تفسير سورة لقمان

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة لقمان في ليلة وكل الله به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح، فإذا قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسى.

2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة، وأعطى من الحسنات عشرا بعدد من عمل بالمعروف وعمل المنكر.

3 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن المغيرة عن يحيى ابن عبادة عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: قوله عز وجل: ومن الناس من يشترى لهو الحديث قال: منه الغنا.

4 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن كسب المغنيات؟فقال: التي يدخل عليها الرجال حرام، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس، وهو قول الله عز وجل: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).

5 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن إسماعيل عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الغنا مما أوعد الله عز وجل عليه النار وتلا هذه الآية: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين).

6 - ابن أبي عمير عن مهران بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: الغنا مما قال الله: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).

7 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الوشا قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الغنا فقال: هو قول الله عز وجل: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله).

8 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مهران بن محمد عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الغنا مجلس لا ينظر الله إلى أهله وهو مما قال الله عز وجل: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).

9 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم) فهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة من بنى عبد الدار بن قصي وكان النضر ذا رواية لأحاديث الناس وأشعارهم يقول الله عز وجل: وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في اذنيه وقرا فبشره بعذاب اليم.

10 - في مجمع البيان وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث) الآية.

11 - وروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: هو الطعن في الحق والاستهزاء به وما كان أبو جهل وأصحابه يحيون به إذ قال: يا معاشر قريش الا أطعمكم من الزقوم الذي يخوفكم به صاحبكم؟ثم ارسل إلى زبد وتمر فقال: هذا هو الزقوم الذي يخوفكم به. قال: ومنه الغنا.

12 - وروى الواحدي بالاسناد عن نافع عن ابن عمر انه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول في هذه الآية: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث) قال: باللعب والباطل كثيرا لنفقة سمح فيه، ولا تطيب نفسه بدرهم يتصدق به.

13 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قلت له: أخبرني عن قوله تعالى: (والسماء ذات الحبك) فقال: هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه، فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول: رفع السماء بغير عمد ترونها فقال: سبحان الله أليس يقول بغير عمد ترونها؟فقلت: بلى فقال: فثم عمد ولكن لا ترونها.

14 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد، قائمات بلا سند.

15 - وفيه كلام له عليه السلام يذكر فيه خلق السماوات: جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا بغير عمد ترونها ولا دسار (1) ينتظمها.

16 - في كتاب الاهليليجة قال الصادق عليه السلام: فنظرت العين إلى خلق مختلف متصل بعضه ببعض ودلها القلب على أن لذلك خالقا، وذلك أنه فكر حيث دلته العين على ما عاينت من عظم السماء وارتفاعها في الهواء بغير عمد ولا دعامة تمسكها، وانها لا تتأخر فتنكشط (2) ولا يتقدم فتزول، ولا تهبط مرة فتدنو ولا ترتفع فلا ترى.

17 - في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام ان الله قال: ولقد آتينا لقمان الحكمة قال: الفهم والعقل.

18 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن علي بن محمد عن بكر بن صالح عن جعفر بن يحيى عن علي بن النضر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك ما تقول في قوله: (ولقد آتينا لقمان الحكمة) قال: أوتي معرفة امام زمانه.

19 - في مجمع البيان واختلف فيه فقيل: انه كان حكيما ولم يكن نبيا عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأكثر المفسرين وقيل إنه كان نبيا عن عكرمة والسدي والشعبي إلى قوله: وروى عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: حقا أقول لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين أحب الله فأحبه، ومن عليه بالحكمة كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟فأجاب الصوت: إن خيرني ربى قبلت العافية ولم أقبل البلاء، وان هو عزم على فسمعا وطاعة فانى أعلم انه ان فعل بي ذلك أعانني وعصمني فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لم يا لقمان؟قال لان الحكم أشد المنازل وآكدها يغشاه الظلم من كل مكان، ان وفى فبالحري أن ينجو وان أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا وفى الآخرة شريفا خير من أن يكون في الدنيا شريفا وفى الآخرة ذليلا، ومن تخير الدنيا على الآخرة نفته الدنيا ولا يصيب الآخرة، فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فأعطى الحكمة فانتبه يتكلم بها ثم كان يوازر داود بحكمته فقال له داود: طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى.

