تفسير سورة يس

تفسير سورة يس

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: إن لكل شئ قلبا وان قلب القرآن يس، ومن قرأها قبل ان ينام أو في نهاره قبل ان يمسى كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسى، ومن قرأها في ليله قبل ان ينام وكل الله به ألف ملك يحفظونه من شر كل شيطان رجيم ومن كل آفة، وان مات في يومه ادخله الله الجنة وحضر غسله ثلاثون الف ملك كلهم يستغفرون له ويشيعونه إلى قبره بالاستغفار، فإذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله وثواب عبادتهم له، وفسح له في قبره مد بصره، وأومن من ضغطة القبر، ولم يزل له في قبره نور ساطع إلى عنان السماء إلى أن يخرجه الله من قبره فإذا أخرجه لم يزل ملائكة الله يشيعونه ويحدثونه ويضحكون في وجهه، ويبشرونه بكل خير حتى يجوزونه على الصراط والميزان ويوقفونه من الله موقفا لا يكون عند الله خلق أقرب منه الا ملائكة الله المقربون وأنبيائه المرسلون، وهو مع النبيين واقف بين يدي الله لا يحزن مع من يحزن ولا يهتم مع من يهتم (1) ولا يجزع مع من يجزع، ثم يقول له الرب تبارك وتعالى: اشفع عبدي أشفعك في جميع ما تشفع، وسلني أعطك عبدي جميع ما تسأل، فيسئل فيعطى، ويشفع فيشفع، ولا يحاسب ولا يوقف مع من يوقف، ولا يزل مع من يزل، ولا يكتب بخطيئة ولا بشئ من سوء عمله، ويعطى كتابه منشورا حتى يهبط من عند الله، فيقول الناس بأجمعهم: سبحان الله ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة، ويكون من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله.

2 - وباسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرء يس في عمره مرة واحدة كتب الله له بكل خلق في الدنيا وبكل خلق في الآخرة وفى السماء بكل واحد ألف ألف حسنة ومحى عنه مثل ذلك، ولم يصبه فقر ولا غرم (2) ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضره، وخفف الله عنه سكرات الموت وأهواله، وولى قبض روحه وكان ممن يضمن الله له السعة في معيشته والفرح عند لقائه، والرضا بالثواب في آخرته، وقال الله لملائكته أجمعين من في السماوات ومن في الأرض: قد رضيت عن فلان فاستغفروا له.

3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء سورة يس يريد بها الله عز وجل غفر الله له وأعطى من الاجر كأنما قرأ القرآن اثنى عشرة مرة وأيما مريض قرأ عنده سورة يس نزل عليه بعدد كل حرف منها عشرة املاك، يقومون بين يديه صفوفا ويستغفرون له ويشهدون قبضه ويتبعون جنازته ويصلون عليه و يشهدون دفنه، وأيما مريض قرأها وهو في سكرات الموت أو قربت عنده جائه رضوان خازن الجنان بشربة من شراب الجنة، فسقاه إياه وهو على فراشه، فيشرب فيموت ريان، ويبعث ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان.

4 - أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: سورة يس تدعى في التورية المعمة قيل: وما المعمة؟قال: تعم صاحبها خير الدنيا والآخرة وتكابد عنه (3) بلوى الدنيا وترفع عنه أهاويل الآخرة، وتدعى المدافعة القاضية، تدفع عن صاحبها كل شر وتقضى له كل حاجة، ومن قرأها عدلت له عشرين حجة، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله، ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين والف بركة وألف رحمة، ونزعت منه كل داء وغل.

5 - أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن لكل شئ قلبا وقلب القرآن يس.

6 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات.

7 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شئ يطلبونه من حرز، من حرق أو غرق أو سرق أو افلات دابة من صاحبها (4) أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الضالة؟فقال: اقرأ يس في ركعتين وقل: يا هادي الضالة رد على ضالتي، ففعل فرد الله عليه ضالته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

8 - أبو علي الأشعري وغيره عن الحسن بن علي الكوفي عن عثمان بن عيسى عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: سليم مولاك ذكر انه ليس معه من القرآن الا سورة يس فيقوم من الليل فينفد ما معه من القرآن أيعيد ما قرأ؟قال: نعم لا بأس.

9 - في كتاب كمال الدين وكمال النعمة حدثنا المظفر بن حمزة العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا أبو القاسم قال: كتبت من كتاب أحمد الدهقان عن القاسم بن حمزة عن محمد بن أبي عمير قال: أخبرني أبو إسماعيل السراج عن خيثمة الجعفي قال: حدثني أبو لبيد المخزومي قال: ذكر أبو جعفر عليه السلام أسماء الخلفاء الاثني عشر الراشدين صلوات الله عليهم فلما بلغ آخرهم قال: الثاني عشر الذي يصلى عيسى بن مريم عليه السلام خلفه عند سنة يس و القرآن الحكيم.

10 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن لرسول الله صلى الله عليه وآله عشرة أسماء، خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن، فأما التي في القرآن فمحمد وأحمد وعبد الله ويس ون.

11 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلى الله عليه وآله من كتاب الله فهو قول الله سبحانه: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ولهذه الآية ظاهر وباطن، فالظاهر قوله (صلوا عليه) والباطن قوله: (وسلموا تسليما) أي سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله، وما عهد به إليه تسليما، وهذا ما أخبرتك انه لا يعلم تأويله الا من لطف حسه، و صفا ذهنه وصح تميزه، وكذلك قوله: (سلام على آل ياسين) لان الله سمى النبي صلى الله عليه وآله بهذا الاسم، حيث قال: يس والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين لعلمه انهم يسقطون سلام على آل محمد صلى الله عليه وآله كما أسقطوا غيره.

12 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى علي عليه السلام في قوله عز وجل: (سلام على آل ياسين) محمد صلى الله عليه وآله ونحن آل محمد.

13 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى عن صفوان رفعه إلى أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قال: هذا محمد اذن لهم في التسمية فمن أذن له في يس؟يعنى التسمية وهو اسم النبي صلى الله عليه وآله.

14 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفيه كلام له عليه السلام سبق في الأحزاب.

عند قوله عز وجل: (ان الله وملائكته يصلون على النبي) الآية وفى أثناء ذلك، قال المأمون: فهل عندك في الأول شئ أوضح من هذا في القرآن؟قال أبو الحسن: نعم أخبروني عن قول الله تعالى: يس والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين على صراط مستقيم فمن عنى بقوله: يس؟قالت العلماء: يس محمد عليه السلام لم يشك فيه أحد، قال أبو الحسن عليه السلام: فان الله عز وجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه الا من عقله، وذلك أن الله عز وجل لم يسلم على أحد الا على الأنبياء صلوات الله عليهم، فقال تبارك وتعالى: (سلام على نوح في العالمين) وقال: (سلام على إبراهيم) وقال: (سلام على موسى وهارون) ولم يقل سلام على آل نوح، ولم يقل سلام على آل إبراهيم، ولم يقل سلام على آل موسى وهارون، وقال: سلام على آل يس يعنى آل محمد صلى الله عليه وآله، فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه.

15 - في تفسير علي بن إبراهيم (يس والقرآن الحكيم) قال الصادق عليه السلام: يس اسم رسول الله صلى الله عليه وآله، والدليل على ذلك قوله تعالى: (انك لمن المرسلين على صراط مستقيم) قال: على طريق واضح تنزيل العزيز الرحيم قال: القرآن.

16 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمان عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قوله: لتنذر قوما ما أنذر آبائهم فهم غافلون قال: لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما أنذر آبائهم فهم غافلون عن الله وعن رسوله وعن وعيده لقد حق القول على أكثرهم ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده فهم لا يؤمنون بامامة أمير المؤمنين والأوصياء من بعده، فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله انا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون في نار جهنم ثم قال: وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون عقوبة منه لهم حين أنكروا ولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده، هذا في الدنيا وفى الآخرة في نار جهنم مقمحون.

17 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سئل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وسأله كم حج آدم عليه السلام من حجة؟فقال له: سبعين حجة ماشيا على قدمه، وأول حجة حجها كان معه الصرد (5) يدله على مواضع الماء وخرج معه من الجنة، وقد نهى عن أكل الصرد، والخطاف، وسأله ما باله لا يمشى؟قال: لأنه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه، ولم يزل يبكى مع آدم عليه السلام فمن هناك سكن البيوت ومعه تسع آيات من كتاب الله تعالى مما كان آدم يقرئها في الجنة، وهي معه إلى يوم القيامة، ثلاث آيات من أول الكهف، وثلاث آيات من سبحان الذي وهي (فإذا قرأت القرآن) وثلاث آيات من يس: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا).

18 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (انا جعلنا في أعناقهم أغلالا) إلى قوله: (مقمحون) قال: قد رفعوا رؤسهم.

19 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تبارك وتعالى: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) الهدى أخذ الله سمعهم و أبصارهم وقلوبهم وأعمالهم عن الهدى، نزلت في أبى جهل بن هشام ونفر من أهل بيته وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قام يصلى وقد حلف أبو جهل لعنه الله لئن رآه يصلى ليدمغه (6) فجاءه ومعه حجر والنبي صلى الله عليه وآله قائم يصلى، فجعل كلما رفع الحجر ليرميه أثبت الله عز وجل يده إلى عنقه ولا يدور الحجر بيده، فلما رجع إلى أصحابه سقط الحجر من يده، ثم قام رجل آخر وهو رهطه أيضا فقال: أنا أقتله، فلما دنا منه فجعل يسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله، فأرعب فرجع إلى أصحابه فقال: حال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه فخفت أن أتقدم.

20 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان إبراهيم عليه السلام حجب عن نمرود بحجب ثلاث؟قال علي عليه السلام لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله حجب عمن أراد قتله بحجب خمس، ثلاث بثلاثة واثنان فضل، فان الله عز وجل وهو يصف محمدا قال: (وجعلنا من بين أيديهم سدا) فهذا الحجاب الأول: (ومن خلفهم سدا) فهذا الحجاب الثاني (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) فهذا الحجاب الثالث، ثم قال: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) فهذا الحجاب الرابع، ثم قال: (فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) فهذه الخمس حجب.

21 - في تفسير علي بن إبراهيم - كلام طويل في بيان خروج النبي صلى الله عليه وآله من بيته إلى الغار وغير ذلك وفيه: وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله ان يفرش له ففرش له فقال لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه افدني بنفسك قال: نعم يا رسول الله قال: يا علي نم على فراشي والتحف ببردتي فنام علي عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله والتحف ببردته وقد جاء جبرئيل عليه السلام وأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله فأخرجه على قريش وهم نيام وهو يقرء عليهم (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون). وفيه متصل بآخر ما نقلنا عنه أعنى قوله: فخفت أن أتقدم وقوله عز وجل: وسواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون فلم يؤمن من أولئك الرهط من بنى مخزوم أحد يعنى ابن المغيرة.

22 - في أصول الكافي متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى قوله: (في نار جهنم مقمحون) ثم قال يا محمد وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون بالله و بولاية على ومن بعده، ثم قال: انما تنذر من اتبع الذكر يعنى أمير المؤمنين وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم.

23 - وفيها الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن الحارث بن جعفر عن علي بن إسماعيل بن يقطين عن عيسى بن المستفاد أبى موسى الضرير قال: حدثني موسى بن جعفر عليه السلام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أليس كان أمير المؤمنين عليه السلام كاتب الوصية ورسول الله صلى الله عليه وآله المملى عليه وجبرئيل والملائكة المقربون شهود قال: فأطرق طويلا ثم قال: يا أبا الحسن قد كان ما قلت ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله الامر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة، فقلت لأبي الحسن: بأبي أنت وأمي الا تذكر ما كان في الوصية فقال: سنن الله وسنن رسوله، فقلت: أكان في الوصية توثبهم (7) وخلافهم على أمير المؤمنين عليه السلام؟فقال: نعم والله شيئا شيئا وحرفا حرفا أما سمعت قول الله عز وجل: (إنا نحن نحيى الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

24 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: اتقوا المحقرات من الذنوب فان لها طالبا يقول أحدكم أذنب واستغفر ان الله عز وجل يقول: سنكتب (8) ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في امام مبين وقال عز وجل: (انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ان الله لطيف خبير).

25 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال والحجال جميعا عن ثعلبة عن زياد قال أبو عبد الله عليه السلام: ان رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بأرض قرعاء (9) فقال لأصحابه: ائتوا بحطب فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال: فليأت كل انسان بما قدر عليه، فجاؤوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هكذا تجمع الذنوب، ثم قال: إياكم والمحقرات من الذنوب فان لكل شئ طالبا، الا وأن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في امام مبين.

26 - في مجمع البيان قيل: معناه نكتب خطاهم إلى المساجد، وسبب ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري ان بنى سلمة كانوا في ناحية من المدينة فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد منازلهم في المسجد والصلاة معه فنزلت الآية.

27 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبى الجارود عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله (وكل شئ أحصيناه في امام مبين) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا: يا رسول الله هو التوراة؟قال: لا، قالا: فهو الإنجيل؟قال: لا، قالا: فهو القرآن؟قال: لا، قال فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله، هو هذا، انه الامام الذي أحصى الله فيه تبارك وتعالى علم كل شئ.

28 - في تفسير علي بن إبراهيم (وكل شئ أحصيناه في امام مبين) أي في كتاب مبين وهو محكم وذكر ابن عباس عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال: انا والله الامام المبين أبين الحق من الباطل ورثته من رسول الله صلى الله عليه وآله.

29 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه: معاشر الناس ما من علم الا علمنيه ربى وانا علمته عليا وقد أحصاه الله في، و كل علم علمته فقد أحصيته في امام المتقين وما من علم الا علمته عليا.

30 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا انا إليكم مرسلون قال: فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية فقال: بعث الله عز وجل رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية فجاءاهم بما لا يعرفون فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام، فبعث الله الثالث فدخل المدينة فقال أرشدوني إلى باب الملك قال: فلما وقف على الباب قال: أنا رجل كنت أتعبد في فلاة من الأرض وقد أحببت ان أعبد اله الملك، فابلغوا كلامه الملك. فقال: أدخلوه إلى بيت الألهة فأدخلوه فمكث سنة مع صاحبيه، فقال لهما: بهذا ينقل قوم من دين إلى دين بالخرق أفلا رفقتما؟ثم قال لهما: لا تقران بمعرفتي، ثم أدخل على الملك فقال له الملك بلغني انك كنت تعبد الهى فلم أزل وأنت أخي فسلني حاجتك، فقال: مالي من حاجة أيها الملك ولكن رأيت رجلين في بيت الآلهة فما حالهما؟قال الملك: هذان رجلان أتياني ببطلان ديني و يدعواني إلى اله سماوي فقال: أيها الملك مناظرة جميلة فان يكن الحق لهما أتبعناهما وان يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا وكان لهما مالنا وعليهما ما علينا، قال: فبعث الملك إليهما فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما: ما الذي جئتما به؟قالا: جئنا ندعوه إلى عبادة الله الذي خلق السماوات والأرض، ويخلق في الأرحام ما يشاء، ويصور كيف يشاء وأنبت الأشجار والثمار وانزل القطر من السماء، قال: فقال لهما: إلهكما هذا الذي تدعوان إليه والى عبادته ان جئنا بأعمى يقدر أن يرده صحيحا؟قالا: إذا سألناه أن يفعل فعل ان شاء، قال: أيها الملك على بأعمى لم يبصر شيئا قط، قال: فاتى به فقال لهما: ادعوا إلهكما ان يرد بصر هذا، فقاما وصليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان وهو ينظر إلى السماء فقال أيها الملك على بأعمى آخر فأتى به قال: فسجد سجدة ثم رفع رأسه فإذا الأعمى بصير، فقال: أيها الملك حجة بحجة، على بمقعد فأتى به فقال لهما مثل ذلك. فصليا ودعيا الله فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه وقام يمشى، فقال: أيها الملك على بمقعد آخر فأتى به فصنع به كما صنع أول مرة فانطلق المقعد. فقال: أيها الملك قد أتيا بحجتين واتينا بمثلهما ولكن بقي شئ واحد فان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما، ثم قال: أيها الملك بلغني انه كان للملك ابن واحد ومات فان أحياه إلاههما دخلت معهما في دينهما، فقال له الملك: وانا أيضا معك، ثم قال لهما: قد بقيت هذه الخصلة الواحدة قد مات ابن الملك فادعوا إلهكما أن يحييه قال فخرا ساجدين لله عز وجل وأطالا السجود ثم رفعا رؤسهما وقالا للملك ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله قال فخرج الناس ينظروا فوجده قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب، قال فأتى به إلى الملك فعرف أنه ابنه فقال له: ما حالك يا بنى؟قال: كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربى الساعة ساجدين يسألانه ان يحييني فأحياني، قال: يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟قال: نعم، قال: فاخرج الناس جملة إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول له أبوه أنظر فيقول: لا، ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال: هذا أحدهما و أشار بيده إليه، ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال: وهذا الآخر قال: فقال النبي صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بإلاهكما وعلمت ان ما جئتما به هو الحق. قال: فقال الملك: وانا أيضا وآمن أهل مملكته كلهم.

31 - في مجمع البيان قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسولين إلى أنطاكية فأتياها ولم يصلا إلى ملكها وطالت مدة مقامهما، فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكرا الله فغضب وأمر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة، فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى عليه السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما، فدخل شمعون البلدة متنكرا، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به فرفعوا خبره إلى الملك فدعاه فرضى عشرته وأنس به وأكرمه، ثم قال له ذات يوم: أيها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل سمعت قولهما؟قال الملك: حال الغضب بيني وبين ذلك قال: فان رأى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون: من أرسلكما إلى هيهنا؟قالا: الله الذي خلق كل شئ لا شريك له، قال: وما آيتكما؟قالا: ما تتمناه، فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين (10) من الطين فوضعاهما في حدقتيه، فصارا مقلتين (11) يبصر بهما، فتعجب الملك فقال شمعون للملك: رأيت لو سألت الهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك ولإلاهك شرفا فقال الملك: ليس لي عنك سر إن الهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع، ثم قال الملك للرسولين: ان قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبكما، قالا: الهنا قادر على كل شئ، فقال الملك: ان هنا ميتا مات منذ سبعة أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا، فجاؤوا بالميت وقد تغير وأروح (12) فجعلا يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا، فقام الميت وقال لهم: انى قدمت منذ سبعة أيام وأدخلت في سبعة أودية من النار، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله فتعجب الملك، فلما علم شمعون ان قوله أثر في الملك دعاه إلى الله فآمن وآمن من أهل مملكته قوم وكفر آخرون، وقد روى مثل ذلك العياشي باسناده عن الثمالي و غيره عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام الا ان في بعض الروايات: بعث الله الرسولين إلى أنطاكية ثم بعث الثالث، وفى بعضها ان عيسى أوحى الله إليه ان يبعثهما ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما، وان الميت الذي أحياه الله بدعائه كان ابن الملك، وأنه قد خرج من قبره ينفض التراب عن رأسه فقال: يا بنى ما حالك؟قال: كنت ميتا فرأيت رجلين ساجدين يسألان الله أن يحييني، قال: يا بنى فتعرفهما إذا رأيتهما؟قال: نعم، فأخرج الناس إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل بعد رجل فمر أحدهما بعد جمع كثير، فقال: هذا أحدهما، ثم مر الاخر فعرفهما وأشار إليهما فآمن الملك وأهل مملكته.


1. وفى المصدر (ولا يهم مع من يهم). .

2. الغرم: الدين. .

3. كابد الامر: قاساه وتحمل المشاق في فعله. .

4. الافلات والانفلات: التخلص من الشئ فجأة من غير تمكث. .

5. الصرد: طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير. والخطاف: طائر إذا رأى ظله في الماء أقبل إليه ليتخطفه. .

6. دمغه: شجه حتى بلغت الشجة دماغه .

7. التوثب: الاستيلاء على الشئ ظلما. .

8. كذا في النسخ والمصدر وفى المصحف الشريف (ونكتب ما قدموا.. اه) .

9. ارض قرعاء: لا نبات فيها. .

10. البندقة: كل ما يرمى به من رصاص كروي وسواء. .

11. المقلة: شحمة العين أو هي السواد والبياض منها .

12. من أروح الماء: تغير ريحه وأنتن. .