سورة التكاثر

مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي ثمان آيات بلا خلاف

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ، حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ، كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ، كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ، لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ، ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾

القراءة:

قرأ ابن عامر (آلهاكم) ممدود، وروي عن الكسائي - بهمزتين - والمراد به الانكار وقرأ ابن عامر والكسائي (لترون) مضمومة التاء (ثم لترونها) مفتوحة التاء. الباقون بالفتح فيهما. قال أبو علي: وجه الضم أنهم يحشرون إليها فيرونها في حشرهم إليها فيرونها، ولذلك قرأ الثانية بالفتح، كأنه أراد لترونها. ومن فتح فعلى انهم يرونها. وقوله (ثم لترونها) مثل الأول في أنه من إبصار العين. وقيل: إن هذه السورة نزلت في حيين من قريش، وهما بنو أسهم وبنو عبد مناف، تفاخروا حتى ذكروا الأموات، فقال الله تعالى مخاطبا لهم (ألهاكم التكاثر) فالالهاء الصرف إلى اللهو واللهو الانصراف إلى ما يدعو إليه الهوى، يقال: لها يلهو لهوا، ولهى عن الشئ، يلهي لهيا، ومنه قوله (إذا استأثر الله بشئ فاله عنه) والتكاثر التفاخر بكثرة المناقب، يقال: تكاثروا إذا تعادوا ما لهم من كثرة المناقب، والمتفاخر متكبر لأنه تطاول بغير حق. فالتكاثر التباهي بكثرة المال والعدد. وقيل: ما زالوا يتباهون بالعز والكثرة حتى صاروا من أهل القبور وماتوا - ذكره قتادة -. وقوله (حتى زرتم المقابر) فالزيارة إتيان الموضع، كاتيان المأوى في الالغة على غير إقامة، زاره يزوره زيارة، ومنه زور تزويرا إذا شبه الخط في ما يوهم أنه خط فلان وليس به، والمزورة من ذلك اشتقت. وقيل في معناه قولان:

أحدهما: حتى ذكرتم الأموات.

وقال الحسن: معناه حتى متم. وقوله (كلا سوف تعلمون، ثم كلا) معناه ارتدعوا وانزجروا (سوف تعلمون) في القبر (ثم كلا سوف تعلمون) بعد الموت - روي ذلك عن علي عليه السلام - وقيل إنه يدل على عذاب القبر. وقوله (كلا لو تعلمون علم اليقين) نصب (علم اليقين) على المصدر، ومعناه ارتدعوا وانزجروا، لو تعلمون علم اليقين، وهو الذي يثلج الصدر بعد اضطراب الشك ولهذا لا بوصف الله بأنه متيقن. وقوله (لترون الجحيم) يعني قبل دخولهم إليها في الموقف. وقوله (ثم لترونها) بعد الدخول إليها. وقوله (عين اليقين) كقولهم هذا محض اليقين. والمعنى إنكم لو تحققتم وتيقنتم أنكم ترون الجحيم وأنكم إذا عصيتم وكفرتم عوقبتم، لشغلكم هذا عن طلب التكاثر في الأموال في الدنيا، ولا يجوز همز واو (لترون) لأنها واو الجمع ومثله، واو (لتبلون) لا تهمز. وقوله (ثم لتسئلن) يعني معاشر المكلفين (يومئذ عن النعيم) قال الحسن: لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار. وقال سعيد بن جبير وقتادة: النعيم في المأكل والمشرب وغيرهما من الملاذ. وقال عبد الله بن مسعود ومجاهد: النعيم الصحة. وقال قوم: يسألهم الله عن كل نعمة. والفرق بين النعيم والنعمة أن النعمة كالانعام في التضمين لمعنى منعم، أنعم انعاما ونعمة، وكلاهما يوجب الشكر. والنعيم ليس كذلك، لأنه من نعم نعيما فلو عمل ذلك بنفسه لكان نعيما لا يوجب شكرا. والنعمة - بفتح النون - من نعم - بضم العين - إذا لان. وقيل المعنى (لتسألن يومئذ عن النعيم) عن ولاية علي عليه السلام. وقيل: عن شرب الماء البارد. وقيل عن الامن والصحة. وقيل عن النورة في الحمام. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب.