قال عز من قائل: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ إلى قوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾
24 - في من لا يحضره الفقيه في الحقوق المروية عن زين العابدين عليه السلام وأما حق أمك ان تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا وأعطتك من ثمرة قلبها مالا يعطى أحد أحدا ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال ان تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتعرى و تكسوك وتضحى وتظلك وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد ليكون لها فإنك لا تطيق شكرها الا بعون الله وتوفيقه، واما حق أبيك فان تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة الا بالله.
25 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: ادعو لوالدي ان كانا لا يعرفان الحق؟قال: ادع لهما وتصدق عنهما، وان كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.
26 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله من أبر؟قال: أمك، قال: ثم من؟قال: أمك، قال: ثم من؟قال: أمك، قال: ثم من؟قال: أباك.
27 - وباسناده إلى محمد بن مروان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين يصلى عنهما، ويتصدق عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك، فيزيده الله عز وجل ببره وصلته خيرا كثيرا.
28 - ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: لا تشرك بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت الا وقلبك مطمئن بالايمان، ووالديك فأطعمهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، فان ذلك من الايمان.
29 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعلي بن محمد عن صالح بن أبي حماد جميعا عن الوشا عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة سالم بن مكرم عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل وسأل النبي صلى الله عليه وآله عن بر الوالدين فقال: أبرر أمك أبرر أمك أبرر أمك، أبرر أباك أبرر أباك أبرر أباك، وبدء بالام قبل الأب.
30 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن عقبة عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: شكر كل نعمة وان عظمت ان يحمد الله عز وجل.
31 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟قال: نعم قلت: ما هو؟قال يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
32 - أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيوب عن علي بن مهزيار عن القاسم بن محمد عن إسماعيل بن أبي الحسن عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد أدى شكرها.
33 - على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله صاحب السابري فيما اعلم أو غيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام: يا موسى اشكرني حق شكري فقال: يا رب وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به الا و أنت أنعمت به على؟قال: يا موسى الان شكرتني حين علمت أن ذلك منى.
34 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: وامر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله تعالى.
35 - وباسناده إلى محمود بن أبي البلاد قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل.
36 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد الإسكاف عن الأصبغ بن نباتة أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى: (ان اشكر لي ولوالديك إلي المصير) فقال الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر، هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم، وأمر الناس بطاعتهما ثم قال الله: (إلي المصير) فمصير العباد إلى الله، والدليل على ذلك الولدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة (1) وصاحبه فقال في الخاص والعام: وان جاهداك على أن تشرك بي تقول في الوصية وتعدل عمن أمرت بطاعته فلا تطعهما ولا تسمع قولهما ثم عطف القول على الوالدين فقال: وصاحبهما في الدنيا معروفا يقول: عرف الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما، وذلك قوله: واتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فقال: إلى الله ثن إلينا فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين فان رضاهما رضا الله وسخطهما سخط الله.
37 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن بحر عن عبد الله بن مسكان عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال - وأنا عنده - لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين في قول الله عز وجل، وبالوالدين احسانا. فظننا انها الآية التي في بني إسرائيل: (وقضى ربك ان لا تعبدوا الا إياه) فلما كان بغد سألته فقال: هي التي في لقمان (ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) فقال: ان ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم) فقال: لا بل يأمر بصلتهما وان جاهداه على الشرك ما زاد حقهما الا عظما.
38 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: بر الوالدين من حسن معرفة العبد بالله، إذ لا عبادة أسرع بلوغا بصاحبها إلى رضا الله تعالى من حرمة الوالدين المسلمين لوجه الله، لان حق الوالدين مشتق من حق الله تعالى إذا كانا على منهاج الدين والسنة، ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله تعالى إلى معصيته، ومن اليقين إلى الشك، ومن الزهد إلى الدنيا، ولا يدعوانه إلى خلاف ذلك، فإذا كانا كذلك فمعصيتهما طاعة وطاعتهما معصية، قال الله تعالى: (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) واما في باب العشرة فدارهما واحتمل أذاهما نحو ما احتملا عليك في حال صغرك، ولا تضيق عليهما مما قد وسع الله عليك من المال والملبوس، و لا تحول بوجهك عنهما ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، فان تعظيمهما من الله تعالى و قل لهما بأحسن القول، والطفه فان الله لا يضيع أجر المحسنين.
39 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب مر الحسين بن علي عليهما السلام على عبد الرحمان بن عمرو بن العاص فقال عبد الله: من أحب أن ينظر إلى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء فلينظر إلى هذا المجتاز، وما كلمته منذ ليالي صفين، فأتى به أبو سعيد الخدري إلى الحسين عليه السلام: فقال له الحسين: أتعلم أنى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء وتقاتلني وأبى يوم صفين؟والله ان أبى لخير منى فاستعذر وقال: ان النبي صلى الله عليه وآله قال لي: اطع أباك، فقال له الحسين عليه السلام: أما سمعت قول الله تعالى: (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انما الطاعة بالمعروف، وقوله: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
40 - في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام وشرائع الدين: وبر الوالدين واجب وان كانا مشركين، ولا طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
41 - في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أن قال عليه السلام: وبر الوالدين واجب، فان كانا مشركين فلا تطعهما ولا غيرهما في المعصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
42 - عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول - وذكر كلاما طويلا - وفى أثنائه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا ينبغي للمخلوق أن يكون جنة لمعصية الله، فلا طاعة في معصية ولا طاعة لمن عصى الله.
43 - في من لا يحضره الفقيه في ألفاظه صلى الله عليه وآله الموجزة: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
43 في محاسن البرقي باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه يقول أطيعوا آباءكم فيما أمروكم ولا تطيعوهم في معاصي الله.
44 - وفيه حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله وفيه يقول: انى لا آمرك بعقوق الوالدين ولكن صاحبهما في الدنيا معروفا.
45 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (واتبع سبيل من أناب إلي) يقول: اتبع سبيل محمد صلى الله عليه وآله.
46 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: اتقوا المحقرات من الذنوب. فان لها طالبا يقول أحدكم: أذنب واستغفر، ان الله عز وجل يقول (سنكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في امام مبين) وقال عز وجل انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ان الله لطيف خبير.
47 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اتقوا المحقرات من الذنوب فان لها طالبا لا يقولن أحدكم: أذنب واستغفر الله ان الله تعالى يقول: (ان تك مثقال حبة من خردل) الآية.
48 - في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيم رحمه الله: ثم عطف على خبر لقمان وقصته فقال جل ذكره: (يا بنى انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ان الله لطيف خبير) قال من الرزق يأتك به الله يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك ان ذلك من عزم الأمور.
49 - في الكافي باسناده إلى معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو؟فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة، الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال: (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا).
50 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن هارون بن خارجة عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: أحب الأعمال إلى الله عز وجل الصلاة وهي آخر وصايا الأنبياء.
51 - أبو داود عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: الصلاة قربان كل تقى.
52 - في من لا يحضره الفقيه في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية يا بنى إقبل من الحكماء مواعظهم، وتدبر أحكامهم وكن آخذ الناس بما تأمر به، و أكف الناس عما تنهى عنه، وامر بالمعروف تكن من أهله، فان استتمام الأمور عند الله تبارك وتعالى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر.
53 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى عن محمد بن عرفة قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم.
54 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن داود بن فرقد عن أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قال: ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر.
55 - وباسناده قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال: بئس القوم يعيبون الامر بالمعروف والنهى عن المنكر.
56 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب: ائمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واصبروا على ما أصابكم.
57 - في أصول الكافي باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا حفص ان من صبر صبر قليلا ومن جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك فان الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله فأمره بالصبر والرفق، فقال: (و اصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين أولى النعمة) وقال تبارك وتعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم) فصبر صلى الله عليه وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها، والحديث وفيما أخذناه منه كفاية إن شاء الله تعالى.
