مقدمة

اللهم صل على محمد وآله واهدنا بهم إلى كتابك الكريم وصراطك المستقيم ونور قلوبنا بنور التمسك بهذين الثقلين الذين لا يفترقان إلى يوم لقائك انك رؤوف رحيم اما بعد فان أحسن القول وأجمل الحديث ما أنبأ عن الحق ولازم الصدق وعم نفعه وأمن ضره ولم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو كلام الله العزيز والصحيح المأثور من حديث نبيه وآله.

وكما حبا الله سبحانه هذه الأمة بنعمته وأتمها أدام نعمته عليهم بما بعث في كل برهة جماعة من رجال العلم وحملة الحديث على تحمل كل مشقة في حفظها وبذل الجهد في تعاطيها ونقلها ونشر بركاتها.

هاتيك آيات العلم لا تنسخ منها آية الا أتى الله بأخرى منها وهو القائل عز من قائل: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ولا يأتي الله أرضها ينقصها من أطرافها شيئا الا أوسع في ارجاء سمائها أشياء وهو القائل جل وعز: (والسماء بنيناها بأيد وانا لموسعون).

ومن أحسن ما جمعته أزمنة المجاهدة بعواملها وخطته أيدي التحقيق بأناملها في هذا الشأن - أو هو أحسنه - هو كتاب نور الثقلين لشيخنا الفقيه المحدث البارع الشيخ عبد على الحويزي ثم الشيرازي قدس الله نفسه وروح رمسه الذي جادبه عصر أساطين الحديث وجهابذة الرواية وهو النصف الأخير القرن الحادي عشر من الهجرة تقريبا الذي سمح بمثل مولانا المجلسي صاحب البحار ومولانا الفيض صاحب الوافي وشيخنا الحر العاملي صاحب الوسائل وسيدنا السيد هاشم البحراني صاحب البرهان رضوان الله عليهم أجمعين ولعمري انه الكتاب القيم الذي جمع فيه مؤلفه شتات الأخبار الواردة في تفسير آيات الكتاب العزيز وأودع عامة الأحاديث المأثورة عن أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم الا ما شذ منها ولقد أجاد في ضبطها وترتيبها والإشارة إلى مصادرها والجوامع المنقولة هي عنها، وبذل جهدا في تهذيبها وتنقيحها جزاه الله عن العلم وأهله خيرا وهدانا بنور الثقلين وأحيا قلوبنا بالعلم واليقين آمين.

محمد حسين الطباطبائي 15 ذي الحجة 1382 هجرية قمرية مصادر التصحيح اعتمدت في تصحيح الكتاب: أولا على نسخة مصححة عتيقة للعلامة النسابة آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله العالي.

وثانيا على نسخة ثمينة عتيقة للعلامة الحجة آية الله السيد حسين الخادمي الأصفهاني دام ظله.

وثالثا على نسخة مصححة ثمينة للعالم الجليل السيد مرتضى المدرسي الچهاردهى دامت بركاته.

وقد راجعت مصادر الكتاب على كثرتها حين المقابلة والتصحيح وذكرت موارد الاختلاف في الذيل وشرحت المجملات وكشفت القناع عن المعضلات حسب الوسع والطاقة مع قلة البضاعة وعظم شأن الصناعة وقاسيت المشاق العظيمة - بعونه تعالى وله الحمد - حتى خرج الجزء الأول من الطبع بهذه الصورة وستصدر الاجزاء الآتية إن شاء الله وأسأله تعالى ان يوفقنا وجميع اخواننا المشتغلين بتحصيل العلوم الدينية لخدمة الدين واحياء آثار سيد المرسلين وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين آمين.

العبد السيد هاشم الرسولي المحلاتي 25 ربيع الأول 1383 تنبيه كلما وقع بين المعقفتين في المتن هكذا .... فهو مما يوجد في بعض النسخ دون بعض.

كتاب تفسير نور الثقلين لمؤلفه العلامة الخبير والمحدث النحرير الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي قدس سره المتوفى سنة 1112 الطبعة الثانية صححه وعلق عليه الفاضل المحقق الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي بنفقة الحاج أبى القاسم المشتهر بسالك وفقه الله تعالى لمرضاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، واشهد عليهم أمة وسطا قد جعلهم هداة وقمرا منيرا، ومنارا لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وصلى الله على محمد وعترته الحجج بما أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، المطعمين الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا، قرن طاعتهم بطاعته بأبلغ بيان وأحسن تفسيرا.

وبعد فيقول العبد المذنب الفقير المقر بالتقصير عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي: انى لما رأيت خدمة كتاب الله والمقتبسين من أنوار وحى الله، سلكوا مسالك مختلفة، فمنهم من اقتصر على ذكر عربيته ومعاني ألفاظه، ومنهم من اقتصر على بيان التراكيب النحوية، ومنهم من اقتصر على استخراج المسائل الصرفية، ومنهم من استفرغ وسعه فيما يتعلق بالاعراب والتصريف، ومنهم من استكثر من علم اللغة واشتقاق الألفاظ ومنهم من صرف همته إلى ما يتعلق بالمعاني الكلامية، ومنهم من قرن بين فنون عديدة أحببت ان أضيف إلى بعض آيات الكتاب المبين شيئا من آثار أهل الذكر المنتجبين ما يكون مبديا بشموس بعض التنزيل، وكاشفا عن اسرار بعض التأويل، واما ما نقلت مما ظاهره يخالف لاجماع الطايفة المحقة فلم اقصد به بيان اعتقاد ولا عمل، وانما أوردته ليعلم الناظر المطلع كيف نقل وعمن نقل، ليطلب له من التوجيه ما يخرجه من ذلك مع انى لم أخل موضعا من تلك المواضع عن نقل ما يضاده، ويكون عليه المعول في الكشف والابداء وإذا رأى الناظر في هذا الكتاب نقلا عن تفسير علي بن إبراهيم أو مجمع البيان ولم يره في مثل موضع نقلته إليه منهما، فليعلم انى نقلته من غير ذلك الموضع لأنهما قدس الله سرهما كثيرا ما ينقلان الحديث مشتملا على الإشارة الا عدة آيات عند احديها، ويخليان منه ومن بعضه ما عداها وربما رأيت بعض الأخبار في موضع رأيت ذكره في غيره انسب بالمقام، وأطبق لظاهر الكلام.

ومن مذهبي حب الديار وأهلها * وللناس فيما يعشقون مذاهب فاشتغلت بذلك برهة من الزمان، مع تفاقم المحن والأحزان.

وتتابع المصايب والأشجان، فجمعت مع قلة البضاعة وعدم الوقوف على حاق الصناعة ما قسم لي من أفضاله وما استحقه من نواله، وسميته نور الثقلين راجيا مطابقته للمعنى، وان تحل ركايبه في مواقف المغنى، واسأله ان يجعله مقبولا لديه، ووسيلة يوم العرض بين يديه فأقول وبالله التوفيق والهداية إلى سواء الطريق، وعليه التوكل في القول والعمل والعصمة عن الخطاء والزلل: