائبا أورده البخاري ومسلم في الصحيحين.
59 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت له: جعلت فداك (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) فقال: نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون، قلت: فأنتم المسؤولون ونحن السائلون؟قال: نعم قلت: حقا علينا أن نسألكم؟قال: نعم، قلت: حقا عليكم أن تجيبونا؟قال: لا ذاك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى: هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب.
60 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن بكار بن بكر عن موسى بن أشيم قال: كنت عن أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عز وجل فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر الأول، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين، فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطاء كله، فبينا انا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي فسكنت نفسي، فعلمت ان ذلك منه تقية، قال: ثم التفت إلى فقال لي: يا بن أشيم إن الله عز وجل فوض إلى سليمان ابن داود عليه السلام، فقال: (هذا عطاءنا فامنن أو أمسك بغير حساب) وفوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله فقال: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا.
61 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أدب نبيه صلى الله عليه وآله فلما انتهى به إلى ما أراد قال له (انك لعلى خلق عظيم) ففوض إليه دينه، فقال: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وان الله عز وجل فرض الفرائض ولم يقسم للجد شيئا، وان رسول الله صلى الله عليه وآله أطعمه السدس، فأجاز الله جل ذكره له ذلك وذلك قول الله عز وجل: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب).
62 - علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن الحسين بن عبد الرحمان عن صندل الخياط عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) قال: أعطى سليمان ملكا عظيما، ثم جرت هذه الآية في رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان له أن يعطى من شاء وما يشاء ويمنع من شاء، وأعطاه أفضل مما اعطى سليمان، بقوله: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).
63 - أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس ابن هشام عن عبد الله ابن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الامام فوض إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟فقال: نعم، وذلك أن رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها، وسأله آخر تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين، ثم قال: (هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب) وهكذا هي في قراءة علي عليه السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
64 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن محمد عن أبي داود سليمان بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) من المعنون بذلك؟فقال: نحن والله، فقلت: فأنتم المسؤولون؟قال: نعم قلت: ونحن السائلون؟قال: نعم، قلت: فعلينا ان نسألكم؟قال: نعم، قلت: وعليكم أن تجيبونا؟قال، ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا، ثم قال: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب).
65 - في تفسير العياشي عن حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان الأحاديث تختلف عنكم؟قال: فقال: ان القرآن نزل على سبعة أحرف، و أدنى ما للامام أن يفتى على سبعة وجوه، ثم قال (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب).
66 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن أبي داود عن سليمان بن سعيد عن ثعلبة عن منصور عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله تبارك وتعالى: (فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) من المعنون بذلك؟قال: نحن، قال: قلت: فأنتم المسؤولون؟قال: نعم، قلت: ونحن السائلون؟قال: نعم، قال قلت: فعلينا أن نسألكم؟قال: نعم، قلت: وعليكم ان تجيبونا. قال: لا ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل، ثم قال: قال الله تعالى: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب).
67 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا قال: أولم أبو الحسن موسى صلوات الله عليه وليمة على بعض ولده فأطعم أهل المدينة ثلاثة أيام الفالوذجات في الجفان في المساجد والأزقة (16) فعابه بذلك بعض أهل المدينة فبلغه ذلك عليه السلام، فقال: ما آتي الله عز وجل نبيا من أنبيائه شيئا الا وقد آتي محمدا صلى الله عليه وآله مثله، وزاده ما لم يؤتهم، قال لسليمان عليه السلام: (هذا عطاءنا فامنن أو أمسك بغير حساب) وقال لمحمد صلى الله عليه وآله (وما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا).
68 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الله بن القاسم عن أبي خالد القماط عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قالت بنوا إسرائيل لسليمان عليه السلام استخلف علينا ابنك، فقال: انه لا يصلح لذلك، فألحوا عليه فقال: انى سائله عن مسائل فان أحسن الجواب فيها استخلفه، ثم سأله فقال: يا بنى ما طعم الماء و طعم الخبز؟ومن أي شئ ضعف الصوت وشدته؟وأين موضع العقل من البدن؟، ومن أي شئ القساوة والرقة؟ومم تعب البدن ودعته ومم مكسب البدن وحرمانه؟.
فلم يجبه بشئ منها، فقال أبو عبد الله عليه السلام: طعم الماء الحياة وطعم الخبز القوة (17) و ضعف الصوت وشدته من شحم الكليتين وموضع العقل الدماغ، الا ترى ان الرجل إذا كان قليل العقل قيل له: ما أخف دماغه، والقسوة والرقة من القلب، وهو قوله عز وجل: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) وتعب البدن ودعته من القدمين، إذا تعبا في المشي يتعب البدن، وإذا ودعا ودع البدن ومكسب البدن وحرمانه من اليدين إذا عمل بما زادتا على البدن وإذا لم يعمل بهما لم يزدا على البدن شيئا.
69 - حدثني أبي عن ابن فضال عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي - بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن بلية أيوب عليه السلام التي ابتلى بها في الدنيا لأي علة كانت؟قال: لنعمة أنعم الله عز وجل عليه بها في الدنيا وأدى شكرها، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش، فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب عليه السلام حسده إبليس، فقال: يا رب ان أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة الا بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لم يؤد إليك شكر نعمة أبدا، فقيل له: قد سلطتك على ماله وولده، قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا الا أعطبه (18) فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، قال: فسلطني على زرعه يا رب، قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على غنمه فسلطه على غنمه فأهلكها، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على بدنه فسلطه على بدنه ما خلا عقله وعينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود، فكانت تخرج من بدنه فيردها فيقول ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجوه أهل القرية من القرية والقوه في المزبلة خارج القرية، وكانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلوات الله عليهم وعليها، تتصدق من الناس وتأتيه بما تجده. قال: فلما طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره أتى أصحابا لأيوب كانوا رهبانا في الجبال وقال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته (19) فركبوا بغالا شهبا وجاؤا فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فنظر بعضهم إلى بعض ثم مشوا إليه وكان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه وما نرى ابتلاك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد الا من أمر كنت تستره؟فقال أيوب عليه السلام: وعزة ربى أنه ليعلم أنى ما أكلت طعاما الا ويتيم أو ضعيف يأكل معي، وما عرض لي من أمران كلاهما طاعة الله إلا أخذت بأشدهما على بدني، فقال الشاب: سوءة لكم عيرتم نبي الله حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها؟فقال أيوب عليه السلام: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي (20) فبعث الله إليه غمامة فقال: يا أيوب أدل بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم وها أنا ذا قريب ولم أزل، فقال: يا رب انك لتعلم انه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة الا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك؟ألم أشكرك؟ألم أسبحك؟قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب من صيرك تعبد الله و الناس عنه غافلون؟وتحمده وتسبحه وتكبره والناس عنه غافلون؟أتمن على الله بما لله فيه المنة عليك؟. قال: فأخذ التراب فوضعه في فيه ثم قال: لك العتبى (21) يا رب أنت فعلت ذلك بي، فأنزل الله عز وجل عليه ملكا فركض برجله (22) فخرج الماء فغسله بذلك الماء فعاد أحسن ما كان وأطرأ. وأنبت الله عليه روضة خضراء ورد عليه أهله وماله وولده و زرعه، وقعد معه الملك يحدثه ويونسه، فأقبلت امرأته معها الكسرة (23) فلما انتهت إلى الموضع إذ الموضع متغير وإذا رجلان جالسان، فبكت وصاحت وقالت: يا أيوب ما دهاك؟ (24) فناداها أيوب فأقبلت فلما رأته وقد رده الله عليه بدنه ونعمه سجدت لله عز وجل شكرا، فرأى ذؤابتها مقطوعة، وذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب عليه السلام من الطعام، وكانت حسنة الذوائب. فقالوا لها: تبيعينا ذؤابتك هذه حتى نعطيك؟فقطعتها ودفعتها إليهم، وأخذت منهم طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب و حلف عليها أن يضربها مأة، فأخبرته انه كان سببه كيت وكيت، فاغتم أيوب من ذلك فأوحى الله عز وجل إليه: خذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث (25) فأخذ عذقا مشتملا على مأة شمراخ فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه. ثم قال: ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب قال فرد الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء، ورد عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابهم البلاء كلهم أحياهم الله تعالى له فعاشوا معه.
وسئل أيوب عليه السلام: بعدما عافاه الله أي شئ كان أشد عليك مما مر؟فقال: شماتة الأعداء، قال فأمطر الله عليه في داره جراد الذهب وكان يجمعه. فكان إذا ذهب الريح منه بشئ عدا خلفه، فقال له جبرئيل عليه السلام: أما تشبع يا أيوب؟قال: ومن يشبع من رزق الله عز وجل؟.
70 - في مجمع البيان (انى مسني الشيطان بنصب وعذاب) قيل إنه اشتد مرضه حتى تجنبه الناس، فوسوس الشيطان إلى الناس ان يستقذروه ويخرجوه من بينهم ولا يتركوا امرأته التي تخدمه أن تدخل عليهم.
فكان أيوب يتأذى بذلك ويتألم به، ولم يشك الألم الذي كان من أمر الله سبحانه، قال قتادة: دام ذلك سبع سنين، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
71 - وروى العياشي باسناده ان عباد المكي قال: قال لي سفيان الثوري: انى أرى لك من أبى عبد الله عليه السلام منزلة فأسئله عن رجل زنى وهو مريض فان أقيم عليه الحد خافوا أن يموت، ما يقول فيه؟قال: فسألته فقال لي: هذه المسألة من تلقاء نفسك أو أمرك بها انسان؟فقلت: ان سفيان الثوري أمرني أن أسئلك عنها، فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله أتى برجل أحبن (26) قد استسقى بطنه وبدت عروق فخذيه وقد زنى بامرأة مريضة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى بعرجون فيه مأة شمراخ، فضربه به ضربة وضربها به ضربة وخلى سبيلهما، وذلك قوله: (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث).
72 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله أولى الأيدي والابصار قال: أولوا القوة في العبادة والبصر فيها هذا وان للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها فبئس القرار هذا فليذوقوه حميم وغساق قال: الغساق واد في جهنم، فيه ثلاثمأة وثلاثون قصرا في كل قصر ثلاثمأة بيت، في كل بيت أربعون زاوية، في كل زاوية شجاع في كل شجاع ثلاثمأة وثلاثون عقربا، في كل حمة عقرب ثلاثمأة وثلاثون قلة من سم، لو أن عقربا منها نضحت سمها على أهل جهنم لوسعهم سمها هذا وان للطاغين لشر مآب وهم الأول والثاني وبنو أمية، ثم ذكر من كان بعدهم ممن غصب آل محمد حقهم فقال: وآخر من شكله أزواج هذا فوج مقتحم معكم وهم بنوا العباس فيقولون بنوا أمية لأمر حبا بهم انهم صالوا النار.
73 - في مجمع البيان: هذا فوج مقتحم معكم الآية روى عن النبي صلى الله عليه وآله ان النار تضيق عليهم كضيق الزج بالريح.
74 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بما سبق فيقول بنو فلان: بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا وبدأتم بظلم آل محمد فبئس القرار، ثم يقول بنو أمية ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار يعنون الأول والثاني ثم يقول أعداء آل محمد في النار مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار في الدنيا وهم شيعة أمير المؤمنين عليه السلام اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار ثم قال إن ذلك لحق تخاصم أهل النار فيما بينهم.
ذلك قول الصادق عليه السلام إنكم لفى الجنة تحبرون (27) وفى النار تطلبون.
75 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير يا أبا محمد لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: (وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * إتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار) والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس، وأنتم والله في الجنة تحبرون وفى النار تطلبون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
76 - علي بن محمد عن أحمد بن أبي عبد الله عن عثمان بن عيسى عن ميسر قال: دخلت على أبى عبد الله عليه السلام فقال: كيف أصحابك؟فقلت: جعلت فداك لنحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا، قال: وكان متكئا فاستوى جالسا ثم قال: كيف؟قلت: والله لنحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والذين أشركوا، فقال: أما والله لا يدخل النار منكم اثنان لا والله، ولا واحد، انكم الذين قال الله عز وجل: (وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار ان ذلك لحق تخاصم أهل النار) قال: طلبوكم والله في النار والله، فما وجدوا منكم أحدا.
77 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن منصور بن يونس عن عنبسة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا استقر أهل النار في النار يفقدونكم فلا يرون منكم أحدا، فيقول بعضهم لبعض: (مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار) قال: وذلك قول الله عز وجل: (ان ذلك لحق تخاصم أهل النار) يتخاصمون فيكم فيما كانوا يقولون في الدنيا.
78 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن أهل النار يقولون: (مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) يعنونكم لا يرونكم في النار، لا يرون والله واحدا منكم في النار.
79 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده قال: دخل سماعة بن مهران على الصادق عليه السلام فقال له: يا سماعة من شر الناس؟قال: نحن يا بن رسول الله، قال: فغضب حتى احمرت وجنتاه، ثم استوى جالسا وكان متكئا فقال: يا سماعة من شر الناس عند الناس؟فقلت: والله ما كذبتك يا بن رسول الله، نحن شر الناس عند الناس لأنهم يسمونا كفارا ورافضة، فنظر إلى ثم قال: كيف إذا سيق بكم إلى الجنة، وسيق بهم إلى النار، فينظرون إليكم فيقولون: (مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) يا سماعة بن مهران انه من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فتشفع، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا في الدرجات، واكمدوا (28) عدوكم بالورع.
80 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن عبد الله بن جبلة عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا أبا محمد أنتم في الجنة تحبرون و بين أطباق النار تطلبون فلا توجدون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
81 - في جوامع الجامع وعن الباقر عليه السلام يعنونكم لا يرون والله أحدا منكم في النار.
82 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب بها الغدير وفيها يقول عليه السلام: هذا يوم عظيم الشأن إلى قوله: هذا يوم الملاء الاعلى الذي أنتم عنه معرضون.
83 - في بصائر الدرجات عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه سليمان ابن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: قول الله تبارك وتعالى: قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون قال: الذين أوتوا العلم: الأئمة والنبأ: الإمامة.
84 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني خالد عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن سنان عن أبي مالك الأسدي عن إسماعيل الجعفي قال: كنت في المسجد الحرام قاعدا وأبو جعفر عليه السلام في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة والى الكعبة مرة ثم قال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت إلى فقال: أي شئ يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟قلت: يقولون: أسرى به من المسجد الحرام إلى البيت المقدس، فقال: ليس هو كما يقولون ولكنه أسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء، وقال: ما بينهما حرم، فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا جبرئيل في هذا الموضع تخذلني؟فقال: تقدم أمامك، فوالله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه أحد من خلق الله قبلك، فرأيت من نور ربى وحال بيني وبينه السبحة قلت: وما السبحة جعلت فداك؟فأومى بوجهه إلى الأرض وأومى بيده إلى السماء وهو يقول: جلال ربى ثلاث مرات قال: يا محمد قلت: لبيك يا رب، قال: فيما اختصم الملاء الاعلى؟قال: قلت: سبحانك لا علم لي الا ما علمتني، قال: فوضع يده أي يد القدرة بين ثديي فوجدت بردها بين كتفي، قال: فلم يسألني عما مضى ولا عما بقي الا علمته، فقال: يا محمد فيم اختصم الملاء الاعلى؟قال: قلت: في الكفارات والدرجات و الحسنات، فقال لي: يا محمد قد انقطع أكلك وانقضت نبوتك فمن وصيك؟فقلت: يا رب قد بلوت خلقك فلم أر أحدا من خلقك أطوع لي من على، فقال لي: يا محمد، فبشره بأنه راية الهدى وامام أوليائي، ونور لمن أطاعني، والكلمة التي ألزمتها اليقين. من أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني، مع ما انى أخصه بما لم أخص به أحدا، فقلت: يا رب أخي وصاحبي ووزيري ووارثي فقال: انه أمر قد سبق أنه مبتلى ومبتلى به، مع ما انى قد نحلته ونحلته ونحلته ونحلته أربعة أشياء عقدها بيده، ولا يفصح بها عقدها.
85 - في مجمع البيان روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: قال لي ربى: أتدري فيم يختصم الملاء الاعلى؟فقلت: لا، قال: اختصموا في الكفارات و الدرجات، فاما الكفارات فاسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الاقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وأما الدرجات فافشاء السلام، واطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام.
86 - في كتاب الخصال عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما سئل في المعراج: فيما اختصم الملاء الاعلى قال: في الدرجات والكفارات، فنوديت: وما الدرجات؟فقلت: اسباغ الوضوء في السبرات، والمشي إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وولايتي وولاية أهل بيتي حتى الممات، والحديث طويل فقد أخرجته مسندا على وجهه في كتاب اثبات المعراج، انتهى.
87 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في وصية له: يا علي ثلاث درجات وثلاث كفارات، إلى قوله صلى الله عليه وآله: واما الكفارات فافشاء السلام واطعام الطعام والتهجد بالليل والناس نيام.
88 - في نهج البلاغة الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء واختارهما لنفسه دون خلقه وجعلهما حمى وحرما على غيره، واصطفاهما لجلاله وجعل اللعنة على من نازعه فيهما في عباده، ثم اختبر بذلك ملائكته المقربين ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين فقال سبحانه - وهو العالم بمضمرات القلوب ومحجوبات الغيوب: انى خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا إبليس اعترضته الحمية فافتخر على آدم بخلقه وتعصب عليه لاصله فعدو الله امام المتعصبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية ونازع الله رداء الجبرية، وادرع (29) لباس التعزز وخلع قناع التذلل، ألا ترون كيف صغره الله بتكبره، ووضعه بترفعه، فجعله في الدنيا مدحورا (30) وأعد له في الآخرة سعيرا، ولو أراد الله سبحانه أن يخلق آدم من نور يخطف الابصار ضياءه، ويبهر العقول رؤاؤه وطيب يأخذ الأنفاس عرفه (31) لفعل ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة، ولخفت البلوى فيه على الملائكة، ولكن الله سبحانه ابتلى خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار لهم، ونفيا للاستكبار عنهم، وابعادا للخيلاء منهم (32) فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذا أحبط عمله الطويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة لا يدرى أمن سنى الدنيا أم من سنى الآخرة من كبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته، كلا، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا، ان حكمه في أهل السماء وأهل الأرض لواحد، وما بين الله وبين أحد من خلقه هوادة (33) في إباحة حمى حرمه الله تعالى على العالمين.
89 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه ذكر اسم إبليس الحارث وانما قول الله عز وجل يا إبليس: يا عاصي، وسمى إبليس لأنه أبلس من رحمة الله (34).
90 - في عيون الأخبار باسناده إلى محمد بن عبيدة قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله تعالى لا بليس: ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي قال: يعنى بقدرتي وقوتي.
91 - في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن مسلم قال: سئلت أبا جعفر عليه السلام فقلت: قول الله عز وجل: (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) فقال: اليد في كلام العرب القوة والنعمة، قال الله: (واذكر عبدنا داود ذي الأيد) وقال: (والسماء بنيناها بأيد) أي بقوة، وقال: (وأيدهم بروح منه) أي قوة ويقال: لفلان عندي يد بيضاء أي نعمة.
92 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال حدثنا القاسم ابن إسماعيل الهاشمي عن محمد بن سنان عن الحسين بن مختار عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو أن الله عز وجل خلق الخلق كلهم بيده لم يحتج في آدم عليه السلام انه خلقه بيده فيقول: ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي افترى الله عز وجل يبعث الأنبياء بيده.
93 - حدثني أبي عن سعيد بن أبي سعيد عن إسحاق بن جرير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام أي شئ يقول أصحابك في قول إبليس: خلقتني من نار وخلقته من طين قلت جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله عز وجل في كتابه، فقال: كذب إبليس يا إسحاق ما خلقه الله عز وجل الا من طين، ثم قال: قال الله عز وجل: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم توقدون) خلقه الله عز وجل من تلك النار، ومن تلك الشجرة والشجرة أصلها من طين.
94 - أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن محمد بن يونس عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: انظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال: يوم الوقت المعلوم يوم يذبحه رسول الله صلى الله عليه وآله على الصخرة التي في بيت المقدس.
95 - حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن امرأة من المسلمات أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله ان فلانا زوجي وقد نشرت له بطني وأعنته على دنياه وآخرته لم يرمني مكروها اشكوه إليك، قال: فيم تشكونيه؟قالت: أنه قال: انك على حرام كظهر أمي وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمرى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: ما انزل الله تبارك وتعالى كتابا أقضى فيه بينك وبين زوجك، وانا اكره أن أكون من المتكلفين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
96 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: المتكلف مخطئ وان أصاب، و المتكلف لا يستحلب في عاقبة أمره الا الهوان، وفى الوقت الا التعب والعنا والشقا، والمتكلف ظاهره رياء وباطنه نفاق، وهما جناحان بهما يطير المتكلف، وليس في الجملة من أخلاق الصالحين ولا من شعار المتقين، المتكلف في أي باب كان قال الله تعالى لنبيه قل ما أسئلكم عليه من أجر وما انا من المتكلفين.
97 - فيمن لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام وللمتكلف ثلاث علامات، يتملق إذا حضر، ويغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة.
98 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنى لكل شئ علامة يعرف بها ويشهد عليها إلى قوله عليه السلام: وللمتكلف ثلاث علامات، ينازع من فوقه، ويقول ما لا يعلم، ويتعاطى ما لا ينال.
99 - عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه: ومن العلماء من يضع نفسه للفتاوى ويقول: سلوني ولعله لا يصيب حرفا واحدا، والله لا يحب المتكلفين، فذاك في الدرك السادس من النار.
100 - في جوامع الجامع وعن النبي صلى الله عليه وآله: للمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم.
101 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن الرضا عليه السلام يقول فيه عن علي عليه السلام إن المسلمين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الاسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كنت لألقى الله عز وجل ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا وما أنا من المتكلفين.
102 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد - الرحمان عن عاصم ابن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو الا ذكر للعالمين) قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولتعلمن نبأه بعد حين قال: عند خروج القائم.
103 - علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والانكار: (قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) يقول: متكلفا أن أسئلكم ما لستم بأهله، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا، فقالوا: ما أنزل الله وما هو الا شئ يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا ولئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم ابدا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
104 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب ان الحسن بن علي عليهما السلام خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وتشهد ثم قال: أيها الناس ان الله اختارنا لنفسه و ارتضانا لدينه واصطفانا على خلقه وانزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا الا انتقصه الله من حقه في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا يكون علينا دولة الا كانت لنا العاقبة (ولتعلمن نبأه بعد حين).
1. وفى نسخة البحار (ان يسيروا) مكان (لما ان تصيروا). .
2. المهيرة من النساء: الحرة الغالية المهر. .
3. هشم الشئ: كسر. .
4. كذا في الأصل وفى نسخة (لم يعاجلوك البكرة) وفى المصدر (لم بعالجوك بالتكير) وفى نسخة البحار (لم يعاجلوك النكير). .
5. قال المجلسي (ره): اعلم أن هذا الخبر محمول على التقية لموافقته لما روته العامة في ذلك (انتهى) وقال المحشى: مع معارضته لرواية أبى الجارود الآتية وغيرها. .
6. هدأت العيون: سكنت، والقائلة: منتصف النهار. .
7. السرى: السيد الشريف. .
8. في القاموس: أضفته إليه: ألجأته. .
9. كناية عن الأول والثاني وقد مر أيضا. .
10. قال المجلسي (ره) ما ذكره علي بن إبراهيم في تأويل تلك الآيات موافقة لروايات المخالفين وانما أولها علماؤنا على وجوه أخر، قال الصدوق (ره) في الفقيه قال زرارة والفضيل: قلنا لأبي جعفر عليه السلام - وذكر الحديث الماضي تحت رقم 33 عن الكافي - ثم قال (ره): ان الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان عليه السلام اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب ثم أمر برد الخيل وأمر بضرب سوقها وأعناقها وقال إنها شغلتني عن ذكر ربى وليس كما يقولون، جل نبي الله سليمان عليه السلام عن مثل هذا الفعل لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها لأنها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله وانما عرضت عليه وهي بهائم غير مكلفة، والصحيح في ذلك ما روى عن الصادق عليه السلام أنه قال سليمان بن داود عليه السلام انه عرض عليه ذات يوم... إلى آخر الحديث الماضي تحت رقم 43 ثم ذكر وجوها اخر في تأويلها فراجع ج 14: 102 - 105 من الطبعة الحديثة. .
11. قال الشريف المرتضى (ره) في تنزيه الأنبياء ص 121 بعد نقل ما سمعته مما ورد في تفسير الآية وذكره القمي (ره) ما لفظه: قلنا اما ما رواه الجهال في القصص في هذا الباب فليس مما يذهب على عاقل بطلانه وان مثله لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام وان النبوة لا تكون في خاتم ولا يسلبها النبي عليه السلام ولا ينزع عنه وان الله تعالى لا يمكن الجني من التمثيل بصورة النبي (ع) ولا غير ذلك مما افتروا به على النبي (ع) وانما الكلام على ما يقتضيه ظاهر القرآن وليس في الظاهر أكثر من أن جسدا القى على كرسيه على سبيل الفتنة له وهي الاختبار والامتحان ثم ذكر (ره) ما قيل فيه من التأويلات والتفاسير وسيأتي بعضها في رواية الطبرسي (ره) وغيره. .
12. وفى بعض النسخ (الشيطان) بدل الحوت وهو الصحيح وفى المصدر (الجن) بدل (الحوت). .
13. الوقاف: المحجم عن القتال. المتأني. .
14. بر كاوان: ناحية بفارس قاله الحموي وفى بعض النسخ (تر كاوان) بالتاء ولعله مصحف. .
15. التقشف: قذارة الجلد ورثاثة الهيئة. .
16. الأزقة جمع الزقاق: الطريق. .
17. قيل: ولعل المراد من الطعم هنا الفائدة والنفع، أو ان الحياة والقوة لو كانتا مما يطعم لكان طعمهما طعم الماء والخبز .
18. أي أهلكه. .
19. وفى بعض النسخ (فنبتليه عن بليته). .
20. أدلى بحجته: أي احتج بها. .
21. العتبى: الرضى يقال أعطاه العتبى. .
22. الركض: تحريك الرجل. .
23. الكسرة: القطعة من الخبز. .
24. ما دهاك: أي ما أصابك. .
25. الضغث - بالكسر -: قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس. .
26. الحبن - محركة -: داء في البطن يعظم منه ويرم. .
27. أي تنعمون وتكرمون وتمرون يقال: حبره الامر أي سره. .
28. كذا في النسخ. .
29. ادرع الرجل: لبس درع الحديد. .
30. أي مطرودا مبعدا، يقال: دحره الله دحورا أي أقصاه وطرده. .
31. الرؤاء - بالهمزة والمد -: المنظر الحسن. والعرف: الريح الطيبة. .
32. الخيلاء: الكبر .
33. الهوادة: الموادعة والمصالحة. .
34. أي يئس منها. .