58 - محمد بن يحيى عن أحمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن عبد الله بن بكر عن حمزة بن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.
59 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن أبي الجارود عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل وأحسن من ذلك الصبر عندما حرم الله عز وجل عليك.
60 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر العزرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه الا بالقتل والتجبر، ولا الغنى الا بالغضب والبخل، ولا المحبة الا باستخراج الدين واتباع الهوى، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي.
61 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة عن ابن حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من ابتلى من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد.
62 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة.
63 - أبو علي الأشعري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد. كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان.
64 - في مجمع البيان (واصبر على ما أصابك) من المشقة والأذى في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر عن علي عليه السلام.
65 - في جوامع الجامع ان ذلك مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع ايجاب والزام، ومنه الحديث ان الله يحب ان يؤخذ برخصه كما يحب ان يؤخذ بعزائمه.
66 - في مجمع البيان ولا تصغر خدك للناس أي ولا تمل وجهك من الناس بكل ولا تعرض عمن يكلمك استخفافا به، وهذا المعنى قول ابن عباس وأبى عبد الله عليه السلام.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (ولا تصعر خدك للناس) أي لا تذل للناس طعما فيما عندهم ولا تمش في الأرض مرحا أي فرحا وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (ولا تمش في الأرض مرحا) يقول: بالعظمة ان الله لا يحب كل مختال فخور.
68 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله أوصى رجلا من بنى تميم فقال له: إياك واسبال الإزار والقميص: فان ذلك من المخيلة والله لا يحب المخيلة (2).
69 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى ابن فضال عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مشى على الأرض اختيالا لعنه الأرض ومن تحتها ومن فوقها.
70 - أبى رحمه الله قال: حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبيه رفعه قال: قال أبو جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ويل لمن يختال في الأرض معارض جبار السماوات والأرض.
71 - في أمالي الصدوق رحمه الله في مناهى النبي صلى الله عليه وآله: ونهى أن يختال الرجل في مشيته وقال: من لبس ثوبا فاغتال فيه خسف الله به من شفير جهنم، وكان قرين قارون لأنه أول من اختال، فخسف الله به وبداره الأرض، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته.
وفى من لا يحضره الفقيه مثله سواء.
72 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام بعد أن قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها وفرض على الرجلين ان لا يمشى بها إلى شئ من معاصي الله، و فرض عليهما المشي إلى ما يرضى الله عز وجل فقال: (ولا تمش في الأرض مرحا انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) وقال: واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان أنكر الأصوات لصوت الحمير.
73 - في كتاب الخصال عن أبي الحسن عليه السلام قال: سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن.
74 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: (واقصد في مشيك) أي لا تعجل (واغضض من صوتك) أي لا ترفعه (ان أنكر الأصوات لصوت الحمير) وروى فيه غير هذا أيضا.
75 - في أصول الكافي أحمد بن محمد الكوفي عن علي بن الحسن عن علي بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (ان أنكر الأصوات لصوت الحمير) قال: العطسة القبيحة.
76 - في مجمع البيان (ان أنكر الأصوات لصوت الحمير) وروى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هي العطسة المرتفعة القبيحة، والرجل يرفع صوته بالحديث رفعا قبيحا الا أن يكون داعيا أو يقرأ القرآن.