20 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حماد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل، فقال: أما والله ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله ساكتا مستكينا عميق النظر طويل الفكر حديد النظر، مستغن بالعبر لم ينم نهارا قط، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال، لشدة تستره وعموق نظره وتحفظه في امره ولم يضحك من شئ قط مخافة الاثم، ولم يغضب قط ولم يمازح انسانا قط، ولم يفرح بشئ اتاه من أمر الدنيا ولا حزن منها على شئ قط، وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد الكثير وقدم أكثرهم افراطا فما بكى على موت أحد منهم ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان الا أصلح بينهما، ولم يمض عنهما حتى تحابا (3) ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه الا سأل عن تفسيره وعمن أخذه، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين فيرثى للقضاة مما ابتلوا به، ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه، ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان، وكان يداوى قلبه بالفكر ويداوى نفسه بالعبر، وكان لا يظعن الا فيما يعنيه فبذلك أوتى الحكمة ومنح العصمة، وان الله تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة (4) فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم، فقالوا: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟فقال لقمان: ان امرني الله بذلك فالسمع والطاعة لأنه ان فعل ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني، وان هو خيرني قبلت العافية، فقالت الملائكة: يا لقمان لم؟قال: لان الحكم بين الناس بأشد المنازل وأكثر فتنا وبلاءا يخذل و لا يغان (5) ويغشاه الظلم من كل مكان وصاحبه فيه بين أمرين ان أصاب فيه الحق فبالحري أن يسلم، وان أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا ضعيفا كان أهون عليه في المعاد من أن يكون حكما سريا شريفا (6) ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتاهما، تزول هذه ولا يدرك تلك، قال فتعجب الملائكة من حكمته واستحسن الرحمن منطقه، فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم، وغطاه بالحكمة غطاء، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه، وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبثها فيها (7) قال: فلما أوتي الحكم بالخلافة ولم يقبلها أمر الله عز وجل الملائكة فنادت داود عليه السلام بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله عز وجل الخلافة في الأرض وابتلى بها غير مرة كل ذلك يهوى في الخطاء، يقيله الله تعالى ويغفر له، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليه السلام ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه، وكان داود عليه السلام يقول له: طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة وصرفت عنك البلية، وأعطى داود عليه السلام الخلافة وابتلى بالحكم والفتنة. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنى لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم قال: فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تقطر وانشق (8) وكان فيما وعظه به يا حماد أن قال: يا بنى انك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد. يا بنى جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، ولا تجادلهم فيمنعوك، وخذ من الدنيا بلاغا ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك، وصم صوما يقطع شهوتك ولا تصم صياما يمنعك من الصلاة. فان الصلاة أحب إلى الله من الصيام، يا بنى ان الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الايمان، واجعل شراعها التوكل، واجعل زادك فيها تقوى الله، فان نجوت فبرحمة الله وان هلكت فبذنوبك، يا بنى ان تأدبت صغيرا انتفعت كثيرا، ومن عنى بالأدب اهتم به ومن اهتم به تكلف علمه، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه، ومن اشتد طلبه أدرك منفعته، فاتخذه عادة فإنك تخلف في سلفك، وينتفع به من خلفك، ويرتجيك فيه راغب ويخشى صولتك راهب، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره، فان غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة، وإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا في طلب العلم فإنك لن تجد له تضييعا أشد من تركه، ولا تمارين فيه لجوجا ولا تجادلن فقيها، ولا تعادين سلطانا، ولا تماشين ظلوما و لا تصادقنه، ولا تصاحبن فاسقا ناطقا، ولا تصاحبن متهما، واخزن علمك كما تخزن ورقك. يا بنى خف الله عز وجل خوفا لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت ان يعذبك، و ارج الله رجاء لو وافيت القيامة باثم الثقلين رجوت ان يغفر الله لك، فقال له ابنه: يا أبة و كيف أطيق هذا وانما لي قلب واحد؟فقال له لقمان: يا بنى لو أستخرج قلب المؤمن يوجد فيه نوران، نور للخوف ونور للرجاء، لو وزنا لما رجح أحدهما على الاخر بمثقال ذرة، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله عز وجل، ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فان هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض، فمن يؤمن بالله ايمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا، فقد آمن بالله صادقا. ومن أطاع الله خافه، ومن خافه فقد أحبه، ومن أحبه فقد اتبع أمره، ومن اتبع امره استوجب جنته ومرضاته. ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه، نعوذ بالله من سخط الله، يا بنى لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها الا ترى انه لم يجعل نعيمها ثواب المطيعين، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.

21 - في من لا يحضره الفقيه في الحقوق المروية عن سيد العابدين عليه السلام حق الله الأكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئا فإذا فعلت ذلك باخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة.

22 - في أصول الكافي يونس عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن من الكبائر عقوق الوالدين واليأس من روح الله والامن من مكر الله وقد روى أكبر الكبائر الشرك بالله.

23 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن هارون بن الجهم عن المفضل بن صالح عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال: الظلم ثلاثة ظلم يغفره الله، وظلم لا يغفره وظلم لا يدعه الله، فاما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك واما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله، فاما الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد.


1. الدسار: المسمار. .

2. كشطت السماء: قلعت وانكشط مطاوع كشط. .

3. كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا المنقول عنه في البحار (تحاجزا) وفسره المجلسي (ره) أي تصالحا وتمانعا. .

4. هدأت العيون أي سكنت، والقائلة: منتصف النهار. .

5. كذا في نسخة الأصل وفى نسخة (بأشد ما يخذل) وفى المصدر والمنقول عنه في البحار (وأكثر فتنا وبلاء ما يخذل... اه) وذكر المجلسي (ره) له احتمالات ثلثه فراجع ان شئت. .

6. السرى: السيد الشريف. .

7. وفى البحار (ويبنيها فيها) وفسره المجلسي (ره) بقوله أي في جماعة الناس أو في الدنيا. .

8. كناية عن غاية تأثير الحكمة فيه. .