77 - في من لا يحضره الفقيه ومن ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله الموجزة التي لم يسبق إليها: اليد العليا خير من اليد السفلى * ما قل وكفى خير مما كثر وألهى * خير الزاد التقوى * رأس الحكمة مخافة الله عز وجل * خير ما ألقى في القلب اليقين * الارتياب من الكفر * النياحة من عمل الجاهلية * السحر جمر النار * الشعر من إبليس * الخمر جماع الآثام * النساء حبالة الشيطان * الشباب شعبة من الجنون * شر المكاسب كسب الربا * شر المآكل أكل مال اليتيم ظلما * السعيد من وعظ بغيره * الشقي من شقى في بطن أمه * مصيركم إلى أربعة أذرع * أربى الربا الكذب * سباب المؤمن فسوق * قتال المؤمن كفر * أكل لحمه من معصية الله عز وجل * حرمة ماله كحرمة دمه * من كظم الغيظ يأجره الله عز وجل * من يصبر على الرزية يعوضه الله * الان حمى الوطيس (3) * لا يلسع المؤمن من جحر مرتين (4) * لا يجنى على المرء الا يده * الشديد من غلب نفسه * ليس الخبر كالمعاينة * اللهم بارك لامتي في بكورها يوم سبتها وخميسها * المجالس بالأمانة * سيد القوم خادمهم * لو بغى جبل على جبل لجعله الله دكا * ابدأ بمن تعول (5) الحرب خدعة * المسلم مرآة لأخيه * مات حتف أنفه (6) * البلاء موكل بالمنطق * الناس كأسنان المشط سواء * أي داء أدوى من البخل * الحياء خير كله * اليمين الفاجرة تدع الديار من أهلها بلاقع (7) * أعجل الشر عقوبة البغى * أسرع الخير ثوابا البر * المسلمون عند شروطهم * ان من الشعر لحكمة وان من البيان لسحرا * ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء * من قتل دون ماله فهو شهيد * العائد في هبته كالعائد في قيئه (8) * لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث * من لا يرحم ولا يرحم * الندم توبة * الولد للفراش وللعاهر الحجر * الدال على الخير كفاعله * حبك الشئ يعمى ويصم * لا يشكر الله من لا يشكر الناس * لا يؤوى الضالة الا الضال * اتقوا النار ولو بشق تمرة * الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف * مطل الغنى ظلم (9) * السفر قطعة من العذاب * الناس معادن كمعادن الذهب والفضة * صاحب المجلس أحق بصدر مجلسه * احثوا في وجوه المداحين التراب * استنزلوا الرزق بالصدقة * ادفعوا البلاء بالدعاء * جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها * ما نقص مال من صدقة * لا صدقة وذو رحم محتاج * الصحة والفراغ نعمتان مكفورتان (10) * عفو الملك عقال الملك * هبة الرجل لزوجته تزيد في عفتها * لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
78 - وفيه وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصية لابنه محمد بن الحنفية: يا بنى إياك والاتكال على الأماني فإنها بضائع النوكى وتثبط عن الآخرة (11) يا بنى لاشرف أعلى من الاسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا كنز أغنى من القنوع ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة، وتبوأ خفض الدعة (12) يا بنى الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك، فإن لم تأته أتاك، فلا تحمل هم سنتك على هم يومك كفاك كل يوم ما هو فيه، فان تكن السنة من عمرك فان الله عز وجل سيأتيك في كل غد بجديد ما قسم لك، وان لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بغم وهم ما ليس لك، واعلم أن لن يسبقك إلى رزقك طالب، ولن يغلبك عليه غالب، ولن يحتجب عنك ما قدر لك، فكم رأيت من طالب متعب نفسه مقتر عليه رزقه (13) ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير، وكل مقرون به الفناء اليوم لك وأنت من بلوغ غد على غير يقين، ولرب مستقبل يوما ليس بمستدبره ومغبوط في أول ليلة قام في آخرها بواكيه، فلا يغرنكم من الله طول حلول النعم وأبطأء موارد النقم، فإنه لو خشي الفوت عاجل بالعقوبة قبل الموت، يا بنى اقبل من الحكماء مواعظهم وتدبر أحكامهم، واعلم أن رأس العقل بعد الايمان بالله عز وجل مداراة الناس، ولا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لابد من معاشرته حتى يجعل الله إلى الخلاص منه سبيلا، فانى وجدت جميع ما يتعايش به الناس وبه يتعاشرون ملء مكيال، ثلثاه استحسان وثلثه تغافل، اعلم يا بنى انه لابد لك من حسن الارتياد (14) وبلاغك من الزاد مع خفة الظهر، فلا تحمل على ظهرك فوق طاقتك فيكون عليك ثقلا في حشرك ونشرك في القيامة، فبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد يا بنى البغى سائق إلى الحين (15) لن يهلك امرء عرف قدره من حصن شهوته صان قدره. قيمة كل امرء ما يحسن. الاعتبار يفيدك الرشاد. يا بنى إذا قويت فاقو على طاعة الله عز وجل وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله عز وجل.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وهذه الوصية الشريفة طويلة وفيها مناهل خير الدنيا والآخرة لوراد العلم والعمل وأخذنا منها ما أخذنا تيمنا وتبركا.
1. حنتمة بنت ذي الحرمين أم عمر بن الخطاب. .
2. المخيلة: الكبر .
3. الوطيس: التنور. المعركة يضرب مثلا للحرب إذا اشتد قال ابن منظور: وهي كلمة لم تسمع الا منه، وهو من فصيح الكلام عبر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق (انتهى) وهذا من كلامه صلى الله عليه وآله في غزوة حنين حين ما رجع الناس بنداء عباس بن عبد المطلب بعد الهزيمة وشرعوا في القتال فأشرف النبي صلى الله عليه وآله في ركائبه فنظر إلى المعركة وهم يقتتلون فقال: الان حمى الوطيس. .
4. قال الجزري: في الحديث: لا يلسع المؤمن من جحر مرتين وفى رواية لا يلدغ اللسع واللدغ سواء والجحر: ثقب الحية وهو استعارة هيهنا أي لا يدهى المؤمن من جهة واحدة مرتين فإنه بالأولى يعتبر، قال الخطابي يروى بضم العين وكسرها، فالضم على وجه الخبر ومعناه ان المؤمن هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من جهة الغفلة فيخدع مرة بعد مرة وهو لا يفطن لذلك ولا يشعر به والمراد به الخداع في أمر الدين لا أمر الدنيا واما الكسر فعلى وجه النهى أي لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه أو سر وهو لا يشعر به وليكن فطنا حذرا وهذا التأويل يصلح أن يكون لأمر الدين والدنيا معا. .
5. أي ابدأ بمن تمؤن وتلزمك نفقته من عيالك، فان فضل شئ فليكن للأجانب. .
6. الحتف: الموت، ومات حتف أنفه أي بلا ضرب ولا قتل. وقيل إذا مات فجأة، وهذا الكلام ورد في ما روى عنه صلى الله عليه وآله من قوله: من مات حتف أنفه في سبيل الله فقد وقع اجره على الله قال أبو عبيد على ما حكى عنه هو أن يموت موتا على فراشه من غير قتل ولا غرق ولا سبع ولا غيره، وقال ابن الأثير: هو أن يموت على فراشه كأنه سقط لاتفه فمات. والحتف الهلاك، كانوا يتخيلون ان روح لمريض تخرج من انفه فان جرح خرجت من جراحته. .
7. البلقع: الأرض القفر التي لا شئ بها. قال الطريحي (ره): في الحديث: اليمين الكاذبة تذر الديار بلاقع أي خالية وهو كناية عن خرابها وابادة أهلها يريد ان الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق والمال سوى ما ذخر له من الاثم، وقيل: هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه. .
8. كذا في الأصل ويوافقه المصدر وفى نسخة (في فيه). .
9. المطل: التسويف والمدافعة بالعدة والدين وتطويل المدة التي يضربها الغريم للطالب. .
10. أي غير مشكورتين. .
11. الانكال: الاعتماد والأماني جمع الأمنية: التمني، والنوكي بالفتح جمع الأنوك وهو الأحمق، والتثبيط: التعويق عن الآخرة قال الفيض (ره) في الوافي أي عن عملها وفى بعض النسخ تقنط عن الآخرة والأول أظهر. .
12. خفض الدعة: سعة العيش. .
13. قتر على عياله: ضيق عليهم في النفقة. .
14. الارتياد بمعنى الطلب. .
15. الحين بفتح الحاء -: الهلاك. .